وهل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه - عز وجل - ؟ وهل الإسراء والمعراج كان في المنام أو في اليقظة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
وهل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه - عز وجل - ؟ وهل الإسراء والمعراج كان في المنام أو في اليقظة ؟
A-
A=
A+
السائل : يسأل السائل فيقول : وهل الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - رأى ربه - عز وجل - ؟ وهل الإسراء والمعراج كان في المنام أو في اليقظة ؟

الشيخ : أما الإسراء والمعراج ؛ فقد كان يقظة به - عليه الصلاة والسلام - ، هذا لا شك ولا إشكال فيه ، وإن كان هناك بعض الأقوال المرجوحة تقول : إنه كان في المنام ، أو كان بين النوم واليقظة ، ولكن الصحيح الذي لا نشك فيه أبدًا أن ذلك كان يقظة .

وهناك أشياء كثيرة وكثيرة جدًّا تدل على هذا الذي نجزم به ، من ذلك أن هذه القصة العجيبة الغريبة لو كانت منامًا ولم تكن يقظة لم تكن فيها معجزة حملت بعض ضعفاء المؤمنين أن يرتابوا في دينهم ، وحملت المشركين على الاستهزاء بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فكل هذا وهذا يؤكد أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما أصبح وأخبر الناس بما رأى من آيات ربه الكبرى ، إنما كان قد حدثهم بأن ذلك كان يقظة ، ومن هنا كان الإعجاز وكانت كرامة من جهة ، وكان الفتنة لضعفاء الإيمان والمشركين في آن واحد من جهة أخرى .

أما الشق الثاني من السؤال وهو : هل رأى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ربَّه ؟

فالمسألة خلافية منذ السلف الأول ، والراجح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يرَ ربَّه بعينه ، وإنما رآه ببصيرته وقلبه ، ومما يؤكد هذا أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد سُئل صراحة : هل رأيت ربك ؟ قال : ( نورٌ أنَّى أراه ) ، فهذا نفي لأن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رأى ربَّه ، وأكد نفيه لذلك بقوله : إن هناك نورًا يمنع الإنسان من أن يرى ربه ، وهذا - أيضًا - جاء في حديث آخر أن : ( حجابه النور ) ، ولولا هذا الحجاب ( لأحرقت سبحات وجهه - تبارك وتعالى - كل شيء نظر به ) ، أو كما قال - عليه السلام - ، وكل من الحديث الأول وهذا الآخر مُخرَّج في " صحيح الإمام مسلم " .

فالراجح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ير ربه ، وهو ظاهر قوله - تبارك وتعالى - : (( وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً )) ، وبهذه الآية استدلت السيدة عائشة على رد من يقول بأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - رأى ربَّه بعينيه ، فقد جاء في " الصحيحين " من رواية مسروق - رحمه الله - أنه جاء إلى السيدة عائشة - رضي الله عنها - فقال لها : ( يا أم المؤمنين ، هل رأى محمَّد ربه ؟ قالت : لقد قفَّ شعري مما قلت ، قال : يا أم المؤمنين ، ارحميني ، ولا تعجلي عليَّ ؛ أليس يقول الله - تبارك وتعالى - في كتابه : (( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى )) ، قالت - رضي الله عنها - : " أنا أعلم الناس بذلك ، لقد سألت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : رأيت جبريل في صورته التي خُلق فيها مرتين ، وله ستمائة جناح " ، (( ولقد رآه نزلة أخرى )) قال : " رأيت جبريل في صورته التي خُلق فيها مرتين ، وله ستمائة جناح ، وقد سدَّ الأفق بعظمته " ، فإذًا الضمير في الآية التي سأل مسروق عائشة عنها إنما يعود إلى جبريل ، وليس إلى الله - تبارك وتعالى - ، ولذلك فقد تابعت السيدة عائشة - رضي الله عنها - كلامها تأكيدًا لجوابها ، وإفادة للسائل وغيره ببعض ما في جعبتها من علمٍ تلقَّته من زوجها ونبيِّها محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - فقالت : " ثلاثٌ من حدثكموهنَّ ؛ فقد أعظم على الله الفرية : من حدثكم أن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - رأى ربه ؛ فقد أعظم على الله الفرية " ، ثم قالت محتجَّة على ما قالت : " (( وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً )) " ، وقالت : " (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )) " ، ثم قالت : " ومن حدثكنَّ أن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يعلم الغيب ؛ فقد أعظم على الله الفرية ، ثم تلت قوله - تعالى - : (( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيبب إلا الله )) " ، ثم قالت : " ومن حدثكم أن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - كتم شيئًا أُمر بتبليغه ؛ فقد أعظم على الله الفرية ، ثم تلت قوله - تبارك وتعالى - : (( يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )) " .

السائل : ما هي الفرية ؟

الشيخ : الكذب .

السائل : الكذب .

الشيخ : إي .

السائل : بالنسبة لحديث الإسراء والمعراج تفضَّلتم وقلتم أنه رأى ربَّه بقلبه ، إيش معنى رأى ربه بقلبه ؟

الشيخ : ببصيرته يعني وليس بعينه من الجارحة هذه ، رؤية قلبية ، يعني ممكن تقول : علمية ، لا يمكن تمثيلها .

مواضيع متعلقة