تكلم على حكم الاستعانة بالمشركين . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تكلم على حكم الاستعانة بالمشركين .
A-
A=
A+
الشيخ : ... هو الذي وضع تلك القاعدة التي لا يمكن المساس بها ألا وهي قوله عليه الصلاة و السلام: ( إنا لا نستعين بمشرك ) كما في صحيح مسلم ، هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ: ( إنا لا نستعين بمشرك ) ، ورواه أبو عبد الله الحاكم النيسابوري في كتابه المعروف بالمستدرك على الصحيحين بلفظ هو: ( إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين ) وسبب ورورده أن جماعة من المشركين جاؤوا إليه صلى الله عليه وآله وسلم يعرضون عليه أن يقاتلوا معه عدوا من المشركين فقال عليه الصلاة والسلام: ( إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين ) ، ولذلك فاستعانة الدولة الثانية بالمشركين من كل الشعوب الأمركيين أو البريطانيين وغيرهم مما سمعتم بأسمائهم هذا مخالفة صريحة لمثل هذا الحديث ، ونحن لا يفوتنا ما يشاع عن بعض الناس أنهم اعتمدوا على بعض الحوادث الخاصة التي وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فركنوا إليها وسوغوا بها استنجادهم واستعانتهم بهؤلاء الكفار. نقول: كل الحوادث الجزئية التي يمكن الاستدلال بها ما كان صحيحا منها إسنادا أو كان ضعيفا كلها ليس فيها ما يشبه جزء من ألف بل وأكثر من الاستعانة بهؤلاء الكفار الذين وقعت المشكلة في السعودية اليوم أشير بهذا إلى أن هناك فارقا كبيرا بين استدلال بعضهم مثلا باستعارة الرسول عليه السلام من صفوان بن أمية أسلحة أو دروعا منه كان صفوان يومئذ في مكة لا يزال مشركا فطلب منه عليه السلام ما كان عنده من دروع أو أسلحة ، تأملوا معي الآن الفرق الجوهري بين تلك الاستعانة وهذه الاستعانة لما طلب الرسول عليه السلام من صفوان ما طلب خشي أن يكون ذلك اعتداء منه عليه السلام على مال صفوان فقال: أغصبا يا محمد أم عارية مؤداة ؟ قال: ( بل عارية مؤداة ) ، الشاهد في قول صفوان أولا خشي أن الرسول عليه السلام سيصادر هذا المال من صفوان لماذا ؟ لأنه كان في موقف القوة وكان موقف الكافر المشرك في موقف الضعف ولذلك قال أتأخذ هذا مني مصادرة وغصب أم هو عارية مؤداة ، وما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغصب مال أحد بغير حق ولذلك قال له: (بل عارية مؤداة ) أما الآن فالقضية مقلوبة تماما إن استعانة المسلمين بالكافرين اليوم غير تلك الاستعانة تماما المستعين في موقف الضعف والمستعان به في موقف القوة إذا لم يكن مثل هذه الاستعانة هي المقصودة مباشرة بالحديثين السابقين ( إنا لا نستعين بمشرك ) أو ( إنا لا نستعين بالمشركين ) ، فمعنى ذلك تعطيل هذه القاعدة التي وضعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأننا لا نتصور استعانة أنكر وأعرق في الضلال وفي الآثار السيئة التي سنتنج من وراء هذه الاستعانة لا نتصور استعانة مثلها أبدا فكيف تستساغ وكيف تستجاز بمثل تلك الجزئية وما يشابهها حيث في كل الأجزاء المشار إليها قد كان الرسول عليه السلام في موقف القوة وكان أولئك الذين عرضوا على نبينا صلى الله عليه وسلم الإعانة في موقف الضعف وأرادوا بإعانتهم للرسول عليه السلام أن يجعلوا لهم عنده يدا ولذلك فشتان ما بين الاستعانتين ولا شك أن الأمر كما قيل قديما ونقف هنا قليلا أو كثيرا ما أدري حتى نستجيب لدعوة الطعام كما قيل قديما :

" سارت مشرقة وسرت مغربا *** شتان بين مشرق ومغرب "

أين قوله عليه السلام: ( إنا لا نستعين بمشرك ) وأين استعانة الرسول في تلك الحوادث الجزئية التي كان موقفه موقف القوة وموقفنا اليوم موقف الضعف وكما قيل أخيرا :

" فحسبكم هذا التفاوت بيننا *** وكل إناء بما فيه ينضح "

والسلام عليكم ...

نعود إلى ما كان في صدده وإلى كلمتنا لأن هذا الواقع يتمثل في ثلاثة أمور ، اثنان منهما تكلمنا عليهما بشيء من التفصيل وهما اللذان يتعلقان بالدولتين السابقتين ذكرا بقي علينا أن نتحدث عن الأمر الثالث وهو الذي يتعلق بالشعوب الإسلامية والأفراد المسلمين الذين يهتمون عادة بمعرفة الأحكام الشرعية أولا ثم بتطبيقها على أنفسهم ثانيا ذلك لأن العلم بالشيء لا يغني عن العمل به بل إن العلم بالشيء مع الإعراض عن العمل به قد يكون شرا على صاحبه أكثر من الجهل به ، وهذا موضوع طويل ولا يتسع الوقت للولوج فيه لكن حسبنا من ذلك قوله ربنا تبارك وتعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لما تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )) نضيف إلى ذلك الأثر السلفي المروي عن أبي الدرداء الصحابي الجليل حيث قال: " ويل للجاهل مرة ويل للعالم سبع مرات " لذلك أتكلم عن هؤلاء الذين من اهتمامهم أن يعرفوا أحكام ربهم وأن يعملوا بها فما هو واجب الفرد المسلم اليوم والشعوب المسلمة تجاه هذه الفتنة العارمة التي ألمت بالأمة المسلمة ؟ جوابي على هذا أن أروي لكم حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينطبق على هذا الزمان تمام الانطباق ألا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي كافرا و يصبح مؤمنا يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل ) وفي رواية يقول فيها عليه الصلاة والسلام وأرى هذا القول ينطبق على كثير من الناس اليوم في هذا الزمان وهم الذين يعالجون الآن هذه المشكلة الطارئة بأهوائهم وليس باعتمادهم على شريعة ربهم ذلك هو قوله عليه الصلاة والسلام: ( الرجال في هذه الفتنة أو في هذه الفتن عقولهم كالهباء يحسبون أنهم على شيء وليسوا على شيء ) ، تجد الناس اليوم أفرادا من الناس يتكلمون بأهوائهم لا يراعون في ذلك كتابا ولا سنة فهذا يتعصب لتلك الدولة المعتدية وهذا يتعصب للدولة الجالبة للمصيبة إلى أرضها وبلادها وهي مصيبة احتلال الكفار بطلب منا لبلاد الإسلام يتكلمون بدون علم وبدون عقل يصدق فيهم الحديث السابق وقولهم هباء يحسبون أنهم على شيء وليسوا على شيء في اعتقادي وما أظن أن أحدا يعارض هذا الذي سأقول إن العالم الإسلامي لم يصب في نفسه بمثل هذه الفتنة التي حلت في ديار الإسلام في هذه الآونة الأخيرة ولذلك فهذه الفتنة بالنسبة لما مضى من الزمان أول ما يصدق هي أول ما يصدق عليها الحديث السابق ( إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ... ) إلى آخر الحديث لا أحد يشك في أن هذه المصيبة هي حتى الآن أكبر مصيبة وقعت و أصابت ديار الإسلام وعلى ذلك ... .

مواضيع متعلقة