هل صفة الكلام لله - عز وجل - هو كلام حقيقي أم كلام نفسي ؟ وبيان انتشار مذهب الأشاعرة والماتريدية في أتباع المذاهب الأربعة ، وذكر ترجمة أبي الحسن الأشعري ورجوعه إلى مذهب أهل السنة والجماعة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل صفة الكلام لله - عز وجل - هو كلام حقيقي أم كلام نفسي ؟ وبيان انتشار مذهب الأشاعرة والماتريدية في أتباع المذاهب الأربعة ، وذكر ترجمة أبي الحسن الأشعري ورجوعه إلى مذهب أهل السنة والجماعة .
A-
A=
A+
الشيخ : السؤال الثالث : الفرق بين كلام الله حقيقة والكلام النفسي ؟

هذه المسألة طالما اختلف فيها علماء السنة ... من جهة ، وعلماء الكلام والتوحيد من جهة أخرى ، وبعبارة أصرح : اختلف علماء الحديث ... مع الأشاعرة والماتريدية ، لقد كانوا ... أول ما ذرَّ ... قرنهم ... بين أهل السنة من جهة ، وبين أهل الاعتزال والجهمية من جهة أخرى ... ولكت مع الزمن فصارت الجهمية والمعتزلة ... وأن يجرُّوهم إلى ... الكلام الإلهي كالصفة حقيقية ... لله - عز وجل - كما يليق بجلاله وعظمته ، فاستطاعت الجهمية والمعتزلة أن يجرُّوا طوائف من أهل السنة إلى عقيدتهم في هذه المسألة ، منهم الأشاعرة والماتريدية .

ومع الأسف الشديد أقولها كلمةً صريحةً : إن أكثر أهل السنة اليوم في العقيدة هم أشاعرة وماتريدية ؛ فكلُّ حنفيٍّ في الفروع هو ماتريدي في العقيدة ، وكلُّ شافعيٍّ في الفروع هو أشعري في العقيدة ، وكذلك المالكية وطوائف كثيرة من الحنابلة أنفسهم هم أشاعرة في العقيدة ، الحنابلة أنفسهم كثيرون منهم خاصَّة كلما تأخَّر الزمن فهم أشاعرة في العقيدة ، لقد أصاب الحنابلة ما أصاب الأشاعرة من حيث الانحراف عن اتباع إمامهم في العقيدة ، لا فرق كبير بين إمام الحنابلة وأعني به أحمد بن حنبل ، وبين إمام الأشاعرة وأعني به أبا الحسن الأشعري ، فالإمام أحمد نشأ ومات على السنة ، هذه ... بمعنى لم يطرأ عليه ضلال وانحراف في شتَّى حياته العلمية ؛ سواء في الفروع أو في الأصول ، سواء في الفقه أو في العقيدة ، أما إمام الأشاعرة وهو أبو الحسن الأشعري فقد قضى أربعين سنة وهو في الاعتزال ، ثم هداه الله - عز وجل - لمذهب أهل السنة ، وألَّفَ كتابه المعروف باسم " الإبانة في أصول الديانة " ، ألَّفَ كتابه هذا على نهج السلف الصالح ، وصرَّحَ باسم الإمام أحمد منهم ، فقال أنُّو هو مذهبه على مذهب الإمام أحمد ، فأصاب الفريقَين المقلِّدَين لهذَين الإمامَين مصيبة واحدة ... فأكثر الحنابلة خرجوا عن خطِّ الإمام أحمد في العقيدة ، إلا الذين استمرُّوا يدعون إلى الكتاب والسنة كالسلفيين في كل بلاد الدنيا ، وفيهم بلا شك حنابلة كثيرون خاصَّة أتباع الإمام محمد بن عبد الوهاب إمام نجد ، هو أحيا مذهب الإمام أحمد الذي أماتَه الحنابلة أنفسهم بسبب تأثُّرهم بالمعتزلة والجهمية .

أما الأشاعرة فهم على مذهب أبي الحسن الأشعري الأول ؛ يعني حينما كان معتزليًّا ، فكتاب الإمام أبو الحسن الأشعري مطبوع اليوم عدة طبعات ، وهو سلفي ، لكنَّ هذا في جانب وأتباعه الذين ينتمون إليه في جانب آخر ، من ذلك هذه المسألة الفرعية ؛ فالأشاعرة والماتريدية يلتقون مع المعتزلة في ناحية ، في مسألة الكلام الإلهي ، ويختلفون عنهم في ناحية أخرى ، وهم كذلك يلتقون مع أهل السنة - أعني السلفيين - ... أيضًا الأشاعرة والماتريدية يلتقون مع هؤلاء في جانب ويختلفون عنهم في جانب .

توضيح هذا الإجمال ، أوَّلًا : الكلام الإلهي حقيقةً هو الذي يؤمن به السلف الصالح والصحابة والتابعون ... وعلى ذلك طائفة من الحنابلة في العصر الحاضر وما قبل ذلك ، لكن الجمهور على خلاف ذلك .

الكلام الإلهي الحقيقي هو بلا شك صفة من صفات الله - عز وجل - كصفة الإرادة وصفة العلم وصفة الخلق ، فكلُّ هذه الصفات من المعلوم لدينا جميعًا أنه لا يمكن تكييفها ولا يمكن ... فنحن نعرف أن الله - عز وجل - موصوف بصفة الخالقية ، خلق كل شيء ، لكن كيف يخلق ؟ لا أحد ... من أين نعلم أن الله - عز وجل - خالق ؟ نعلم ذلك أوَّلًا من نصوص الكتاب والسنة ، وثانيًا لأننا نذهب نرى أثر الخلق ، فنحن حينما نرى هذه المخلوقات نعلم أن الله - عز وجل - هو الذي خلقها ؛ فكيف خلقها ؟ لا ندري ؛ سواء كيف يعلم ؟ كما يتعلَّم أحدنا ؟ ينشأ صغيرًا ... ثم يتشكَّل ... (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ، كيف يسمع ؟ ... كيف ... في لغة السلف ، بل في ... كما قال ذلك إمام من أئمة السنة ، وهو مالك إمام دار الهجرة ، حينما قيل له : يا مالك ، (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) كيف استوى ؟ قال : " الاستواء معلوم - وهو في الكلام يعني - ، والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة " ، إلى آخر الأثر .

فالآن نحن في صدد الكلام على الكلام الإلهي ، نقول : كلام الله حقيقة وصفة من صفاته الجليلة مع آثارها ؛ ما هي آثارها ؟ كالكتب السماوية ... .

مواضيع متعلقة