ما حكم من يؤخر الرمي عن طواف الإفاضة بعد الطواف من أجل الزحمة وهل يجوز تأخير الرمي إلى العصر أو غروب الشمس.؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم من يؤخر الرمي عن طواف الإفاضة بعد الطواف من أجل الزحمة وهل يجوز تأخير الرمي إلى العصر أو غروب الشمس.؟
A-
A=
A+
السائل : الشيخ جزاك الله خيرا، بالنسبة لزحمة الناس الحاصلة من كثرة المسلمين إن شاء الله فهل يجوز أن نقدم الطواف طواف الإفاضة على الرجم، وهل يجوز أن نأخر الرجم إلى الغروب مثلا أو العصر، بارك الله فيك وجزاك الله خيرا ؟.
الشيخ : تفضل استرح الذي أفهمه من الأحاديث الكثيرة التي جاءت جوابا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الأسئلة المختلفة في التقديم والتأخير حيث كان عليه الصلاة والسلام يقول: ( لا حرج ) ؛ حلق قبل أن يرمي قال ( لا حرج ) ، سمعتم حديث أسامة بن شريك آنفًا أنه سعى قبل أن يطوف فقال ( لا حرج ) ردد هذه الكلمة مرارا وتكرارا، حتى قال الرواي أننا ظننا أنه ما سئل عن شيء قدِّم و أخِّر إلا وقال لا حرج، الذي أفهمه من جوابه عليه السلام عن هذه الأسئلة ليس هو أن يصبح الحج فوضى لا نظام له، فيحج الإنسان كيفما شاء وكيفما اتفق، لا.. الأصل في ذلك إنما هو حجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي قال فيها ما ذكرته من قوله صلى الله عليه وسلم آنفاً: ( خذوا عني مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) ؛ فالأصل إذا أن نرتب المناسك كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكن إذا شعر الحاج وهذا يختلف من إنسان إلى آخر من شاب إلى كهل إلى شيخ، من رجل إلى امرأة، من رجل مريض إلى رجل سليم، من امرأة حامل إلى امرأة حابل، وهكذا تختلف هذه الأمور بالنسبة للأفراد وباختلاف ذلك يختلف الحرج، وقد يوجد حرج ما لإنسان ما لا يوجد مثل هذا الحرج لغيره.فإذا الضابط والقاعدة في جواز التقديم والتأخير هو ملاحظة الحرج، فإذا كان هناك حرج في مثل ما جاء في السؤال أن يرمي في الوقت المشروع بعد طلوع الشمس، كما جاء في حديث ابن عباس السابق الذكر، لكنه شيخ كبير أو رجل عليل مريض يخشى على نفسه الزحمة، فله أن يؤخر كما جاء في بعض تلك الأحاديث من قول السائل: " يارسول الله؛ مارميت إلا وأمسيت؟" ، قال: ( لا حرج ) .
فإذن يجب أن نلاحظ هنا القاعدة وما يبرر أو يسوِّغ لنا الخروج عنها إلى الترخص، القاعدة أن نأتي بكل منسك من مناسك الحج موافقين في ذلك صفة حجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الذي يجوز أو يُجوِّز لنا الخروج عن هذا الأصل هو الخلاص من الحرج، أما من لا يجد في نفسه حرجا فعليه أن يلتزم أن يضع كل منسك في موضعه تنفيذا لأمر نبيه: ( خذوا عني مناسككم ) ، وأنا أريد أن أقرب لكم هذه المسألة بمسألة أخرى جاء فيها ذكر الحرج وهي تتعلق بالصلاة، هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى أن بعض الناس لا ينتبهون إلى هذه النكتة التي ذكرتها فيما يتعلق بالحج فإنها كذلك تتعلق بالصلاة، أعني بذلك حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه والحديث في صحيح مسلم، : "جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، دون سفر ولا مطر،" وفي رواية: "خوف" ، قالوا وهنا الشاهد : ماذا أراد بذلك يا أبا العباس كنية عبد الله ابن عباس، أبو العباس ماذا أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك يا أبا العباس؟، قال: " أراد أن لا يُحرج أمته " ، فقوله رضي الله تعالى عنه أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجمع بين الصلاتين في المدينة دون وجود شرط الجمع ألا وهو السفر، أو المطر، أو الخوف. لم يكن شيء من هذه الأسباب إذن جاء السؤال لماذا جمع الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة مقيما بين الظهر والعصر من جهة وبين المغرب والعشاء من جهة أخرى، كان جوابه: " أراد أن لا يُحرج أمته " ، فمعنى هذا الجمع ليس هو كما يقول بعض العلماء قديما وحديثا، أنه يجوز للمقيم أن يجمع بين الصلاتين ترخصا، لا ليس بالحديث، كان يمكن أن يؤخذ هذا من الحديث لو لم يكن السؤال الموجه إلى ابن عباس وجوابه، جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، في المدينة؛ لو كان الحديث هكذا كان يمكن اعتباره دليلا على جواز الجمع بدون أي سبب رخصة كما هو الشأن في حالة السفر لكن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قد أجاب عن السبب فقال: " أراد أن لا يُحرج أمته " ، حينئذ المعنى أو الغاية من جمع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذا الجمع وهو مقيم، فتح الطريق لمن كان مقيما ووجد في ظرف ما حرجا في المحافظة على كل من الصلوات في وقتها، فحينئذ خلاصا من الحرج، يجوز له أن يجمع بين الصلاتين لأن من قواعد الشريعة أن الله عز وجل كما قال: (( ما جعل عليكم في الدين من حرج )) ، فإذن حيث كان الحرج جاز الترخص في الجمع بين الصلاتين، كذلك حيث كان الحرج في مناسك الحج جاز التقديم والتأخير، أما أن نجعل الأمر فوضى تعود مناسك الحج حسب الأهواء، ويختل بذلك نظام: ( خذوا عني مناسككم ) ؛ فهذا لا يجوز أن يستدل عليه بجواب الرسول عليه الصلاة والسلام لتلك الأسئلة المختلفة بقوله: ( لا حرج ) ؛ لأن معنى ذلك أن ما فعلتم إنما كان لرفع الحرج، ?و (( ما جعل عليكم في الدين من حرج )) .
السائل : ... .
الشيخ : مو ذكرت آنفا في الحديث ؛ قال سائل : "ما رميت إلا وقد أمسيت؟ " ، قال : ( لا حرج ) ، فأقول : يجوز تأخير الرمي لمن يجد حرجا في المحافظة على وقت الرمي، لا يجوز مطلقا، وإلا قد تنعكس القضية، تكون مثلا الزحمة بعد طلوع الشمس في يوم النحر فإذا ما الناس كلهم قالوا نحن نأخر للمساء، إذا راح يصير وقت الرمي مساء، لا، يجب المحافظة على هذا الوقت ثم من وجد حرجا وهذا كما قلنا آنفا يختلف من شخص إلى آخر، هو الذي يتأخر فقد يتأخر إلى ما بعد الظهر، قد يتأخر إلى ما بعد العصر، قد يتأخر إلى ما بعد المغرب، مارميت إلا وقد أمسيت، قال ( لا حرج ) ، المهم أن القاعدة في الترخص في التقديم والتأخير هو ملاحظة رفع الحرج عن الحاج، أما القاعدة فأن نقتدي به عليه الصلاة والسلام وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
السائل : جزاك الله خير يا شيخ .

مواضيع متعلقة