حكم الصلاة في الأوقات المنهيِّ عنها . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حكم الصلاة في الأوقات المنهيِّ عنها .
A-
A=
A+
الشيخ : من الناحية الفقهية ، بالنسبة لمسألتنا الآن وضحت ، (( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )) ، هل هناك حالات لا يسمع الإنسان ويجوز أن يلهو والقرآن يُتلى ؟ أبدًا ، كذلك قوله - عليه السلام - في الحديث السابق : ( إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتمَّ به ، فإذا كبَّر فكبِّروا ، وإذا قرأ فأنصتوا ) ، ما دخل التقييد لأنُّو ماشي مع الآية ، إذًا هنا عمومان تعارَضَا ، عموم : ( لا صلاة ) ، وعموم : ( فأنصتوا ) ، مع (( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا )) فيُقيَّد العام المقيَّد بالعام غير المقيد .

مثاله الآن مثاله للفائدة : كثير ناس يستشكلوا إذا دخلوا المسجد في وقت الكراهة يصلوا التحيَّة ولَّا لا ؟ دخل قبيل غروب الشمس بدقائق ، هل يصلي التحية ولَّا لأ ؟ طبعًا المسألة فيها خلاف ، لكن قصدنا الآن كيف التوفيق بين : ( لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ) ، فأنت دخلت المسجد لأمر ما بعد صلاة الفجر ؛ تصلي التحية ولَّا لأ ؟ قيل وقيل ، ما لنا في هذا ، فإن قلت : لا أصلي تمسُّكًا بهذا الحديث جاءك حديث آخر : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتَّى يصلي ركعتين ) ؛ إذًا شو بتساوي ؟ كبار العلماء اللي قرأنا لهم كلام في هذا الموضوع ما استطاعوا يحلُّوا المشكلة إلا ابن تيمية بصورة خاصَّة ، وإلا الحافظ العراقي بصورة عامَّة حيث ذكر القواعد ، كان من هذه القواعد ما ذكرته آنفًا ؛ وهو : الدليل العام إذا دخله التَّخصيص ضَعُفَ عمومه ، أما الدليل العام الذي ما دخله التخصيص فيبقى قويًّا عمومه ، القويُّ يتغلَّب على الضعيف ، فيصبح الأمر : لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا - في استثناء - إلا ، استثناءات كثيرة وكثيرة جدًّا ؛ مثلًا : رجل دخل المسجد صلاة الصبح والإمام يصلي ، ما كان صلى التحية - عفوًا - السنة القبلية ، الله أكبر سلَّم الإمام ؛ هل يجوز له أن يقوم ويصلي سنة الفجر اللي فاتَتْه ؟ الجواب : نعم ، ماذا فعلنا ( لا صلاة بعد الفجر ) ؟ قيَّدناه ؛ لأن الرسول رأى رجلًا بعدما سلَّم الرسول - عليه السلام - من صلاة الفجر قام يصلي قال : ( آالصُّبح أربعًا ؟ ) . بعدما صلى قال : يا رسول الله ، دخلت المسجد وأنت في الصلاة ، وما كنت صليت السنة ، هذه هي السنة ، فسكت - عليه السلام - ، فأخذ العلماء استثناء هذه الحادث من ( لا صلاة بعد الفجر ) ، وهكذا بعد العصر .

أحاديث كثيرة منها : حديث في " موطأ الإمام مالك " أن الرسول - عليه السلام - في حجة الوداع صلى في مسجد الخيف صلاة الفجر ، فلمَّا سلم وجد رجلين من بعيد يدلُّ حالُهما أنهما ما صلوا مع الجماعة ، فناداهم قال لهما : ( أَوَلسْتُما مسلمين ؟ ) . قالوا : بلى يا رسول الله . قال : ( فما منعكما أن تصلِّيا معنا ؟ ) . قالا : يا رسول الله ، إنَّا كنا قد صلينا في رحالنا . قال : ( فإذا صلى أحدكم في رحله ثم أتى مسجد الجماعة ؛ فليصلِّ معهم ؛ فإنها تكون له نافلة ) . إذًا هنا تخصيص ثاني ؛ أي : بعد الفجر مكروه الصلاة بعد الفجر ؛ لذلك العلماء المحقِّقون جاؤوا بقاعدة تجمع الأحاديث الواردة في هذه القضية ؛ قالوا : الصلاة المنهي عنها في الأوقات المَكروهة هي النوافل المطلقة ، أما النوافل التي لها أسباب فلا تُكره .

إجينا إلى تحية المسجد ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس ) ، عارض ( لا صلاة بعد الفجر ) بعد العصر ؛ هذه معارضة ما هي قوية ، لأنه لا صلاة ضعف عمومه بمخصِّصات كثيرة وكثيرة جدًّا ، قلنا - مثلًا - لا صلاة بعد الفجر إلا من فاتته سنة الفجر ، بعد الفجر وبعد العصر إلا من دخل مسجد جماعة وكان صلى الفريضة هو ؛ فليصلِّها معهم تكون له نافلة ، إلا إلا ؛ إذًا يدخل استثناء أخير وهو : لا صلاة بعد الفجر ولا صلاة بعد العصر إلا تحية المسجد ؛ لماذا ؟ لأنَّ الأمر بالتحية ما دخله تقييد ولا دخله تخصيص . بهذه القاعدة يُجمع بين الأحاديث .

السائل : جزاك الله خيرًا .

الشيخ : وإياك .

السائل : ... ونحن استفدنا .

الشيخ : أهلًا مرحبًا .

سائل آخر : في تفصيل ... .

الشيخ : تفضل ، تفضل .

مواضيع متعلقة