بيان بطلان التفريق بين العقائد والأحكام فيما يُستدَلُّ له من أحاديث الآحاد أو التواتر . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان بطلان التفريق بين العقائد والأحكام فيما يُستدَلُّ له من أحاديث الآحاد أو التواتر .
A-
A=
A+
الشيخ : ... وكلنا يعلم وهم يعلمون - أيضًا - ، ولكنهم يجحدون كما قال الله - عز وجل - في غيرهم : (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ )) ، فإنهم جميعًا يعلمون أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يُرسل أفرادًا من أصحابه - عليه الصلاة والسلام - يدعون الناس البعيدين عن المدينة حيث كان فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُرسل أفرادًا يدعونهم إلى الإسلام ، وليس الإسلام إلَّا ما جاء به الرسول - عليه الصلاة والسلام - شاملًا كما لا خلاف في ذلك بين ما كان عقيدةً وبين ما كان أحكامًا ، ومن الأمثلة المشهورة في السنة الصحيحة التي يعرفونها ثم ينحرفون عنها إرسال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى اليمن تارةً معاذًا ، وتارةً أبا موسى الأشعري ، وتارة عليًّا ؛ ماذا كان يفعل هؤلاء الصحابة حينما أرسلهم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى اليمن ؟ لا شكَّ أنهم كانوا يدعونهم إلى الإيمان بالله ورسوله ؛ وهو أصل كلِّ عقيدة ، ثم إلى الإسلام الذي جاء به - عليه الصلاة والسلام - ، وقد جاء في " صحيح البخاري " وفي " صحيح مسلم " من حديث أنس - رضي الله تعالى عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لمَّا أرسل معاذًا إلى اليمن قال له : ( ليكُنْ أوَّلَ ما تدعوهم إليه شهادةُ أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ؛ فإذا هم أطاعوك فمُرْهم بالصلاة ) إلى آخر الحديث الصحيح .

ففيه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمر معاذًا ، وهو فردٌ ، وحديثه في اصطلاح المتأخِّرين حديث آحاد ، فأمرهم - عليه الصلاة والسلام - أن يكون أوَّلُ ما يدعوهم إليه هو الاعتقاد بالله وحده لا شريك له ؛ ( فليكن أوَّلُ ما تدعوهم إليه شهادةَ أن لا إله إلا الله ) ، فإذا أنتم قابلتم هذا الحديث المُجمَع على صحَّته بين المسلمين قاطبةً ، بين المتَّبعين للسلف والمخالفين لهم يعتقدون معنا أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أرسل معاذًا إلى اليمن ، وأَمَرَه أن يدعُوَهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ؛ فكيف يعتقدون بصحَّة هذا الحديث ، ثم يقولون : إن حديث الآحاد لا يُؤخذ به في العقيدة ؟!

من هنا يتبيَّن لكم أن الحَيْد عمَّا كان عليه أصحابه - صلى الله عليه وآله وسلم - من انتشارهم في الآفاق ، ودعوة الناس إلى الإسلام دون فلسفة التَّفريق بين حديث التواتر وحديث الآحاد ، هذه المسألة وحدَها تكفي لتبيِّن لكلِّ مسلم عاقل خطر الانحراف عن اتِّباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح .

مواضيع متعلقة