قال الله - تعالى - : (( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ )) ، ما رأي السلف في الانشقاق ؟ وكيف يمكن للمرء أن يجيب الذين يدَّعون وصول الإنسان إلى القمر ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
قال الله - تعالى - : (( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ )) ، ما رأي السلف في الانشقاق ؟ وكيف يمكن للمرء أن يجيب الذين يدَّعون وصول الإنسان إلى القمر ؟
A-
A=
A+
الشيخ : (( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ )) ، ما رأي السلف بالانشقاق ؟ وكيف يمكن للمرء أن يجيب المتفرِّجين الذين يدَّعون بوصول الإنسان إلى القمر ؟

شو هالمشكلة هَيْ ؟

رأي السلف بلا شك أنَّ القمر انشقَّ بلا شك ؛ أوَّلًا : لهذه الآية ؛ لأنها صريحة بالإخبار ، (( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ )) . ثانيًا : لمجيء أحاديث في " الصحيحين " وغيرهما من حديث ابن مسعود وأنس بن مالك وغيرهما - أيضًا - ممَّن لا يحضرني اسمه كلهم قالوا : إن المشركين طلبوا آيةً من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فأشار إلى القمر ، فانفلق فلقتَين حتى سقطَتْ فلقة خلف الجبل ، هذا حديث صحيح وتلقَّتْه الأمة بالقبول ، وهو مفسِّر لهذه الآية : (( وَانْشَقَّ الْقَمَرُ )) ، فلا إشكال عندنا في هذه المعجزة من عشرات بل معجزات بل مئات المعجزات الثابتة للرسول - عليه الصلاة والسلام - .

أما قول السَّائل : كيف يمكن للمرء أن يجيب المتفرِّجين الذين يدَّعون الوصول للقمر ؟

هل نحن بصفتنا مسلمين مُكلَّفون أوَّلًا أن نقنِعَ كل كافر بكلِّ حقيقة شرعية عندنا ؟ الجواب : لا . وثانيًا : هل أصول البحث السليم أن نبدأ في البحث مع الكافر في جزئية من جزئيات الدين أم نبدأ معه في أصل الأصول ؛ فنبدأ أوَّلًا بإيمانه بالله ، هل هو مؤمن أم ملحد ؟ فإذا كان مؤمنًا خَطَونا خطوة ثانية ؛ هل هو مؤمن بالأنبياء والرسل أم هو كافر ؟ فإذا كان مؤمنًا انتقلنا إلى إيمانه بالإسلام بالقرآن والسنة ، حين ذاك تنتهي المشكلة بطبيعة الحال ، لكن إن لم يكن مؤمنًا بشيء من هذه الحقائق فلا يجوز أن نبدأ معه بمشكلة انشقاق القمر ، وإنما نبدأ بالأهمِّ ثم الذي دونه وهكذا .

لذلك فأنا أنصح السَّائل بأنُّو لا يعتبر مشكلة أنه لا يستطيع أن يُقنِعَ الكافر بانشقاق القمر ؛ لأن انشقاق القمر لا شيء بالنسبة لإنكارهم وجود خالق القمر ، وجود هذا الخالق العظيم الذين علَّمَ الإنسان ما لم يعلم ، مكَّنه من الصعود إلى القمر ؛ فهذه نعمة امتَنَّ الله بها على عباده ، فجحدوها وكفروا بها ، فنسوا الله فنَسِيَهم ؛ لذلك لا يستغرب السَّائل أنه لا يمكن للمسلم أن يقنِعَ الكافر بوقوع هذه المعجزة ؛ لأنُّو هذه ثانوية بالنسبة للحقائق الشرعية الأخرى التي هي أهمُّ من هذه .

ثم يبدو من سؤال السَّائل بأنه يظنُّ ويتوهَّم أن القمر لما انشقَّ صار ، شو بدي أقول لك ؟ مثل الشجرة إذا شقيتها ، فبتلتحم هي ، لكن يبقى فيها إيش ؟ يبقى فيها أثر الالتحام ، فكأن السَّائل يتصور أنُّو الله - عز وجل - الذي جعَلَ القمر بقدرته فلقتَين هو عاجز عن أن يُعِيدَ الفلقة إلى أختها ، فيصبح القمر كما كان من قبل بحيث أنه يتمكَّن الإنسان في تلك اللحظة لحظة التحام كلٍّ من الفلقتين بالأخرى لا يرى أثر إيش ؟ الانفلاق ، كأنه السَّائل يظن أنُّو لا بد أن يكون هناك فجَّة عميقة جدًّا يظهر لهؤلاء الذين ركبوا القمر اليوم أنُّو فعلًا طلع انشقاق ، مش ضروري ... يتصوَّر هذا التصور . أنا لا أقول : هذا مستحيل ، ممكن أن يكون هناك في الحقيقة أثر للشَّقِّ ، ولعله يظهر ، وممكن أن لا يكون له أثر ؛ إذًا ما هي الخطورة التي تصوَّرها أخونا السَّائل !

على أنُّو - يا إخواننا - الحقيقة نحن بسبب ضعفنا نحن المسلمين ، بسبب عدم ثقتنا بأنفسنا أوَّلًا ، وثقتنا العمياء بهؤلاء الكفار ؛ نعطيهم من الثقة ومن العلم أكثر ممَّا هم يعترفون به لأنفسهم ، كون الإنسان هذا الكافر صعد على القمر ؛ فهل اكتشف القمر كله ؟ هل تُرى أحاط بوجهَي القمر كما يُقال اليوم أحاط بها مسحًا وسياحة وكشفًا ؟ أنا على قلَّة ما أقرأ وأطَّلع ما علمت هذا ، وظني أنهم ما اكتشفوا من القمر حتى اليوم إلا كما يقول العامة : " إلا من الجمل أذنه " ؛ فإذًا ضروري أن يظهر لهم هذا الشَّق لو كان له أثر ؟ ما هو ضروري .

الخلاصة : هذه مسألة أرى أنُّو - إخواننا - ما يشغلوا بالهم فيها لأنها ثانوية جدًّا ، والمشكلة الكبرى أن نحاول إقناع هؤلاء عن الإسلام والإيمان به .

مواضيع متعلقة