الكلام عن مسألة اختلاف الأهلة في إثبات دخول شهر رمضان . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام عن مسألة اختلاف الأهلة في إثبات دخول شهر رمضان .
A-
A=
A+
الشيخ : ... سواء كان في بلده أو في بلد أخرى ، يثبت للمسلمين ثبوت الهلال فيصوم المسلمون جميعًا في سائر أقطار الأرض في يوم واحد .

أما اليوم ؛ اليوم الشأن كما كانوا في السابق لا يُمكنهم أن يُثبِتوا رؤية هلال رمضان في جميع أقطار الأرض ، فَهُم لأنُّو لم تكن الوسائل مقرِّبة للبعيد يومئذٍ ؛ فماذا كانوا يفعلون ؟ تصوم كل منطقة بصيام البلدة التي هي من الممكن أن يصلهم خبر رؤيتها للهلال . كذلك اليوم ؛ اليوم لا يمكن تنفيذ هذا الحكم الشرعي ؛ لأنه ليس هناك حاكم مسلم يُلزمهم جميعًا بأن يصوموا ، فنعود إلى ما كنَّا عليه ... السابق تمامًا ، فيصوم كل إقليم على حدة ، بس ؛ لأنُّو ليس من المعقول أن تسمع أنت إذاعة مكة ... تقول : ثبت هلال رمضان في ثلاثين - مثلًا - خمسة عشر كانون الأول مثلًا ، وهنا ما ثبت ، فتصوم أنت لوحدك لأنُّو أثبتوا هناك الهلال ، بينما جميع مَن حولك لا يصومون ؛ لا ، أنت بدك تنسجم مع هدول الجماعة وتصوم بصيامهم وتفطر بفطرهم ، هذا غلط ، هذا مخالف لـ ( صوموا لرؤيته ) ، إي نعم ، لكن هذا الغلط لا يمكن تداركه إلا حينما يكون الحاكم مسلم هو يحكم هذه البلاد كلها .

السائل : فيه حديث أظنه ... : ( صومكم يوم تصومون ، وفطركم يوم تفطرون ، وأضحاكم يوم تضحون ) ، صحيح ؟

الشيخ : لا ، غير صحيح ، لكن الصحيح ، لا إله إلا الله ، ( صومكم يوم يصوم الناس ، وفطركم يوم يفطر الناس ) .

السائل : هذا صحيح ؟

الشيخ : إي نعم .

السائل : مَن رواه ؟

الشيخ : ما أذكر الآن مين رواه ، بس هذا حديث صحيح ... .

السائل : والآخر موضوع أو ضعيف أو ؟

الشيخ : ما له أصل .

السائل : ما له أصل ؟

الشيخ : إي نعم ، حتى " مجلة الوعي الإسلامي " تسمعون بها الكويتية ؛ فهذه أصبحت في الأشهر الأخيرة تعقِدُ فصلًا خاصًّا بالأحاديث الضعيفة والموضوعة بعنوان : " ليس بحديث " ، تحت عنوان : " ليس بحديث " ، هذا العنوان ... بجانبه : ( يوم صومكم يوم نحركم ) ، ومضروب عليه ، اصطلاح يعني أنُّو هذا ليس بصحيح ، تحته هذا العنوان يُوردون كثيرًا من الأحاديث الشائعة ما بين ضعيف ولا أصل له ، ويعتمدون في هذا على كتابي " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ، وينقلون خلاصة كلامي هناك ، وإن كانوا ما ندري ما السبب لا يُشيرون إطلاقًا أنهم ... من كتاب " السلسلة " .

فالشاهد هذا الحديث بالذات أورَدُوه في زاوية ، وكل عدد يذكرونه وعليه الضرب على الحديث ؛ إشارة إلى أنُّو هذا الحديث المشهور ليس بحديث .

السائل : هنا ... جماعة ... عندنا ... وهالجماعة ... يصومون مع مكة ، والبعض الآخر يصوم مع البلاد ؟ فحسب رأيكم الصوفية وجماعتهم مخطئون ؟

الشيخ : على كل حال هذا اجتهاد .

السائل : اجتهاد .

الشيخ : نحن لا نرى هذا ؛ لأنُّو يصير فيه تفرُّق بين المسلمين .

السائل : إي نعم .

الشيخ : في البلد الواحد ، وتفرُّقهم في البلاد أقل خطرًا من تفرُّقهم في البلدة الواحدة ، إي نعم ، ثم ليس هناك في الشريعة ما يُلزِم المسلمين بأن يصوموا لرؤية بلد مسمَّاه مكة - مثلًا - أو المدينة ، فيا تُرى لو سبق مكةَ بلدٌ آخر فأثبت الهلال ، ولم يُثبته مكة إلا متأخرًا ؛ فمع مَن نصوم ؟ فأن يظلَّ يتمسَّك بمكة فهذا لا دليل عليه ، وإن صام مع البلدة الأخرى ولو لم تكن مكة فيَرِدُ الإشكال السابق ذكره ؛ يقع خلاف في البلدة الواحدة ؛ فبعضهم يصومون ، وبعضهم لا يصومون ، أما حينما يكون الحاكم المسلم فهو الذي يفرض فرضًا على جميع المسلمين أن يصوموا في يوم واحد دون انتظار كل إقليم وكل منطقة لترى هلالها ؛ فالأمر يعود بقى إلى الحاكم .

السائل : في بلجيكا كنَّا هناك ندرس فيه بعض المغاربة ، بعض من تونس ، بعض كذا ، فالذي وقع هو أن التوانسة ومدير المركز هنا كان تونسي صام حسب توقيت تونس ، المغاربة حسب توقيت المغرب ، الترك على حسب توقيت تركيا .

الشيخ : هَيْ المشكلة .

السائل : الأب خلنا مع الترك هدول ... كيف هذا ؟

الشيخ : أقرب بلدة أقرب إقليم إلى تلك البلاد يصومون بصيامهم ، يجب محْوُ هالطائفية هذه أو التحزُّب هذا ... .

السائل : ... الخطبة .

الشيخ : غيره ؟

السائل : ... .

الشيخ : أنت إيش عندك ؟

السائل : ... التوفيق بين حديث ابن عباس : ( صوموا لرؤيته ) ، قال هو ... حديث رؤية كل بلد حين أتاه الآتي من الشام ؟

الشيخ : ليس في حديث ابن عباس هذا التصريح بأن الرسول أمَرَ أن يصوم الناس كلٌّ منهم برؤية بلده ، ليس في حديث ابن عباس هذا التصريح ؛ فهل أنت ذاكر للفظه ؟

السائل : لا .

الشيخ : طيب ، أنا أذكر أن الحديث فيه أن كُرَيْبًا جاء من الشام ، فأخبَرَه بأن معاوية صامَ ؛ أي : ابتدأ صيام رمضان ، أظن قال له : يوم السبت ، فقال : أما نحن فنصوم برؤية أهل المدينة . قال له : أَلَا تصوم برؤية معاوية ؟ قال : لا ، هكذا أمَرَنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .

هذا هو تقريبًا ، إذا ما كان بالتحديد فهذا على التقريب لفظ حديث ابن عباس ، وحينئذٍ فكما ترى ليس فيه التصريح بما يُخالف عموم قوله - عليه السلام - : ( صوموا لرؤيته ) ، وإنما جواب ابن عباس خرَجَ مخرج معالجة قضية معيَّنة ، صورتها أن هناك إقليمين ، إقليم المدينة في الحجاز وإقليم الشام ، فإقليم المدينة صاموا بيوم غير يوم صيام الشام ، واتَّفق كلٌّ من الإقليمين لا يمكن يومئذٍ أن يعرف متى يصوم هذا الإقليم دون ذاك لِبُعْد المسافة ، ولكن لما رجع كُرَيْب جاء بعدما بنى هو المدينة الصيام من قبل أن يأتي بأيام ، فاستطاع هو أن يُخبِرَ ابن عباس بأن الشاميين تَبَعًا لأمر معاوية صاموا يوم السبت - مثلًا - ، فأجاب ابن عباس بأننا نحن نصوم على رؤية بلادنا ، قال له : أَلَا تصوم على رؤية هلال الشام ؟ قال له : لا ، هكذا أمَرَنا رسول الله . فهكذا أمرنا رسول الله يعود إلى هذا التفاوت الذي وقع بين ابتداء الصيام بين المدينة وبين دمشق ، فلو التزم المدنيون أن يصوموا برؤية معاوية لَرُبما ظهر في صيامهم نقص ، لو فرضنا أهل المدينة صاموا الأحد ، وأهل دمشق صاموا السبت ، ثم أفطروا على أساس صيام تسع وعشرين يومًا ، ثم عيَّدوا ، فإذا عيَّد أهل المدينة مع أهل الشام فاتهم يوم واحد ، وكان قدَّامهم كمان ... يوم .

فإذًا حديث ابن عباس بيعالج قضية عينيَّة ؛ وهو إذا ابتدأ إقليمٌ الصومَ على خلاف إقليم آخر ؛ فلكلٍّ حينئذٍ أن يتمِّم بناءً على رؤيته ، فإما أن يرى هلال الإفطار أو الخروج من رمضان ، وإما إذا غُمَّ عليهم فيمسكون له ثلاثين يومًا ، وبغير هذا تضطرب الأمور بين البلدين ، فلا يتمُّ الصيام الشرعي ، هذا الذي قال فيه ابن عباس : " هكذا أمَرَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ، وحينئذٍ فهذا لا ينافي قوله العام : ( صوموا لرؤيته ) ؛ بدليل أن الذي يقول : ( صوموا لرؤيته ) مثلي - مثلًا - يقول في مثل حادثة كُرَيب : لكلٍّ رؤيته ، لكلٍّ رؤيته .

السائل : ... .

الشيخ : نعم ؟

السائل : ... .

الشيخ : لا ، لأنَّ كُرَيْبًا جاء بعد أن دخل كلٌّ من البلدين بالصيام برؤيته الخاصة ، فيخرج - أيضًا - من الصيام برؤيته الخاصة ؛ لأنهم إذا اختلفوا في الدخول واتفقوا في الخروج فقد يحصل اضطراب ؛ إما زيادة يوم أو نقص يوم .

السائل : مع توفر الأسباب في يوم ، مثل لو للحاكم تتوفَّر الأسباب .

الشيخ : إي نعم .

السائل : ... تقع .

الشيخ : لا يقع ، هذا يقع صحيح ؛ لذلك أقول لك أنُّو هو حديث ابن عباس عالج جزئية معيَّنة ، الصحيح أنُّو لا يقع .

نعم .

مواضيع متعلقة