ما حكم إقامة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم إقامة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة ؟
A-
A=
A+
السائل : بدي أسأل سؤال ؛ كنت قرأت شيء في " جريدة اللواء " اللي صدرت عن رجال ... بيجوز أنك قرأته ، الرجل ده كنت صليت معاه وراه يوم الجمعة ، كان أول مرة أدخل مسجد لأنُّو مكتوب عليه ... فدخلت ... فبعد الصلاة بالجمعة قام صلاة ، فسألت ما هي الصلاة ؟ قالوا : صلاة الظهر . فخرجت على هذا الأساس ، ولم أعرف كيف صلاة الظهر ... يوم الجمعة ؛ فأريد أن أعرف يعني ... وأية بدعة هذا الـ ؟

الشيخ : مين هذا الرجل تصلوا وراءه ؟

السائل : ... .

الشيخ : أنت تقول : قرأت في " جريدة اللواء " ؟

سائل آخر : لا ، قرأت القول تبعه ؛ يعني في قول كذا ممكن قرأته أنت .

الشيخ : يعني بتقصد دكتور ستيتيَّة ؟

سائل آخر : آ .

الشيخ : هو صلى إمامًا ؟

سائل آخر : صلى إمامًا يوم الجمعة ... خطب وأمَّ الناس بصلاة الجمعة ، وبعد ذلك أذَّن المؤذِّن ... .

السائل : مسجد دار الحديث والفقه في " الوحدات " ، هو ... " عادل الشريف " .

الشيخ : هو " عادل الشريف " ، إي نعم ، هو يعني إمام هناك ؟

السائل : في مسجد ... .

الشيخ : ... شيبة هذا ، تبع الحقد الكمين هذا نابع من هناك .

سائل آخر : آ .

الشيخ : إي ، فسؤالك الآن ما هو ؟

السائل : تبيين صلاة الظهر هذه بعد صلاة الجمعة ؟

الشيخ : صلاة الظهر - بارك الله فيك - بعد صلاة الجمعة لا أصل لها في الإسلام ، بل هي منكر من أشدِّ المنكرات في الإسلام ؛ لأنها تخالف صريح القرآن ؛ أَلَا وهو قوله - تبارك وتعالى - : (( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ )) ، فهذه الآية قاصمة ظهر هؤلاء المبتدعة والمتعصِّبة للمذهب الذي يسمُّونه بالمذهب الشافعي ، والمذهب الشافعي لا يقرُّ باتخاذ صلاة الظهر فريضة أخرى يُؤتى بها في كل مسجد تُصلى فيه صلاة الجمعة ، على أن هناك يعني أئمة آخرين لا يقولون بجواز صلاة الجمعة صلاة الظهر بعد الجمعة مطلقًا ، وهذا هو النَّصُّ القاطع بين أيديكم في الآية السابقة : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ )) .

الآية أوَّلًا نصٌّ صريح في إبطال صلاة فريضة بعد الفريضة السابقة وهي الجمعة ، وفيها إشعار لطيف لقوله - عليه السلام - : ( فصلُّوا أيها الناس في بيوتكم ؛ فإنَّ أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) ، فبيقول : (( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ )) ، مش معناها لا تصلوا السنة ، بس معناها لا تصلوا فرض أخرى بعد الفريضة ؛ لأنُّو الفريضة تُصلى في المسجد بنصِّ هذا الحديث : ( فصلوا أيها الناس في بيوتكم ؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) . فهذه المكتوبة التي هي الظهر بعد الفريضة كيف تكون مكتوبةً والله يقول في صريح هذه الآية إذا قضيتم المكتوبة الأولى وهي الجمعة (( فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ )) ؛ شايف ؟ لذلك فأداء ما يُسمَّى بفريضة الظهر بعد فريضة الجمعة هذا خلاف النَّصِّ القرآني ؛ فضلًا خلاف عن عمل المسلمين على مرِّ القرون والدهور ؛ فإننا لا نعرف خاصَّة في القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية أنهم صلوا فريضتين في مسجد واحد ، فريضة الجمعة فريضة الظهر بعدها .

ثم إن بعض التعليلات التي يتشبَّث بها الذين يصلون الظهر هذه الفريضة المزعومة بعد الجمعة هي حجَّة عليهم لأننا حين نسألهم : لماذا تصلون الظهر بعد الجمعة ؟ يقولون : لأننا نشكُّ في صحة صلاة الجمعة . وحين نسألهم : لماذا تشكُّون في صحة صلاة الجمعة ؟ يأتون بشروط هي كما قال - عليه السلام - : ( كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل ؛ ولو كان مئة شرط ) ؛ يقولون - مثلًا - : لا يجوز تعدُّد الجمعة في البلدة الواحدة . نقول : ما دليلكم ؟ ليس هناك دليل أبدًا في عدم الجواز ؛ لا سيَّما وهم يقصدون بعدم الجواز يعني شرط لصحة صلاة الجمعة أن لا تتعدَّد ، أين هذا الدليل الذي يدل على الشرطية ؟ يقولون : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما صلى في المدينة إلا في مسجده ، أما هذا فنقول لهم : صدقتم ، لكن ما أصبتم . صدقتم وما أصبتم ؛ لم ؟ لأن الرسول - عليه السلام - كما أنه لم يصلِّ الجمعة إلا في مكان واحد مسجد واحد ؛ فكذلك الشأن في صلاة العيد لم يصلِّ إلا في مكان واحد في مصلى واحد ؛ فما الذي جعلكم تقولون بشرطية عدم التعدُّد في صلاة الجمعة ولا تقولون بشرطية عدم التعدُّد في صلاة العيد والدليل واحد ، وهو فعل الرسول - عليه السلام - ؟ هو صلى جماعة واحدة في الجمعة ، وصلى جماعة واحدة في صلاة العيد ، كيف هذا صار شرطًا وهذا لم يصبح شرطًا ؟ تناقض وتنافر ، وهذا شأن الكلام الباطل يدفع بعضه بعضًا ويضرب بعضه بعضًا .

ثم إذا كان هذا فَعَلَه الرسول - عليه السلام - وذاك ؛ ما صلى الجمعة ولا العيد إلا في مكان واحد ؛ هذا إنما يدل على أنُّو هذا هو الأفضل ليس على أنه شرط ؛ لأن الفعل لا يدل على الشرطية ، الأمر لا يدل على الشرطية ، أمر الرسول الذي لا يجوز مخالفته لا يدل على الشرطية ؛ فما بالك فعله ؟! لكن فعله يدل على أنُّو هذا بلا شك الأفضل ، والعلماء جميعًا متَّفقون على أن صلاة الجماعة فضلًا عن صلاة الجمعة كلما كَثُرَ المصلون فيها كلما كانت أفضل عند الله - عز وجل - ؛ هذا أمر لا شك فيه ؛ فلذلك نحن نقول أن يجتمع المسلمون في مسجد واحد هذا بلا شك أفضل ، لكن لا نفرض ذلك عليهم فضلًا عن أن نشرط ذلك عليهم لصحة صلاة الجمعة ؛ لأننا نقول : ليس هناك ما يُوجب أن نفرض ذلك عليهم فضلًا عن أن نشرط ذلك عليهم ، وأظن تفرِّقون معي بين الفرض والشرط ؛ لأن المعلوم عند الفقهاء : " كلُّ شرط فرض ، وليس كلُّ فرض شرطًا " ؛ فحين أقول : لم يثبُتْ هناك على فرضية عدم التعدُّد فضلًا عن أن يثبت شرطية عدم التعدُّد ، لكن ثبت فضيلة عدم التعدُّد بسبب أن الرسول - عليه السلام - ما عدَّد ، وكان أهل العوالي - يعني أطراف المدينة - كانوا ينزلون يوم الجمعة ويصلون خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - .

بل نحن نقول مثل هذا الكلام في صلاة الجماعة ؛ فلا ينبغي أن تتعدَّد المساجد التي تُقام فيها صلاة الجماعة بحيث يتفرَّق أهل المحلة في عديد من المساجد ، فالمسجد الواحد - مثلًا - يكمل فيه صف أو لا يكمل ، بينما إذا كان هناك مسجد واحد - مثلًا - أو مسجدين يسع أهل المحلَّة فالأفضل أن يجتمعوا في صلاة الجماعة ولا يتفرَّقوا ؛ لأن التفرُّق ضعف كما تعلمون والاجتماع قوة ، وهو الأحبُّ إلى الله - تبارك وتعالى - كما قال : ( المؤمن القويُّ أفضل عند الله - عز وجل - من المؤمن الضَّعيف وفي كلٍّ خير ) .

نقول لهؤلاء الناس : لماذا تُعيدون صلاة الظهر بعد الجمعة ؟ يقولون لأننا نشك في الصحة . لماذا شككتم ؟ لأنُّو لا بد من توحيد صلاة الجمعة ، قلنا أنه لم يقم الدليل على شرطية هذا التوحيد وإنما على الأفضلية ؛ مع ذلك حين تشكُّون في صحة صلاة الجمعة تُرى هل تكون هذه الصلاة صحيحة ؟ نسألهم : هل يجوز يدخل في الصلاة وهو يشكُّ أنها صحيحة لسبب أو أكثر ، مثلًا يشكُّ أنه على طهارة أم لا ؛ تُرى صلاته تكون صحيحة ؟ هو يقول : الله أكبر وهو شاكك ؛ هل هو على طهارة أم لا ؟

لا شك باتفاق العلماء هذه الصلاة مرفوضة ؛ ليه ؟ لأنُّو شاكك في شرط من شروط الصلاة ، شرط من شروط صحة الصلاة ؛ إذًا هذه الصلاة غير صحيحة ؛ فلماذا تصلون صلاة الجمعة وأنتم تشكُّون في صلاتها ، في صحتها ؟ فإن قالوا : لا ، نحن ما نشك . نحن نقول بأنُّو هذه الصلاة صحيحة ؛ فيعود السؤال : لماذا تعيدون الظهر ؟ يقولون : أحوط . بعضهم يجيب هكذا ؛ نقول : من أين جئتم بهذا الأحوط والسلف الصالح كلهم ما صلوا هذه الصلاة مع أنُّو الأزمنة اختلفت ، والجمعة والجوامع تعدَّدت ؟

خلاصة القول : بعض العلماء المتأخِّرين - حتى من الشافعية - اهتدوا وألَّفوا بعض الرسائل في النَّهي عن أداء صلاة الظهر بعد الجمعة ؛ لأن صلاة الجمعة صحيحة مئة في المئة ، ولأن أيَّ شرط يُشترط لصحة صلاة الجماعة غير شرط الجماعة فهو ليس بصحيح ، وحسبُكم قوله - تعالى - في الآية السابقة : (( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ )) ، فإذا صلوا جماعة صلاة الجمعة فقد صحَّت صلاتهم ولا يُشترط فيها شيء آخر أبدًا .

غيره ؟

مواضيع متعلقة