ذكر أثر الإمام مالك في الاستواء ، وأنَّ الواجب إثبات هذه الصفة من غير تمثيل . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ذكر أثر الإمام مالك في الاستواء ، وأنَّ الواجب إثبات هذه الصفة من غير تمثيل .
A-
A=
A+
الشيخ : وقد تواتر أو على الأقل اشتهر عن الإمام مالك - رحمه الله - أنه جاءَه رجلٌ ، فقال : يا مالك ، (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) كيف استوى ؟ فكان جوابه - رحمه الله - أن قال : " الاستواء معلوم " ؛ يعني لغةً وهو العلوُّ ، الاستواء لغةً معناه العلوُّ ؛ هكذا يعني الإمام مالك بقوله : " الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة " . " والسؤال عنه " ؛ أي : عن الكيف بدعة ، فالإمام مالك - رحمه الله - يُقرِّر في جوابه هذا للسَّائل العقيدة السلفية الجامعة لكلِّ صفات الله - عز وجل - ، فهي تُثْبَت كما جاءت وبالمعنى الثابت لغةً ، ولكن لا ... تمثيلها وتشبيهها ؛ لأن الله - عز وجل - يقول في القرآن الكريم : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ، ففي الآية نفيٌ وهو تنزيه (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) ، وفي الآية إثبات لصفتين من صفات الله - عز وجل - وهو أنه سميع بصير ، فسَمْعُه لا يُشبِهُ الأسماع ، وبصره لا يُشبه الأبصار ، (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) .

كذلك بهذه الآية حين قال - تعالى - : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) منفي عنه مُشابَهَتُه للحوادث ومشابهة الحوادث له ، ولكن ذلك لا يعني أن ننفي عنه الصفات التي أثبَتَها - تبارك وتعالى - لنفسه .

ومن هنا جاء انحراف الذين انحرفوا عن طريقة السلف الصالح وهو من عدم جَمعِهم بين التنزيه والتثبيت للصفات ؛ لأن الآية نفَتْ وأثبَتَتْ ، نفت شيئًا وأثبتت شيئًا ؛ فلا يكون الإيمان بالله - عز وجل - إلا بالإيمان بهذَين الأمرَين اللَّذَين ذكرَهم الله في هذه الآية ، تنزيه وإثبات ؛ تنزيه الله - عز وجل - عن مشابهته للحوادث ، وإثبات الصفات لله - عز وجل - التي أثبَتَها الله - عز وجل - لنفسه .

فصفات الله كثيرة ، وهي مبثوثة في نصوص الكتاب والسنة ، وفي بعضها اتفاق ، وفي كثير منها اختلاف .

مواضيع متعلقة