نقل ابن بطال والقاضي عياض الإجماع على عدم جواز تقدم المصلي ليرد من أراد اللمرور بين يديه لأنّ ذلك أشد من المرور ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
نقل ابن بطال والقاضي عياض الإجماع على عدم جواز تقدم المصلي ليرد من أراد اللمرور بين يديه لأنّ ذلك أشد من المرور ؟
A-
A=
A+
السائل : السؤال التالي فضيلة الشيخ ، يقول السائل : نقل ابن بطَّال والقاضي عياض الإجماع على عدم جواز تقدُّم المصلي ليردَّ من أراد المرور بينه وبين سترته ؛ لأن ذلك أشد من المرور ، وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - مشى حتى ألزقَ بطنه بالجدار ، ومرَّت الشاة خلفه ؛ فما رأيكم في هذه المقولة ؟ وكيف نوفِّق بين العلة المذكورة للإجماع أو في الإجماع وهي أن هذا التقدُّمَ عمل كثير وبين مشي النبي - صلى الله عليه وسلم - لفتح الباب ؟ وجزاكم الله خيرًا .

الشيخ : ما هو المنقول بالضبط عن القاضي ؟ وإيش الثاني ؟

السائل : يقول السائل : نقل ابن بطَّال والقاضي عياض الإجماع على عدم جواز تقدُّم المصلي ليردَّ من أراد المرور بينه وبين سترته ؛ لأن ذلك أشد من المرور .

الشيخ : الحقيقة أنُّو هذا النقل فيه نظر كبير ، ويستحيل أن يكون الإجماع فيه صحيح النقل ؛ لأنه أولًا من المسائل النظرية التي لا يُمكن الوصول إلى معرفة رأي جميع علماء المسلمين ممن تقدَّم منهم وتأخَّر ؛ لأن مثل هذا الإجماع الذي يُنقل في مثل هذه المسألة النظرية هو كالعنقاء اسم بغير جسم ، من الذي ممكن أن يمرَّ على كل العلماء في كلِّ عصر ليجمع أقوالهم وتتَّحد أقوالهم ، ثم تصل إلى زمن الذي نقله القاضي هذا وغيره ؛ أن الإجماع وقع أنه لا يجوز التقدُّم لردِّ المار ؛ لأنه أكثر خطأً من المرور .

أنا أقول :

أولًا : لردِّ هذا الإجماع المزعوم ، فيه الحديث الذي جاء ذكره في السؤال أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يصلِّي حينما لاحظ بأن شاةً تُريد أن تمر بين يديه ، فساعاها - أي : سبقها - حتى ألصق بطنه بالجدار ، فمرت من خلفه ، هذا حديث صحيح ؛ فكيف يُمكن أن ينعقد إجماع على خلافه ؟

ثانيًا : قد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا قام أحدكم يصلي ، فأراد أحدٌ أن يمرَّ بين يديه فليمنعه ، فإن أبى فليدفعه ، فإن أبى فليُقاتله ؛ فإنما هو شيطان ) ، ولا شك أن المقاتلة أشدُّ من مشي خطوة أو خطوتين .

ثالثًا - وأخيرًا - : لمنع المار بين يدي المصلي لا يحتاج الأمر إلى أن يتقدَّم .

وهنا يخطر في بالي الآن لعلَّ هذا الإجماع المُدَّعى ليس هو فيما إذا أراد أن يمرَّ بين المصلي وبين سترته ، وإنما يكون الرجل لم يتَّخذ سترة ، ويمر المار بعيدًا عنه ؛ بحيث أنه لو أراد منعه بيده - كما أشار - عليه السلام - آنفًا في الحديث الصحيح - لا يطول المار ولا يستطيع أن يمنعه ؛ فيتقدَّم إليه ليمنعَه ، هنا يمكن أن يُقال بأن هذا الكلام صحيح بغضِّ النظر عن الإجماع ؛ لأن الإجماع لا يمكن أن يصح في هذه القضية ، وإلا لماذا قيَّد العبارة المذكورة آنفًا أن يتقدَّم لمنع المار ، والمقيم بل القائم في الصلاة وأمامه سترة ، وهو - كما تعلمون - في السنة لا ينبغي أن يكون بعيدًا عن السترة ؛ إلا بمقدار شبر أو ممر شاة كما جاء في بعض الأحاديث بين موضع سجوده وموضع السترة ؟ ففي الغالب إذا أراد المار أن يمرَّ بينه وبين السترة فيكفيه أن يمنعه بمدِّ يده ، أما إذا أراد أن يمرَّ وراء موضع السجود - أي : وراء الستارة - ؛ فهذا أولًا لا يضره ، أما في حالة عدم اتخاذه السترة فلو مرَّ المار بين يديه ، وأراد ان يمنعه حتى لو كان قريبًا ما يجوز أن يمنعه ؛ ذلك لأنه لم يضع العلم ، وهي السترة التي تُعلن ممنوع المرور ، هذا اصطلاح نبوي كريم ، الآن ممنوع المرور إشارة تعرفونها بالنسبة للسيارات ، فهذا الْـ فهذه السترة جعلَها الرسول - صلى الله عليه وسلم - إشارة للرائي والناظر إليها ؛ أنه لا يجوز أن تمر بين يديه ، فإذا مرَّ من خلفها فلا ضير ، وإذا لم يكن واضعًا لها فمرَّ بين يديه فليس له أن يمنعه ؛ لأنه قصَّر في تطبيق السنة ؛ لذلك قال - عليه الصلاة والسلام - : ( يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرَّحل : المرأة ، والحمار ، والكلب الأسود ) ، إذا لم يكن بين يديه انقطعت الصلاة ، أما إذا كان بين يديه فلا يضره مَن مرَّ بين يديه إذا غُلِب على أمره ، أما هذا فحكم الصلاة أنها صحيحة إذا كان قد وضع السترة ، لكن الصلاة تبطل إذا لم يكن قد وضع السترة .

كذلك إذا لم يضع السترة لا يجوز له المنع ، والصلاة إما أن تبطل وإما ان ينقص أجرها بمرور غير هذه الأجناس الثلاثة : المرأة ، والحمار والكلب الأسود ، قالوا : يا رسول الله ، ما بال الكلب الأسود ؟ قال : ( إنه شيطان ) .

غيره ؟
  • فتاوى جدة - شريط : 21
  • توقيت الفهرسة : 00:53:36
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة