قصر وجمع الصلاة متى يكون وكيف ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
قصر وجمع الصلاة متى يكون وكيف ؟
A-
A=
A+
السائل : هنا يسأل سائل فيقول ... قصر وجمع الصلاة متى يكون وكيف ؟

الشيخ : قصر وجمع الصلاة ، متى وكيف ؟ أما متى ؛ فذلك إذا أصبح مسافرًا ، المسافر هو الذي يجب عليه القصر ، ويجوز له الجمع ، ولكن الجمع قد يجوز أحيانًا لغير المسافر ؛ كالمرأة المستحاضة - مثلًا - ؛ فقد جاء في السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخَّص لها أن تجمع بين الصلاتين ؛ لأنها معذورة بدم الاستحاضة ، كما أنه يجوز لغيرها من النساء والرجال الجمع في حالة الإقامة بشرط أن يوجد الحرج فيما إذا أراد المسلم أن يُحافظ على أداء الصلاتين كلًّا في وقتها ، إذا وُجد الحرج هناك يجوز الجمع ، ولو كان مقيمًا ، وعلى هذا يُحمل حديث الإمام مسلم في " صحيحه " من رواية ابن عباس - رضي الله عنه - قال : " جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء لغير خوف ولا مطر " . قالوا : " يا أبا العباس - كنية عبد الله بن عباس - ، ماذا أراد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بذلك ؟ " . قال : " أراد أن لا يُحرج أمّته " . فهذا معناه حيث كان الحرج جاز الجمع بالنسبة للمقيم ، وبهذا يختلف المقيم عن المسافر ، فالمقيم لا يجوز له الجمع بين الصلاتين على الوصف المذكور في حديث ابن عباس إلا إذا وُجد الحرج ، أما المسافر فلا عليه وُجد الحرج أم لا ؛ فإنه رُخِّص له أن يجمع دون أن يشترط في حقِّه الحرج الذي اشتُرط في حق المقيم ، على هذا الوجه يجب تفسير حديث ابن عباس ، وليس كما يفهمه البعض أن الجمع بالنسبة للمقيم هو كالجمع بالنسبة للمسافر ولا فرق ، يعني يجمع متى شاء ، هذا لا يجوز ؛ لأن الأدلة القاطعة بوجوب المحافظة على أداء الصلاة في أوقاتها ، وأنه لا يجوز أن يقدِّمَها أو أن يؤخِّرَها ؛ إلا فيما جاء الاستثناء ، أيضًا هذا من باب إعمال النص العام في حدود عمومه إلا ما استُثني ، فله حكمه .

بقي من السؤال الشطر الأخير ، وهو كيف يجمع ؟

لعل السائل يعني بهذا الطرف من السؤال كيف يجمع ؟ الذي يبدو لي هل يجمع المسافر وهو مجدٌّ ومنطلقٌ فهو يجمع في مسيره ، أما إذا نزل منزلًا وأقام فيه وحضرته الصلاة الأولى والثانية وربما أكثر من ذلك ؛ فلا يجمع لأنه نازل ، كما يذهب إلى ذلك ابن قيم الجوزية - رحمه الله - في كتابه " الزاد " ؟

الجواب : هذا التفصيل لا دليل عليه يُلزم المسلم المسافر بأن لا يجمع بين الصلاتين إلا إذا كان سائرًا ، أما إذا كان نازلًا فلا يجمع ، هذا مما لا دليل عليه ، وحديث ابن عمر الذي يحتج به ابن قيم الجوزية أنه كان إذا جدَّ به السير جمع ، هذا لا ينفي أنه إذا كان نازلًا أن يجمع ، وإنما حديث ابن عمر يتحدَّث عن حالة من أحوال الرسول - عليه السلام - التي هو اطَّلع عليها ، وهي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع إذا جدَّ به السَّير ، لكن هذا دليل صالح لما قلنا آنفًا أن المفهوم يُحتج به ؛ إلا إذا خالفه منطوق ، فالآن لِنُعمل هذه القاعدة على حديث ابن عمر هذا ، حديث ابن عمر منطوقه صريح ، مفهومه أنه إذا كان غير جادٍّ في السفر ومنطلق ؛ فكان لا يجمع . هذا المفهوم كان ينبغي أن يُؤخذ به كما فعل ابن القيم وغيره لولا أنه قد جاء في حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - الذي أخرجه مالك في " الموطّأ " وغيره في غيره أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان نازلًا في سفره إلى تبوك ، أو في رجوعه إلى تبوك - الشك منِّي - ، فحضرت صلاة الظهر ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي : من خيمته ، فأمر بالأذان فأُذَّن ، وبالصلاة فأُقيمت ، فصلى الظهر والعصر جمع تقديم ، ثم دخل ، ثم لما صار وقت المغرب خرج - أيضًا - ، وأمر بالأذان والإقامة ، فصلى المغرب والعشاء جمع تقديم ، فهذا الحديث صريح في الجمع وهو نازل فيُضمُّ هذا إلى حديث ابن عمر ، ونخرج بنتيجة : أن الجمع بالنسبة للمسافر يجوز سواء كان نازلًا أو كان سائرًا . هذا ما يبدو لي من أن السائل يريد الجواب عليه .

مواضيع متعلقة