ما رأيكم فيمَن يرفض فكرة التعدُّد بما ورد عن علي - رضي الله عنه - أنه أراد أن يتزوَّج على فاطمة - رضي الله عنها - ، فأبى - عليه الصلاة والسلام - ذلك ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما رأيكم فيمَن يرفض فكرة التعدُّد بما ورد عن علي - رضي الله عنه - أنه أراد أن يتزوَّج على فاطمة - رضي الله عنها - ، فأبى - عليه الصلاة والسلام - ذلك ؟
A-
A=
A+
السائل : بالنسبة لقانون الأحوال الشخصية في مصر كان إذا أراد الرجل أن يتزوَّج على زوجته أن يستأذن منها ، واستدلُّوا بعض العلماء بحديث فاطمة لما الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال علي بن أبي طالب إذا أردت أن تتزوَّج عليها فطلِّق ابنتي ... .

الشيخ : نعم ، الحديث في " صحيح البخاري " ، ولكن الاستدلال به خطأ جليٌّ ، أوَّلًا : لعموم قوله - تعالى - : (( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ )) ، ولم يأتِ في السنة إطلاقًا أنه يجب على الزوج إذا أراد أن يتزوَّج على زوجته زوجةً أخرى أن يستأذنها . وثانيًا : هذا الحديث الذي تشير إليه فهو حكم خاصٌّ برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، والعلَّة مذكورة في نفس الحديث ؛ حيث قال - عليه الصلاة والسلام - : ( إنَّ فاطمة بضعةٌ منِّي ، يُريبني ما يُريبها ، ويُؤذيني ما يُؤذيها ) .

فهذا الحكم أشبه ببعض الأحكام الأخرى التي خُصَّ بها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وبعض هذا البعض تعدَّى الرسول - عليه السلام - إلى أهل بيته ؛ كتحريم الزكاة - مثلًا - عليهم جميعًا ، فمن الأحكام الخاصَّة به - عليه السلام - أنه لا يجوز لصهر من أصهاره الذي تزوَّج بنتًا من بناته أن يتزوَّج عليها لِمَا هو معلوم ما يقع بين الضَّرائر عادةً ، ولو كنَّ مؤمنات صالحات كأمثال أزواج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ومع ذلك فلا يخلو أن يقع بينهنَّ شيء من المجافاة ومن الغيرة حتَّى وصل الأمر ببعضهنَّ أن يقول في صفيَّة : هذه اليهودية ، إشارة إلى أصلها حينما كانت يهودية قبل أن تسلم لما صارت زوجةً للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فلما كان هذا أمرًا معروفًا ومشاهدًا لما يقع بين الضَّرائر فالرسول - صلى الله عليه وسلم - تصوَّر هذا الذي سيقع في ما لو أن عليًّا - رضي الله عنه - تزوَّج على السيدة فاطمة ، وهو كان - عليه السلام - بلغه أنه يريد أن يتزوَّج ببنت أبي جهل ، طبعًا هي مسلمة ، وهي صحابية فاضلة ، فنهاه الرسول - عليه السلام - وقال : ( ما كان لبنتِ أبي جهل أن تجتمعَ مع فاطمة ) ... قطعة من بدنه - عليه السلام - ، وأنه يؤذيه ما يؤذيها ، فحينما يريد علي - رضي الله عنه - أن يتزوَّج أخرى على فاطمة ولا شك أنه ستتأذَّى فاطمة ولو في بعض الأحيان ، فيسري هذا الإيذاء منها إلى أبيها وإلى نبيِّنا - صلوات الله وسلامه عليه - ، وفي ذلك خطر كبير على عليٍّ نفسه ؛ لأن إيذاء الرسول - عليه السلام - كما لا يخفاكم جميعًا ليس كإيذاء أيِّ مسلم ؛ لهذا كان هذا الحكم حكمًا خاصًّا ، فلا يجوز أن نعدِّيَ به وأن ننتقل به إلى أيِّ فرد من أفراد المسلمين .

والحقيقة أن الاستدلال بهذا الحديث هو من فتن هذا الزمان حيث يُصار فيه إلى تأويل النُّصوص وتحريفها عن دلائلها الصحيحة لتأييد بعض الانحرافات التَّشريعية أو القانونية ، وكلُّ ذلك بسبب انجراف بعض أو كثير من المسلمين من الخاصة فضلًا عن العامة مع التيار الغربي الكافر الذي يحارب التثنية ؛ فضلًا عن أن يتزوَّج المسلم من الزوجات أربعًا ، فهذا في الواقع انحراف خطير لا يجوز للمسلم أن يغترَّ به ، وحسبنا في ذلك الآية السابقة : (( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ )) ، ولا يخفى عليكم جميعًا أن هذا الأمر هو أمر في أقلِّ أحواله بالإباحة ، وفي أحسن أحواله - وهو الراجح عندنا - الاستحباب ، ولكن بالشرط المعروف ؛ وهو العدل بين الزوجات مَن كان يستطيع ذلك .

غيره ؟

مواضيع متعلقة