هل الصلاة في المسجد النبوي لا تُشرع لوجود قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل الصلاة في المسجد النبوي لا تُشرع لوجود قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟
A-
A=
A+
السائل : بالنسبة لـ " المسجد الأموي " يعني بعضهم كمان القبر إليه ... .

الشيخ : عبارة قرأها من كتاب ، قد ذكرنا في نفس الصلاة جواب هذا السؤال .

السائل : ... .

الشيخ : نعم ؟

السائل : ... .

الشيخ : السؤال إذًا هكذا يقول السَّائل - وحُقَّ له ذلك - : إذًا الصلاة في المسجد النبوي لا تُشرع ؟

-- مكبِّر الصوت يعمل عندكم ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب . --

هذا هو السؤال ، وقلت أنَّ جواب هذا السؤال المبسَّط - أيضًا - في ذاك الكتاب " تحذير الساجد " ، وخلاصة الجواب : أن الصلاة في المسجد النبوي - صلى الله عليه وآله وسلم - مع كون القبر فيه ليس كالصلاة في سائر المساجد المبنية على القبور ؛ وذلك لأن للصلاة في مسجد الرسول - عليه السلام - مزيَّة لا توجد في كل مساجد الدنيا إلا مسجد مكة ، وذلك لقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( صلاة في مسجدي هذا بألف صلاة ممَّا سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ) ، وهذه الفضيلة ثابتة مستقرَّة مستمرَّة إلى يوم القيامة ، فكل مَن صلى في هذا المسجد يبتغي هذه الفضيلة التي نَصَّ عليها الرسول - عليه السلام - فله هذه الفضيلة لا ينسخها شيء .

وكيف الجمع بين هذا وبين التحذير السابق ؟

قد قرَّبنا الجواب عن هذا السؤال في ذاك الكتاب ؛ فقلنا : مَثَل الصلاة في المساجد المبنية على القبور كمَثَل الصلاة في الأوقات المنهي عنها بعد طلوع الشمس وعند غروبها وعند استوائها في كبد السماء في وسط السماء ، ومَثَل الصلاة في المسجد النبوي مع وجود القبر فيه كمَثَل صلاة النوافل ذوات الأسباب في تلك الأوقات المنهي عن الصلاة فيها ؛ أي : إذا دخل الرجل المسجد أيَّ مسجد كان في وقت الكراهة ؛ هل يصلي تحية المسجد أم لا يصلي ؟ الجواب الصحيح : يصلي ، فإن عارَضَنا معارضٌ قال : كيف تصلي في هذا الوقت ؟ وهذا ما وقع لنا في هذه العمرة الأخيرة ؛ دخلنا المسجد النبوي قبل صلاة المغرب تقريبًا بعشرة دقائق ، فقُمْتُ أصلي التحية ، فمَرَّ الناس ، وأحدهم كان جريئًا ، قال : يا رجل ، الآن مش وقت صلاة !! طبعًا وأنا مش وقت أرد عليه ، إنما أحكي أنُّو الناس هكذا يعلمون أن الصلاة مكروهة في الأوقات الثلاثة مطلقًا ، لكن مذهب الإمام الشافعي يفصِّل وهو الصواب في المسألة ؛ " النوافل التي يُراد بها زيادة التقرُّب إلى الله وهي النوافل المطلقة لا يجوز صلاتها في تلك الأوقات ، أما النوافل التي لها أسباب فيجوز كسنة الوضوء وتحية المسجد ونحو ذلك " ، فإذًا هذا نوع من الصلاة - أي : ذوات الأسباب - مستثنى من حكم كراهة الصلاة الأوقات الثلاث ؛ لماذا ؟ قال أهل العلم : لأن هذه الصلاة في ذلك الوقت لا تُقصد لمجرَّد التنفل المطلق ؛ لأن مجرَّد التنفل المطلق باستطاعتك أن تتنفَّل في الأوقات السليمة من الكراهة ، وإنما أنت تتنفَّل لمناسبة وهو دخولك المسجد ، فوُجِد سبب ، هذا السبب إن لم تصلِّ له فاتَتْك الصلاة ، أما النافلة المطلقة فلا تفوتك أبد الدهر ؛ تستطيع أن تصلي في أيِّ وقت كان .

كذلك الصلاة في المسجد النبوي إن لم تصلِّ فيه لوجود القبر فاتتك الألف صلاة ، بينما المساجد الأخرى إذا ما صليت في " بني أمية " صليت مثلًا في " البغا " أو غيره من المساجد " مسجد العقيبة " إلى آخره ؛ ما فاتك شيء من الفضيلة إطلاقًا . ولكن الواقع - وهذا أيضًا من المؤسف - أن كثيرًا من الناس يتوهَّمون أن الصلاة في " مسجد بني أمية " له فضيلة خاصَّة أيضًا !! والأعجب والأغرب أنهم بالغوا في هذه الفضيلة حتى تفوَّقوا بها على فضيلة الصلاة في المسجد النبوي ، وقاربوا بها فضيلة الصلاة في المسجد الحرام ؛ فقد جاء في " حاشية ابن عابدين " أن الصلاة في " مسجد بني أمية " قال سفيان الثوري : بسبعين ألف صلاة ، هكذا ذكروا ، وكان كثير من الناس ممَّن لا يعرفون العلم وأصوله سفيان الثوري قال ؛ انتهى الأمر ، ولو كانوا يعلمون لو كان سفيان الثوري يقول : قال رسول الله لَمَا كان لهذا الحديث وزن ولا قيمة ؛ لأنه في اصطلاح المحدثين حديث معضل ؛ يعني أكثر من مرسل ، والحديث المرسل لا يُحتَجُّ به ؛ فكيف بالمعضل ؟ فكيف وهو لم يقُلْ : قال رسول الله ؟ سفيان الثوري قال كذا ، فكيف والسند إلى سفيان الثوري لم يصحَّ ؟! ظلمات بعضها فوق بعض !! مع ذلك جاء في " حاشية ابن عابدين " كأنه أنزَلَه رب العالمين في القرآن الكريم ؛ ولذلك تجد كثير من الناس خاصَّة المسلمين منهم يتقصَّدون الصلاة في ذلك المسجد ؛ مع أنه لا فارق بينه وبين أيِّ مسجد ، نعم هناك فارق ؛ لأنه وُجِد القبر فيه ، فحضور هذا المكان وفيه الاستغاثة بغير الله والشرك مع الله هو في الأصل لا يجوز لو لم يكن هناك مثل تلك الأحاديث ؛ لأنك بدك تحضر بدك تأمر بالمعروف تنهى عن المنكر ، ولا تستطيع أن تفعل ذلك إطلاقًا ، وإلا قام الناس عليك وآذَوك ، وربما قتلوك .

نعم .

...

مواضيع متعلقة