هل ثَبَتَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الصحابة - رضي الله عنهم - رفع اليدين بعد الصلاة المكتوبة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل ثَبَتَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الصحابة - رضي الله عنهم - رفع اليدين بعد الصلاة المكتوبة ؟
A-
A=
A+
السائل : السؤال السابع : هل ثَبَتَ رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة المكتوبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن الصحابة ؟

الشيخ : لم يثبُتْ في حديث صحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يرفع يديه بعد الصلاة ، وإنما هناك بعض الأحاديث الضعيفة ممَّا رواه الطبراني وغيره أنه رُئِي - عليه الصلاة والسلام - في بعض الأحيان يدعو بعد الصلاة رافعًا يديه ، ولكن ليس لشيء منها إسناد تقوم به الحجة ، بل إن الأحاديث التي تذكر أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يدعو بعد الصلاة بدون رفع هي أحاديث قليلة وقليلة جدًّا إلى درجة أن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إما أنه لم يتنبَّهْ لها ، أو أنه لم يَرَها دالَّةً على أن الدعاء بعد الصلاة سنة راتبة من النبي - عليه الصلاة والسلام - ؛ ولذلك فهو يختار أن يدعو الداعي قبل خروجه من صلاته بالسلام ، وأنه لا يُشرع له أن يدعو بعد الصلاة ، ونحن نوافِقُه على هذا الرأي بقيد سهل ؛ ألا وهو أنه يجوز له أن يدعوَ أحيانًا وببعض الأدعية القصيرة التي ثبتَتْ عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فكلُّنا يعلم أن في " صحيح مسلم " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يقول إذا سلَّم من صلاته : ( اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) ، وأنه - عليه الصلاة والسلام - كان يقول لمعاذ بن جبل : ( لا تدعَنَّ أن تقول دُبُرَ كل صلاة : اللهم أعنِّي على ذكرك ، وشكرك ، وحسن عبادتك ) ، وفي " صحيح مسلم " - أيضًا - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سلَّم من الصلاة قال : ( ربِّ قِني عذابك يوم تبعث عبادك ) ، وهذا دعاء ثبت - أيضًا - حينما يستيقظ النائم من نومه .

فهذا الحديث ونحوه يُثبت أصل مشروعية الدعاء بعد السلام ، ولكن كما ترون هي أدعية موجزة قصيرة ، فلذلك نحن نوافق ابن تيمية على اختياره ما هو الأفضل من الدعاء قبل السلام ، لكن لا نرى مانعًا من الدعاء - أيضًا - بعد السلام بأدعية موجزة قصيرة . ومن هنا نعلم أن ما عليه كثير من أئمة المساجد في بعض البلاد الإسلامية من استقبال الإمام للمقتدين ورفع يديه ودعائه أوَّلًا دعاء طويلًا عريضًا ، وهم يؤمِّنون على دعائه ، ثم قد يرفع صوته فيُشوِّش على مَن كان مسبوقًا بشيء من صلاته ؛ فلا نشك - والحالة هذه - بأن مثل هذا الدعاء غير مشروع ، أما الدعاء أحيانًا وبدون رفع اليدين فهذا لا بأس بشرط أن يكون الدعاء قصيرًا موجزًا .

وأستحسن ذلك المثل الذي ضَرَبَه شيخ الإسلام ابن تيمية ببيان الفرق بين مَن يدعو قبل خروجه من الصلاة ، ومَن يدعو بعد خروجه من الصلاة ، يقول : ما مَثَل هذا وذاك إلا كمثل رجل يقوم بين يدي ملك جدير وله عنده حاجة ، فهو قائم بين يديه ... لا يعرض حاجته ولا يطلبها منه وهو قائم بين يديه ، فإذا ما انصرف عنه طلب حاجته منه ، فالله - عز وجل - أولى أن يتوجَّه المصلي بما له حاجة إليه وهو قائم بين يديه يصلي ولا يزال في صلاته ، والله - عز وجل - ... عليه .

خلاصة القول : لم يصحَّ عن الرسول - عليه السلام - أنه رفع يديه بالدعاء بعد الصلاة ، أما رفع اليدين في الدعاء بصورة عامَّة فهذا أمر مشروع معروف لديكم ؛ فلا حاجة للخوض فيه .

مواضيع متعلقة