هل يستدل بحديث أنس رضي الله عنه وأنه صلى الفجر مع جماعة بعد ماانتهت الجماعة الأولى على مشروعية تكرار الجماعة الثانية ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يستدل بحديث أنس رضي الله عنه وأنه صلى الفجر مع جماعة بعد ماانتهت الجماعة الأولى على مشروعية تكرار الجماعة الثانية ؟
A-
A=
A+
الشيخ : ... حديث بيوتهم ، في حديث آخر في أثر آخر يرويه الإمام الطبراني في " معجمه الكبير " عن عبد الله بن مسعود أنه كان في بيته وعنده رجلان ، فأُذِّنَ لصلاة الظهر ، فتهيَّأ لها ثم خرجوا جميعًا ، فما وصل المسجد إلا وبدأ الناس يخرجون من المسجد ، الصلاة انتهت ، فعاد بهما إلى البيت وصلَّى بهما جماعةً في البيت ؛ فهذا أثر غير أثر الحسن البصري .

السائل : ... .

الشيخ : تفضل .

السائل : في " مصنف عبد الرزاق " أن الصحابي أنس - رضي الله عنه - صلى صلاة الفجر بعدما انتهت جماعة مع التابعين .

الشيخ : نعم .

السائل : فهل نستدلُّ من هذا الحديث على وجوب صلاة الجماعة الثانية ؟

الشيخ : لا ، لو تذكَّرت القيد الذي ذكرتُه آنفًا لَعرفت أن هذا الأثر لا يدل على خلاف ما سبق ، قلت لكم : إن الإمام الشافعي - رحمه الله - وغيره من الأئمة إنما حَكَمُوا بعدم شرعية تكرار الجماعة في مسجد له إمام راتب ومؤذِّن راتب ، وإنما يصحُّ الاستدلال بأثر أنس فيما لو كان قد وُصِف فيه ذلك المسجد وهو أن له إمامًا ومؤذِّنًا راتبًا ، وهذا بلا شك لا يوجد فيه هذا الوصف ، ولا يصح أن يُقال أن الحديث مطلق أو الأثر مطلق ؛ لأن الإطلاق والعموم إنما يكون في الإنشاء من الأخبار ، أما إذا كنت تتحدَّث عن أمر واقع فهذا الأمر الواقع لا عموم له ، يعني ذلك المسجد له صفة من صفتين إما أن يكون له إمام راتب ومؤذِّن راتب أو ليس كذلك ، فلما لم يأتِ وصف المسجد بأن له إمامًا راتبًا ومؤذِّنًا راتبًا يسقط الاستدلال بهذا الأثر ، هذا من جهة .

من جهة أخرى هذا لو كان قد صرَّح في الأثر بأن المسجد كان له إمام راتب ومؤذِّن راتب نقول : هذا فعل صحابي خالف أفعال الصحابة الأخرين الذين في مقدِّمتهم عبد الله بن مسعود فضلًا عن الجمع الآخر الذين عبَّرَ عنهم الحسن البصري حين قال : " أن صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا دخلوا المسجد فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى " ، فيبقى عندنا تعارض بين جماعة الصحابة وفي رأسهم ابن مسعود بدليل أثر الطبراني في " المعجم الكبير " ، فهؤلاء في جانب وأثر أنس بن مالك في جانب آخر ، ولا شك أن النفس تطمئنُّ لِمَا عليه عملُ جماعة الصحابة أكثر بكثير مما عَمِلَ أحدهم على خلاف عمل الجماعة ؛ لا سيما وفي الجماعة كما ذكرنا ابن مسعود وهو أفقه بكثير من أنس بن مالك .

مواضيع متعلقة