الكلام على مسابقة المأموم للإمام في التأمين في الصلاة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على مسابقة المأموم للإمام في التأمين في الصلاة .
A-
A=
A+
الشيخ : الشيء الثالث : أنه إذا كان هناك في تفسير هذا الحديث قولان كما ذكرنا ؛ فليس هناك أيُّ قائل يقول بجواز مسابقة المقتدي للإمام بتأمينه ، وهذه المسابقة واقعة ، لا أقول في سوريا ؛ بل ربما في كل العالم الإسلامي إذا صح القياس من الغائب على الشاهد .

فقد ذهبت إلى كثير من البلاد ، ففي الأردن مثلًا ، في الحجاز ، في السعودية بصورة عامَّة ، في مصر ، في المغرب ، وأخيرًا في بريطانيا المسلمين الذين هناك كلهم يسابقون الإمام في قولهم : ( آمين ) ؛ حتى أنصار السنة في عقر دار السنة في مصر في القاهرة يقعون في هذه المخالفة ، وحتى في هذا المكان ، فلا يكاد الإمام ينتهي من قوله : (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ )) إلا وسابق المقتدون إلى قولهم : ( آمين ) قبل أن ينتهي هو من المدِّ العارض للسكون ، وقبل أن يتنفَّس حتى يتمكَّن من قوله : ( آمين ) . هذه المسابقة لا أحد يقول بها إطلاقًا ، فأنا أتَّخذ من هذا الشاهد الواقع دليلًا ثالثًا على ترجيح القول الذي نحن في صدد ترجيحه .

... لا يمكن تحقيقه إلا بشقِّ الأنفس ، وإلا بالنسبة لأفراد قليلين جدًّا جدًّا من المصلين ، وهم الذين يتابعون الإمام آية آية ، وهذا طبعًا مما لا يتَّصف به جماهير المصلين ، ولما كان من القواعد الشرعية ما يسمَّى بقاعدة " سد الذريعة " ؛ فتقتضي حين ذاك حكمة التشريع ترجيح القول الثاني على القول الأول ؛ لأنَّ الأخذ بالقول الأول - أي : بالمقارنة بتأمين المقتدي مع الإمام - تعريض للمقتدي لمسابقة الإمام ؛ تقدُّمًا من جهة ، وهذه هي المسابقة ، وتقدُّمًا في الاقتداء ، وتقدُّمًا في الانتهاء ؛ ذلك لأن الإمام يقول : ( آمين ) على وزان ما كان يقرأ ، فإذا كان يقرأ بسرعة فهو لا يمدُّ نَفَسَه وصوته بـ ( آمين ) ، وإذا كان يقرأ كما أمر الله - عز وجل - في قوله : (( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا )) ؛ فهو إذا قال - مثلًا - : (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ )) مدَّها ست حركات فهو سيقول : ( آمين ) ، فبينما يبتدئ هو وينتهي بيكونوا المقتدين انتهوا ، فسابقوا الإمام مسابقة لا يكاد يقول بها إنسان عالم مسلم .

فإذا ما لقِّن المصلون هذا القول الذي يدل عليه ظاهر قوله - عليه السلام - : ( إذا أمَّنَ ؛ فأمِّنوا ) ؛ حين ذاك حِيلَ بينهم وبين مسابقتهم الإمام المسابقة التي جاءت نصوص كثيرة تنهى المقتدي عن مخالفة الإمام وعن مسابقته ؛ فكيف وهو يقول بصراحة : ( إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنوا ) ؟!

هذا هو الأمر الأول الذي أردْتُ أن أنبِّه عليه من هذا الحديث .

مواضيع متعلقة