الرَّدُّ على كثير من الكُتَّاب اليوم الذين يزعمون أن الدَّجَّال هو رمز للشَّرِّ ليس إنسانًا ، ومنهم الدَّجَّال " ميرزا غلام القادياني " . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الرَّدُّ على كثير من الكُتَّاب اليوم الذين يزعمون أن الدَّجَّال هو رمز للشَّرِّ ليس إنسانًا ، ومنهم الدَّجَّال " ميرزا غلام القادياني " .
A-
A=
A+
الشيخ : ومع ذلك كله ستجد كثيرًا من الكُتَّاب قديمًا وحديثًا وبخاصة اليوم ينكرون هذه الحقيقة التي توارَدَتْ على إثباتها الأحاديث المتواترة ، فيقولون : إن الدَّجَّال ليس شخصًا ، وإنما هو رمز للشَّرِّ الأكبر الذي يظهر ويعمُّ البلاد في آخر الزمان ، وهذه الدعوى ادَّعاها قبل هؤلاء الكُتَّاب ذلك الدَّجَّال السابق الذكر هو " ميرزا غلام أحمد القادياني " ، فزعم بأن الدجال هو الشر وليس إنسان ، كما أنه زعم في الأحاديث التي لا تقبل التأويل في نزول عيسى - عليه السلام - لأنه ليس يعني نزول شخص عيسى ، وإنما يعني نزول الخير والسِّلم ونحو ذلك من الصفات التي تقابل الشَّرَّ الذي يرمز إليه الدجال .

وهكذا هذا الدَّجَّال القادياني تأوَّل أحاديث نزول عيسى بالخير ، وتأوَّل أحاديث خروج الدجال بالشَّرِّ ، فقلَّده وتَبِعَه على هذا التأويل كثير من الكُتَّاب الإسلاميين اليوم مع الأسف الشديد ، وقد يكون فيهم مَن يؤسفنا جدًّا جدًّا أن يتأول هذا التأويل لأننا نعتبره في مقدمة العلماء الباحثين المحقِّقين الذين كان لهم عناية خاصَّة في الدعوة إلى السنة وإلى نشرها ، أعني بذلك الشَّيخ " السيد محمد رشيد رضا " - رحمه الله - ، ولكن - مع الأسف - الأمر كما قيل : " لكلِّ عالم زلة ، ولكلِّ جواد كبوة " ، هذا من كبوات هذا الإنسان العالم حيث تأوَّل مع المتأولين أحاديث الدجال وغيرها .

لا يمكن للمسلم المتجرِّد عن الهوى إلا أن يؤمن بحقائق أحاديث الدجال وهي تؤدي إلى ما قدَّمنا إليكم آنفًا شيئًا من خلاصتها ، وهي كلها تنتهي إلى أنه رجل مخلوق ربُّنا - عز وجل - يسخِّر له بعض المخلوقات كالمطر وكالأرض ونحو ذلك ليرتجَّ بذلك عباده ، فإما الإيمان بهذه الحقائق ، وإما إنكار الأحاديث من أصلها ؛ لأن التأويل هو في الحقيقة إنفاء للمعنى الذي تضمَّنَتْه النصوص ؛ يتأولون - مثلًا - الدجال بأنه الشَّرُّ ، فكيف يُوصف الشَّرُّ بأنه أعور ويُتبَع أن ربكم ليس بأعور ؟ وكيف يوصف بالشَّرِّ بأنه لا يدخل مكة والمدينة ، ونحن - مع الأسف الشديد - نرى اليوم قد دخل مكة والمدينة شرٌّ كبير جدًّا من الخلاعة ومن الفتنة بالمال ونحو ذلك ، والأحاديث تصرِّح بأن الدجال لا يدخل مكة والمدينة ، لكن الدجال قد دخل هاتين البلدتين المقدستين !!

لذلك فيجب الإيمان بأن الدجال لا بد أنه سيخرج في آخر الزمان ، وأنه يَفتتن به كلُّ ضعيف الإيمان ، وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أنَّ من اعتادَ على قراءة العشر الأول من سورة الكهف أَمِنَ فتنة الدجال ، ولخطورتها كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يستعيذ منها في صلاته ، ويأمر بذلك كلَّ مصلٍّ ، فكان - عليه الصلاة والسلام - يقول : ( إذا جلسَ أحدكم في التشهد الأخير فليستعِذْ بالله من أربع ؛ يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شرِّ فتنة المسيح الدجال ) . فاستعاذة الرسول - عليه السلام - وأمرُه بهذه الاستعاذة دليل على خطورة هذه الفتنة ؛ لذلك فإذا كنا نتصوَّر أن الدجال الأكبر بعيد عنَّا الآن فذلك لا يسوِّغ لنا أن لا نؤمن بخروجه إيمانًا منَّا وتصديقًا بالمُخبر به ؛ ألا وهو رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .

ويجب أن نتذكَّر بهذه المناسبة أن تأويل الدجال أو الدابَّة أو طلوع الشمس من مغربها بتآويل تلتقي مع مفاهيم الناس جميعًا يجب أن نعلم أن الذي يحمل الناس على مثل هذا التأويل هو قلَّة إيمانهم أو ضعف إيمانهم ؛ لأن هذه أمور غيبية ، ثم كثير منها هي من خوارق العادة ، والناس قد ألفوا العادات ، فيصعب عليهم الخروج منها ليس فقط عملًا ، بل وفكرًا واعتقادًا ، فمجيء إنسان كهذا الدجال الأكبر يقول للسماء : أمطري ؛ فتمطر ، إلى آخر المخاريق التي أشرنا إليها آنفًا ؛ هذا أمر غير معتاد لدى الناس جميعًا ؛ ولذلك لا تتَّسع عقولهم المادية للإيمان بهذه الأخبار الشرعية ، فيجب أن نتذكَّرَ أن عدم الإيمان بها بعد ثبوتها إما كتابًا كطلوع الشمس من مغربها كتابًا وسنَّة كهذه الآية ، وإما كخروج الدجال الأكبر وقد تواترت الأحاديث الصحيحة فيه ، عدم الإيمان بهذه الحقائق هو دليل فقدان الإيمان كلًّا أو جلًّا ، وقد قال الله - عز وجل - في وصف عباده المؤمنين المتَّقين أوَّل ما وَصَفَهم به هو الإيمان بالغيب ، فقال : (( الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ )) ، فأول شرط الإيمان هو الإيمان بالغيب ، فكلما اتَّسع إيمان المسلم بما جاء في الكتاب والسنة والسنة الصحيحة كلما كان ... وأقرب إلى الله - تبارك وتعالى - ، وكلما ضاق أفق تفكيره وقلبه عن أن يؤمن بآيات ربِّه وأحاديث نبيِّه كان ذلك أقرب إلى أن يكون أقرب إلى الكفر منه إلى الإيمان ؛ فيجب إذًا أن نعرف أنَّ من عقائد المسلمين الإيمان بخروج الدجال في آخر الزمان .

ومن صفاته الصحيحة أن عيسى - عليه الصلاة والسلام - هو الذي يقتله ، ويقتله - أيضًا - بأمر خارق للعادة ، لا يقتله لا بالرصاص المعهود اليوم ولا بالقنابل اليدوية أو المدفعية أو بنحو ذلك من الوسائل الحديثة القاتلة ، وإنما بحربةٍ ، ثم هو حينما يرميه بالحربة يذوب كما يذوب الملح ، كل هذه الأشياء أمور خارقة للعادة .

مواضيع متعلقة