ما هي عقيدة الأشاعرة والماتردية ؟ وهل الأئمة الأربعة منهم في العقيدة ؟ والكلام على صفة العلوِّ لله - تبارك وتعالى - ، والكلام على كتاب " العلو " لـ " الذهبي " . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما هي عقيدة الأشاعرة والماتردية ؟ وهل الأئمة الأربعة منهم في العقيدة ؟ والكلام على صفة العلوِّ لله - تبارك وتعالى - ، والكلام على كتاب " العلو " لـ " الذهبي " .
A-
A=
A+
الشيخ : ما هي عقيدة الأشاعرة والماتريدية بالعقيدة والتوحيد ؟ وهل الأئمة الأربعة منهم في العقيدة ؟ نريد شرحًا وافي لهذا الموضوع .

يجب أن نعلم أن الماتريدية والأشعرية مذهبان من مذاهب علماء الكلام مُحدَثان بعد الأئمة الأربعة ؛ ولذلك فالقول : هل الأئمة منهم ؟ هذا مثل اللي يقول أنُّو الصحابة هاللي كانوا يؤذِّنوا بدون زيادة بعد الأذان كانوا وهابية !! " محمد بن عبد الوهاب " جاء بعد منهم بنحو ألف سنة !!

الأئمة الأربعة كانوا على الكتاب والسنة أصولًا وفروعًا ، وإن كان بينهم خلاف ، لكن هم ما خرجوا عن القواعد الشرعية إطلاقًا ، بل هم الذين سنُّوا لنا السنة الحسنة في وجوب التمسُّك بالكتاب والسنة في العقيدة وفي الأحكام ، أما المذاهب الكلامية التي تُعرف اليوم عند أهل السنة بالماتريدية والأشعرية وعند غيرهم بالمعتزلة والجبرية والقدرية ؛ فهذه المذاهب الأئمة الأربعة أوَّلًا لا يعترفون عليها كفكرة ، وهم لم يدركوها كمذهب أو كمذهب ... لذلك فالأئمة هم قبل هذَين المذهبين الماتريدية والأشعرية ، ثم هم يختلفون في بعض المسائل عن هؤلاء ، والآن لسنا في ، أو لا نستطيع أن ندخل في تفاصيل الخلاف الموجود بين الماتريدية والأشاعرة من جهة ، وبين هذَين المذهبَين ومذاهب الأئمة الأربعة ، وخاصَّة أئمة الحديث من جهة أخرى ، ولكن من أوضح المسائل الخلافية بين مذاهب أهل السنة يعني الأئمة الأربعة ، وخاصَّة منهم الإمام " أحمد " ، وبين هذَين المذهبَين ؛ هو أنه يغلب عليهما تأويل آيات الصفات ، وهذا منهم تأثُّرًا بمذهب المعتزلة ؛ لا سيَّما وأن " أبا الحسن الأشعري " الذي ينتسب إليه الأشاعرة قد كان في أول طلبه لعلم الكلام معتزليًّا ، ثم هداه الله - عز وجل - إلى التمسُّك بمذهب أهل السنة في التوحيد وفي علم الكلام ، وصرَّح بذلك تصريحًا بالغًا في كتابه المطبوع المعروف باسم " الإبانة لأصول الديانة " ، وقال : إن مذهبه في التوحيد مذهب إمام السنة " أحمد بن حنبل " - رحمه الله - ، ثم شرح ذلك بشيء من التفصيل الجيد .

أما الأشاعرة اليوم - مع الأسف - فمَثَلُهم كمَثَل قوم من الجنِّ كان طائفة من العرب في الجاهلية يعبدونهم من دون الله ، (( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا )) ، فلما بعَثَ الله - تبارك وتعالى - نبيَّنا محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - رسولًا إلى الإنس والجنِّ آمَنَ الجنُّ به - عليه السلام - ، وبقي المشركون يعبدون هؤلاء المؤمنين من الجنِّ من دون الله - عز وجل - ، فأنزل الله - تبارك وتعالى - قوله : (( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ )) ، فظَلَّ المشركون يعبدون الجنَّ الذين اهتدوا وبقي العابدون ضالِّين .

تقريبًا أقول : إن " أبا الحسن الاشعري " هداه الله إلى أهل السنة ، وتمسَّك صراحةً بعقيدة أحمد بن حنبل ، أما الأشاعرة اليوم فيتمسَّكون بمذهب " أبي الحسن " الأول حينما كان معتزليًّا ، وهذا من عجائب ما يجده الإنسان في المسلمين اليوم ؛ حتى في العقيدة فضلًا عن الفروع . هذا من المسائل الخلافية ، مسائل الصفات ، فالماتريدية والأشاعرة كقاعدة أغلبية ، وإلا فنجد أفرادًا قد اهتدوا - أيضًا - كـ " أبي الحسن " إلى مذهب أهل السنة ، لكن كقاعدة الأشاعرة يتأوَّلون آيات الصفات ، ونحن نسمع هذا على المنابر اليوم في الخطب : " أن الله - عز وجل - في كل مكان " ، " الله موجود في كل الوجود " ، وأنا سمعت من بعض من قرأنا عليهم الفقه على المنبر يقول مرارًا وتكرارًا : " الله لا فوق ولا تحت ، ولا يمين ولا يسار ، ولا أمام ولا خلف ، لا داخل العالم ولا خارجه " ، لو قيل لأفصح العرب : صِفْ لنا المعدوم الذي هو لا شيء ؟ لم يستطِعْ أن يصف هذا المعدوم بأكثر مما يصف هؤلاء معبودهم !!

" الله لا فوق ولا تحت ، ولا يمين ولا يسار ، ولا أمام ولا خلف ، لا داخل العالم ولا خارجه " ، هذا هو المعدوم ؛ فهل هكذا وصف الله نفسه لعباده في القرآن الكريم ؟ حاشا لله ، أوضح آية حينما يتكلَّم عن المؤمنين يقول : (( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ )) ، فإذا أردنا أن نعرف نحن أنفسنا حينما نخاف الله ونخشع له هل نستحضر في ذهننا وفي عقيدتنا أن ربَّنا - تبارك وتعالى - كما قال : (( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى )) ؟ فهل نتصوَّر أن ربَّنا من فوقنا ؟ هذا هو وصف ربِّنا لعباده المؤمنين : (( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ )) . وهذا بحث طويل وله آيات كثيرة وأحاديث نبوية ، وللحافظ حافظ الشام في عهده وفي زمانه " شمس الدين الذهبي " المحدث والمؤرِّخ المشهور كتاب خاص في هذه المسألة اسمه " العلو للعلي العظيم " .

الحاضرون : " للعلي الغفار " .

الشيخ : " العلو للعلي العظيم " هكذا اسمه الصحيح في بعض المخطوطات الموثوقة ، وإنما طُبِع باسم " الغفار " ؛ " العلو للعلي الغفار " ، وأنا فرغت من اختصار هذا الكتاب منذ سنة تقريبًا ؛ حذفت منه الأشياء غير الصحيحة وغير الثابتة من أحاديث والآثار عن السلف ، ولعله يتيسَّر لنا طبعه قريبًا إن شاء الله .

هذا الكتاب يُثبت هذه الصفة لله - عز وجل - بالآيات الكريمة والأحاديث النبوية وأقوال الصحابة والآثار النبوية عن الأئمة إلى عهد المؤلف في القرن الثامن على التسلسل ، منهم قلت لكم : إن الأشاعرة والماتريدية مذهبهم تأويل الآيات آيات الصفات ، ومن ذلك إنكار العلوِّ للعليِّ العظيم ، الأشاعرة والماتريدية ، قلت : هذا على الغالب ، لكن يوجد هناك أفراد من هؤلاء وهؤلاء قد قالوا كما قال السلف من الإيمان بصفات الله - عز وجل - دون تشبيه ودون تعطيل ؛ أي : تأويل . من هؤلاء - مثلًا - " الجويني " من كبار أئمة الأشاعرة ؛ فقد نقل " الذهبي " في كتابه هذا نصًّا صريحًا عنه بأنه يؤمن الله - عز وجل - فوق خلقه دون تشبيه ودون تجسيم ، بل له رسالة مطبوعة في " المجموعة المنيرية " ، وهي رسالة مفيدة جدًّا نَحَا فيها منحى السلف في هذه الصفة ، هو أشعري ، لكن الأشاعرة اليوم على غير هذا .

وبذلك نقول : بصورة عامة الأشاعرة والماتريدية هم يتأوَّلون آيات الصفات وليسوا على مذهب السلف الصالح ... " أبو جعفر الطحاوي " في عقيدته المعروفة بـ " الطحاوية " ، وقد طُبعت بشرح جيد وعلى طريقة أهل السلف - أيضًا - ، وهذا فيما نعتقد من خير ما أُلِّف على نهج السلف الصالح .

هذا ما يُمكن أن يُقال باختصار إجابةً على هذا السؤال .

نعم ؟

السائل : ... .

الشيخ : في بعض الخلافات ، نعم .

مواضيع متعلقة