هل الخطاب في قوله تعالى ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك ) لرسول صلى الله عليه وسلم أو لعامة الناس ؟ وما الفرق بين جهاد الدفع وجهاد الطلب .؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل الخطاب في قوله تعالى ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك ) لرسول صلى الله عليه وسلم أو لعامة الناس ؟ وما الفرق بين جهاد الدفع وجهاد الطلب .؟
A-
A=
A+
الشيخ : تفضل .

السائل : شيخنا ، يقول تعالى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (( فقاتل في سبيل الله لا تُكلف إلا نفسك )) ، هل المخاطب بهذه الآية الرسول - صلى الله عليه وسلم - أم عامة المسلمين ؟

الشيخ : قبل الإجابة على السؤال أريد أن ألفت النظر إلى خطأ شائع ألا وهو قول القائل : يقول تعالى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أو بعد ، هذا خطأ ، وما أنت أول سارٍ غره قمر ، كل المذيعين وكل المتكلمين يقولون هكذا ... يجب أن يقول القائل إذا أراد أن يستشهد أو أن يسأل : ماذا تقول يا فلان في قوله تعالى : (( فقاتل في سبيل الله )) .؟ بلاش نقول : ماذا تقول في قول الله بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ما قال الله بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وبعضهم يقول قال الله : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، هذه أشكل وأشكل .

المهم لا شك أن الخطاب هو موجهه في شخص الرسول - عليه السلام - لكن نحن نعلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا خوطب بأمر عامة المسلمين يخاطبون بنفس هذا الخطاب ، وبخاصة في مثل هذه الآية ، هل يسبق إلى ذهن أحد بأنه عليه السلام إذا قال : (( فقاتل في سبيل الله )) يعني وحدك ؟ هب مثل هذا السؤال ، معقول أن يتوجه إلى مثل قوله تعالى : (( لئن أشركت ليحبطن عملك )) ، لأن الشرك ليس هو عمل اجتماعي وتعاوني ، وإنما هو شيء متعلق بقلب كل مكلف ، فإذا قال الله - عزَّ وجلّ - (( لئن أشركت )) مخاطبًا الرسول - عليه السلام - (( لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين )) هنا يمكن أن يُقال مثل هذا السؤال يا ترى هذا الخطاب الموجه للرسول - عليه السلام - يوجه إلى كل فردٍ من أفراد الأمة أم لا ؟

بالنسبة للآية التي تلوتها أنا ، نقول بلا شك إذا كان الله - عزَّ وجلّ - يخاطب نبيه المعصوم ، ليس عن الشرك فقط بل عن كل الذنوب ، يخاطب بقوله وهذا الوعيد الشديد: (( لئن أشركت ليحبطن عملك )) فمن باب أولى عامة المسلمين ، أما قوله : (( فقاتل في سبيل الله )) فلا يمكن أن يكون مقاتلته - عليه السلام - في سبيل الله ، إلا ومعه جمهور المسلمين , بالإضافة إلى هذه الملاحظة التي يقتضيها العمل الجهادي ، هو ما قلناه آنفًا ، أن الخطاب الذي يوجه إلى الرسول - عليه السلام - هو خطاب لجميع الأمة ، بل قد ذكروا في علم الأصول أن الخطاب الموجه إلى فردٍ من أفراد الأمة يشمل كل فردٍ من أفراد الأمة , قال الصحابي مثلا وهو علي بن أبي طالب : " نهاني رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن خاتم الذهب " ، لا يقول قائل هذا النهي مختص به علي - رضي الله عنه - ؛ لأن الخطاب الموجه إلى فردٍ من أفراد الأمة موجه إلى كل فردٍ من أفراد الأمة ، فبالأولى والأحرى أن يكون مثل هذا الخطاب : (( فقاتل في سبيل الله )) أن يكون الخطاب موجهًا للرسول والذين سيجاهد معهم الرسول عليه السلام وهم المسلمون .

السائل : ... المخاطب فيه مسلمين جماعة والأفراد كمسلمين ، يعني اليوم ما فيه جماعة إسلامية .

الشيخ : هذا سؤال آخر بارك الله فيك .

السائل : ... كأفراد مكلفين فرادى ولا من تحت جماعة إسلامية ؟

الشيخ : لا ، ليس مكلفين فرادى ، هذا بحث ثاني , يجب أن يكون الجهاد في سبيل الله هو تحت راية إسلامية لها أمير ، ولها نظام , وهذا النظام لا يخرج عن دائرة الإسلام وعن نظام الإسلام الثابت في الكتاب والسنة ، ولكن هنا شيء وهو , الجهاد ينقسم إلى قسمين : جهاد لنقل الدعوة ، وجهاد للدفع عن النفس ؛ فالجهاد في سبيل الدفاع عن النفس كل فرد حينذاك مكلف أن يقاتل بما يستطيع من قوة ، أما الجهاد الذي ينبغي أن يكون كوسيلة لنقل دعوة الإسلام إلى من حول المسلمين ، فهذا لا يجوز إلا أن يكون تحت راية إسلامية ولها أمير ومُبايع ، فلكل كما يقال : لكل مكان جواب ، إذا هوجمنا في عقر دارنا , إذا هوجم الرجل في عقر داره ألا يدافع ؟

السائل : يدافع .

الشيخ : ها فإذا هوجمت البلدة يدافع , ما ننتظر هنا التنظيم الذي يأمر به الإسلام وهو إيجاد قائد مسؤول وينظم ويهيئ و و إلى آخره ، ولهذا يجب التفريق بين الجهاد الذي هو في سبيل الدفاع وبين الجهاد الذي يراد به تنشيط حركة الدعوة الإسلامية والحد من الأعداء الذين يقفون حجر عثرة في سبيل نشر الدعوة الإسلامية .

مواضيع متعلقة