لماذا هم النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق المتخلفين عن صلاة الجماعة ثم لم يفعل ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
لماذا هم النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق المتخلفين عن صلاة الجماعة ثم لم يفعل ؟
A-
A=
A+
الشيخ : و لذلك أكّد النبي صلى الله عليه و آله و سلم المعنى المتضمّن في هذا الحديث الآمر كل من يسمع النداء أن يجيب بمثل قوله عليه الصلاة و السلام: ( لقد هممت أن آمر رجلا فيصلي بالناس ثم آمر رجلا فيحطب حطبا ثم أخالف إلى أناس يدعون الصلاة مع الجماعة فأحرّق عليهم بيوتهم و الذي نفس محمد بيده لو يعلم أحدهم أن في المسجد مرماتين حسنتين لشهدها ) ، في هذا الحديث وعيد شديد جدّا لمن يتخلف عن الصلاة في مسجد المسلمين دون عذر شرعي أنه يستحق أن يحرق بالنار في الدنيا قبل الآخرة ذلك لأن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قد قال كما سمعتم: ( لقد هممت أن آمر رجلا فيصلي بالناس ) أي نيابة عنه ثم يفعل ما يأتي قال: ( ثم أخالف إلى أناس يدعون الصلاة مع الجماعة فأحرّق عليهم بيوتهم ) , أخالف إلى أناس يدعون الصلاة مع الجماعة أي أباغتهم و أفاجئهم لأن المفروض في هؤلاء المتخلّفين أن يجيبوا نادي الله كما قلنا و المفروض أنهم يعلمون أن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم يصلي في المسجد إماما كما هي عادتهم و لكنه همّ عليه الصلاة و السلام أن يوكل رجلا يصلي نيابة عنه ليباغت المتخلفين عن الصلاة في المسجد فيحرق عليهم بيوتهم ثم قال عليه الصلاة و السلام مبينا البلاء الذي يصيب كثيرا من الناس و بخاصة في آخر الزمان كزماننا هذا أنهم يتخلفون عن الجماعة لأمر دنيوي مهما كان حقيرا فقال عليه الصلاة و السلام: ( و الذي نفس محمد بيده لو يعلم أحدهم أن في المسجد مرماتين حسنتين لشهدها ) يعني عظمتين من أسفل قدم الشاة أو المعزاية ترمى عادة في الأرض لا قيمة لها لو يعلم أنه يجد في المسجد فائدة دنوية كهاتين المرماتين ( لشهدها ) أي صلاة العشاء إلى هنا ينتهي هذا الحديث و هو من أصح الأحاديث حيث أخرجها الإمامان البخاري و مسلم في صحيحيهما و هنا سؤال قد يرد في خاطر بعض الناس عادة ألا وهو لماذا هم عليه الصلاة و السلام بحرق المتخلفين عن الصلاة و لم يفعل قال ( لقد هممت ) لكنه ما فعل و لذلك هذا الحديث يذكّرنا بآية في القرآن الكريم قد يسيء فهمها بعض التالين و القارئين للقرآن الكريم حينما يمرون بقوله تبارك و تعالى في سورة يوسف: (( و لقد همّت به و هم بها لولا أن رأى برهان ربه )) فالهمّ لا يعني الفعل و إنما هو من مقدّمات الفعل فالعلماء يقسمون ما يخطر في بال المسلم ثم ما ينتج من وراء ذلك من العمل إلى أقسام : القسم الأول الخاطرة , خاطرة تخطر في بال إنسان سواء كان خيرا أو كان شرا فإذا قويت هذه الخاطرة و أخذت مكانها من بال الإنسان صار همّا فإذا قويت و ازدادت قوة هذه الخاطرة و وصلت إلى مرتبة الهمّ يلي ذلك العزم و ليس بعد العزم إلا الفعل و لذلك قال تعالى في مسألة الطلاق: (( و إن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم )) فالشاهد أن العزم هو قبل الفعل ليس بعده إلا الفعل فلما همّ النبي صلى الله عليه و آله و سلم على التحريق فهو لم يعزم لماذا ؟ فضلا عن أنه لم ينفّذ ؟ الجواب أن في البيوت كما تعلمون من لا تجب عليه صلاة الجماعة أول ذلك النساء ثم الصبيان الذين لم يدخلوا في مرتبة التكليف و يكون أيضا في البيوت ناس مكلفين لكنهم من المعذورين و لذلك كان من حكمة الرسول عليه السلام أن أوعد و لم ينفذ فقد جمع بين تحقيق المصلحة و هي الحض على حضور صلاة الجماعة و دفع المفسدة و هو عدم تحريق البيوت بمن فيها لأنه لو فعل ذلك لأصاب الحريق من لا يستحق الحرق .

إذن في هذا الحديث وعيد شديد لأولئك الذين يتخلفون عن صلاة الجماعة دون عذر شرعي و ليس هناك من الأعذار ما يمكن أن يذكر بهذه المناسبة إلا أن يكون الرجل مريضا , إلا أن يكون نائما و أن يكون نومه أيضا مشروعا و هذا له بحث طويل و لا أريد الآن الخوض فيه خشية أن نخرج عما نحن في صدده .

مواضيع متعلقة