الكلام عن حكم الصيام مع اختلاف المطالع . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام عن حكم الصيام مع اختلاف المطالع .
A-
A=
A+
الشيخ : أرجع فأقول أخيرًا جوابًا على سؤالك أو الشطر الثاني من سؤالك : الصيام إضافة أن هذه المسألة يعني نتعرَّض لبحثها كثيرًا ، وفي الأمس القريب سَأَلَني بعضهم ؛ فنقول :

العلماء اختلفوا في الواقع في الصيام ؛ هل الأمة الإسلامية مهما اتَّسعت بلادها مكلَّفة أن تصوم جميعًا أم الأمر يعود إلى اختلاف المطالع ؟!

مذهبان معروفان ، لكن إذا ما نظرنا إلى قوله - عليه السلام - المطلق : ( صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإن غُمَّ عليكم فأتمُّوا الشهر ثلاثين يومًا ) ؛ هذا النَّصُّ المطلق يأمر المسلمين صوموا جميعًا أن يصوموا جميعًا لرؤية بلد واحد ، لكن هذا في حدود الإمكانية ؛ لا سيما في ذاك الزمان ، أما اليوم فبلحظة يُرى القمر هنا ممكن إشاعة الخبر في عالم الإسلام في دقائق محدودة جدًّا ؛ ففي هذا الحالة يجب على المسلمين كلهم أن يباشروا الصيام ولو على التتابع بسبب إيه ؟ بعد البلاد بعضها واختلاف المطالع ، لكن الرؤية هذه يجب أن تُتبنَّى إسلاميًّا من كل البلاد الإسلامية ، لكن ما العمل ؟ اليوم الحكومات الإسلامية لا تهتم بتطبيق الإسلام المطلوب فهمًا واحدًا لا اختلاف فيه ، مثل إقامة الحدود - مثلًا - ونحو ذلك ؛ فأولى وأولى أن لا يهتمُّوا بتحقيق حكم شرعي فيه خلاف كما ذكرنا آنفًا ؛ فما دام الأمر هكذا ، ولا نملك نحن بصفتنا أفراد مسلمين أن نُوجب على العالم الإسلامي كله أن يصوموا في يوم واحد كما يعرِّفون في يوم واحد ؛ ما دام هذا ليس في ملكنا ولا قدرتنا ؛ فنحن حينئذٍ علينا أن نطبِّق حديثًا صحيحًا ؛ ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( صومُكم يوم يصوم الناس ، وفطرُكم يوم يفطر الناس ) .

فإذا كنت تعيش في هذه البلاد فعليك أن تصوم بصومهم وتعيِّد بعيدهم ، ولا تربط مصيرك بالسعودية أو بلاد أخرى سبقت هذه البلاد بالصيام أو تأخَّرت ، كذلك هناك نقول للمسلمين هناك - أيضًا - صوموا بصيام المسلمين هناك ؛ لأنُّو لا يمكن الآن أن نجمع المسلمين على صوم واحد وعلى عيد واحد ؛ فحينئذٍ نقول : " حنانيك بعض الشَّرِّ أهون من بعض " . صحيح أنُّو كان الأولى أن يصوموا في يوم واحد وأن يعيِّدوا عيدًا واحدًا ، لكن هذا لِمَا ذكرنا لا يمكن ، لكن بإمكاننا أن يصوم كل إنسان مع بلده ، وبلاش نوجد فرقة جديدة كما لاحظت بنفسي سافرت في أول رمضان إلى العمرة إلى بيت الله الحرام ؛ ففي موقف من المواقف التي وَقَفْنا عندها في مكان اسمه " العشاش " قبل المدينة بمئتي كيلومتر ، فتعطَّلت السيارة ، فانطلقت إلى دكاكين أبحث عن حاجة لها ، فدخلت على صاحب دكان عليه سمت المسلمين ملتحي ورجل شاب ، رأسًا في أثناء الحديث إذا به يقول : أنا مفطر ؛ ليه ؟ قال لأنُّو الكويت ، عفوًا قال : صايم ، وكان هذا أول يوم صاموا هناك في الكويت ، قلت له : كيف وأنت تعيش في السعودية ؟ قال : ثبت الصيام عند الكويتيين وهم مسلمون ، والرسول أتى بالحديث نفسه : ( صوموا لرؤيته ) ، هذا استدلال صحيح ، لكن عمليًّا لا يمكن تطبيقه ، فقلت : أنت الآن صائم والناس إيش ؟ مفطرون هنا ، ثم ستُفاجأ بمخالفة أخرى ؛ الناس يصومون هنا وأنت مفطر ، يعيِّدون وأنت لا تعيِّد ؛ لذلك الأولى أن تمشي مع المسلمين الذين تعيش بينهم .

ونرجو الله - عز وجل - أن يلهم حكَّام المسلمين يجمعوهم على الصوم في يوم واحد ، وعلى أن يعيِّدوا في يوم واحد ، لكن لا ... فالمشكلة لا تبدأ من هنا ، هذا مظهر من مظاهر العلة الأساسية ، فيجب أن نعالج المشاكل جذريًّا كما تحدَّثت بالأمس القريب بشيء من التفصيل ، وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .

السائل : ... فضيلة الشَّيخ جزاه الله خيرًا وزاده علمًا ... واحدًا ... ... نرجو أن تُتاح لنا فرصة أخرى ... لكم الشَّيخ بأوسع وأرحب من هذا الدرس الذي عشناه معه ، وجزاه الله خيرًا وشكر الله له .

مواضيع متعلقة