في مسألة تعمُّد المعصية ؛ هل نقول إنَّ ما ورد فيه النص بالكفارة نقول به كحديث : ( من قال لصاحبه : تعالَ أقامِرْك فليتصدَّق ) ، وحديث : ( من أتى حائضًا فليتصدَّق بدينار أو نصف دينار ) ؟ وما ليس عليه كفَّارة لا نقول به ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
في مسألة تعمُّد المعصية ؛ هل نقول إنَّ ما ورد فيه النص بالكفارة نقول به كحديث : ( من قال لصاحبه : تعالَ أقامِرْك فليتصدَّق ) ، وحديث : ( من أتى حائضًا فليتصدَّق بدينار أو نصف دينار ) ؟ وما ليس عليه كفَّارة لا نقول به ؟
A-
A=
A+
الشيخ الحلبي : يا شيخ ، مسألة التعمُّد - يعني - عود على مسألة التعمد ، ألا يشكل عليها ، أو ألا يقال - يعني - وضعًا لإشكال على المسألة أنه ما ورد فيه النَّصُّ نقول به ؟ فإذا ورد أن هذه المعصية حتى لو كانت تعمُّدًا عليها كفارة قلنا به ، ولوكان ليس عليها كفارة لا نقول به ؟ مثلًا : مسألة الصيام ، ضربنا مسألة الصيام ، مسألة الصيام ما ورد فلا نُحدث شيئًا جزاءً لها ، والمسألة الثانية التي ضربناها ، إيش المسألة الثانية أستاذي مع الصيام ؟

سائل آخر : كفارة اليمين .

الشيخ الحلبي : إي كفارة اليمين فيها نصٌّ وهو : ( خمس ليس عليهنَّ كفارة ) فذكر منها اليمين الغموس ؛ ففيها نصٌّ ، فهذه نقولها ، وتلك لا نقول بها ، فقول النبي - عليه الصلاة والسلام - : ( من أتى حائضًا فليتصدَّق بدينار أو بنصف دينار ) فجاء يثبت ، فنثبته ؛ كمثل قول النبي - عليه الصلاة والسلام - : ( من قال لصاحبه : تعالَ أقامِرْك - وهي معصية - فليتصدَّق ) ؟

الشيخ : نعم ، بس فيه فرق يا أستاذ !

الشيخ الحلبي : تفضل شيخنا .

الشيخ : هل تعتقد أن الذي يقول لصاحبه : تعالَ أقامِرك ، وقد أُمر بأن يتصدَّق يتكرَّر منه هذا الكلام ؟

السائل : كيف يعني أستاذي ؟

الشيخ : هل يتكرَّر منه ؟ يعني واحد أخطأ وقال : تعالَ أقامِرك ، وبعدين نُبِّه أنه بيطلع عليك كفارة ؛ هل يعود إليها ؟

الشيخ الحلبي : الأصل فيه ألَّا يعود .

الشيخ : لا ، هل تتصوَّر بأنه يعود ؟

الشيخ الحلبي : يُتصوَّر شيخنا .

الشيخ : لا ما بيتصور .

سائل آخر : لا يعود .

الشيخ : لا يعود ، لأنه شوف يا أخي ، ومن هنا - ولا تؤاخذني - يظهر أثر قول الرسول : ( من يُرِدِ الله به خيرًا يُفقِّهْهُ في الدين ) ، التفقُّه شيء مهم جدًّا ، متى يعود الإنسان إلى شيء ؟ حينما يكون له فيه هوى ، هنا من قال لأخيه : تعالَ أقامرك ، هذا ليس فيه هوى ، وإنَّما هناك غلبة عادة جاهليَّة قديمة ، فيسبق على اللسان فيقول : تعالَ أقامِرْك ، فتهذيبًا لهم وتأديبًا لهم جاءت الكفارة ، لكن لما هالرجل هذا مسلم طبعًا ملتزم - كما يُقال اليوم - قيل له : الشرع يأمرك بأن تكفِّر ؛ ما الذي يحمله على أن يعود فيقع في نفس الخطأ الموجب لإيه ؟ للكفارة ؟ ليس هنا شهوة ، وإنما هنا عادة غالبة ، وهي حسب ما كانوا يعيشون فيه في الجاهلية ، لكن مسألتنا هنا تختلف كلَّ الاختلاف عن مسألة تعال أقامرك ، هنا في هوى ؛ ولذلك أنا عم أتصوَّر أن رجل لا يرتدع يطالع كفارة بعد كفارة ، وهو يأتي حلاله لكن في المكان المحرَّم إتيانه ؛ هذا ما بينجيه الكفارة فهو آثم ، ثم أنت تفهم معي شو معنى الكفارة ؟ كفارة إيش ؟

السائل : الذنب .

الشيخ : أليس كذلك ؟ طيب ؛ فنحن إذا تصوَّرنا الآن أن هذا الرجل دائمًا بيجامع زوجته لا يفرِّق بين الحلال والحرام ، وبيطالع القيمة التي تحدَّثنا عنها آنفًا ، وبخاصَّة إذا كان غنيًّا ، هذا ما تربى بهذه الكفارة ، المقصود بالتكفير هو تهذيب وتربية للنفس الأمَّارة بالسوء ، فإذا ما تربَّى ؛ حينئذٍ بدنا نرجع نقول : هذا آثم ، ولا تشفع له الكفارة ؛ فلا تكفِّر عنه ذنبه ؛ هذا الذي أدين الله به ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم .

السائل : جزاكم الله خيرًا .

مواضيع متعلقة