ما حكم إثبات صفة الحركة لله - تعالى - ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم إثبات صفة الحركة لله - تعالى - ؟
A-
A=
A+
السائل : أنت تفضَّلت بالحديث أنُّو ربنا ما في له حركة ؛ يعني الدلائل ؟

الشيخ : أنا ما قلت ما له حركة ، هنّ يقولوا ، هنّ يقولوا لما يؤولوا أنُّو (( وَجَاءَ رَبُّكَ )) يقولوا : لا ، الله ما يجي ، لا يروح ولا يجي ؛ ليش ؟ لأن ربنا لا يوصف بالحركة ، لكن نحن نقول : نحن لا نقول ربنا يتحرَّك ؛ لأن صفة يتحرَّك أو ما يتحرَّك هذه ما هي مذكورة في القرآن ولا في السنة ، لكن مذكور صراحة بأنه جاء وبأنه ينزل ، فإذا كان هنّ يفسِّروا جاء بالحركة فنحن ما نفسِّر هيك ، لكن ما ننكر المجيء ، ما نقول : جاء ربك أي : أمر ربك ، لا نقول : ينزل ربنا ؛ أي : رحمته ؛ عرفت عليَّ كيف ؟ فيمكن أنت دخلت عليك الشبهة من قولنا نحن ما نقول : ربنا لا يتحرَّك .

الحلبي : ونثبت المجيء .

الشيخ : أيوا ، لكن بالمقابل نثبت المجيء ، هذه تشبه قضية أخرى ، الحركة نسبتها إلى الله لم ترد لا سلبًا ولا إيجابًا ؛ واضح إلى هنا ؟ يشبه هذا لفظة أخرى تتعلَّق بالعلوِّ الإلهي ؛ هل يجوز أن نقول : الله في جهة ؟ ابن تيمية له كلام وجيه في هذه القضية قال : نحن لا نقول بأنَّ الله في جهة ولا نقول بأنَّه ليس في جهة ؛ لأن لفظة الجهة لم ترد لا سلبًا ولا إيجابًا ، لكن إذا قيل لنا كما قيل لنا هناك في منى أنُّو أنتو لما تقولوا : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) أي : استعلى ؛ معناه جعلتوه في جهة ، ووصف الله بأنه في جهة هذا لا يليق بالله - عز وجل - ؛ لأن الجهة من صفة المخلوقين ، فيقول ابن تيمية : اللي يقول بالجهة أو ينفيها نسأله ؛ هذا الذي يقول بالجهة : ماذا تعني بهذه الكلمة ؟ إذا قال : الله في جهة يعني في جهة العلو كما وصف به نفسه ما لنا سبيل في الإنكار عليه ؛ لأن المعنى الذي ذكره صحيح ، لكن اللفظ غير وارد ، وإذا كان الذي ينفي الجهة عن الله نقول له : ماذا تعني ؟ تعني أن الله - عز وجل - ليس فوق مخلوقاته ؟ إي نعم ؛ الله لا يوصف بأنه فوق ولا تحت ولا يمين . نقول : أنت أخطأت ، هو الآن أنكر الجهة بالمعنى الثابت شرعًا ، فهو أخطأ مرَّتين ؛ المرَّة الأولى جاء بلفظة غير واردة وهي الجهة ، والمرَّة الثانية أنُّو أنكر المعنى الثابت في الشرع في آيات الاستواء والعلو ؛ وضح لك الآن ؟

السائل : واضح ... الدليل اللي ذكرته لازم أنُّو يتحرك ... ؟

الشيخ : لا نقول - يا حبيبي - لا نقول : يتحرَّك ، نحن لا نقول إذا بدنا نقول بأنُّو معنى جاء تحرَّك معناه عم نعطي الصفة اللي نحن نعرفها لأنفسنا عم ننسبها لربِّنا ، ولذلك نحن .

السائل : ... .

الشيخ : اسمع يا أخي ، ولذلك نحن أتينا بالآية : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ، فهو سميع وبصير ، لكن سمعه وبصره ليس كسمعنا وبصرنا .

السائل : ... .

الشيخ : طيب ؛ نحن الآن لما نبصر الشيء تتحرَّك العين ولَّا لا ؟

السائل : ممكن تتحرَّك ممكن لا .

الشيخ : لا ، مش ممكن ، خليك أنت هلق ما تحرِّك عينك لشوف لإيمتى ؟ [ الجميع يضحك ! ] .

السائل : نحن بدنا اللحظة اللي يشوف أو ما بيشوف .

الشيخ : هو كل لحظة ، أنت هلق أنت اللحظات اللي بتشوف فيها ما بتحرِّك جفنك أبدًا ؟! شوف هَيْ الفلسفة ، وهَيْ اللي أضلَّت الناس !

السائل : اللحظة التي تنظر فيها ؟

الشيخ : إي نعم ، باللحظة اللي تشوف فيها فيها ، مش ممكن .

الحلبي : لا أقول : أبدًا ، كلمة أبدًا معناها ... .

الشيخ : لا لا ، اسمح لي ، حركة الجفن - يا أخي - أنت الظاهر تفهمها الآن أنُّو هيك ، هيك ما يشوف ، لكن إذا كان هيك بيشوف ، يعني الحركة هلق الإنسان لما بدو يحدق في شيء ... بيضب هيك شوية بين جفنيه ، فأنت عم تظن أنُّو كل من يريد أن ينظر لا بد ما يحرِّك جفنيه ؛ هذا خطأ .

الشاهد من هالكلام كله أنُّو أنت هلق لما بدك تنظر بعينك لا بد ما الجفن يتحرَّك قليلًا أو كثيرًا ، لكن مع ذلك نجيك من باب أقرب ، أنت لما تنظر تنظر بحدقة وببياض وبجفن وإلى آخره ، هل هذه الصفات نصف ربَّنا بها لأنه بصير ؟ ليش ؟ (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) كويس ؟ طيب ؛ الآن أنت لما بدك تفسِّر المجيء الإلهي بالنزول الإلهي بتستلزم منه الحركة من أين عم تأخذ أنت هاللزوم ؟ منَّا ، معناها شبَّهنا رب العالمين بنا ، ومن هون ضلَّ المعتزلة وأمثالهم ؛ كيف ذلك ؟ اسمح لي ، أنت ما تقول شيء ، أنت اسمع هلق فقط !

السائل : بدي أوضِّح .

الشيخ : لا ، أنا أوضح لك الآن .

السائل : تفضل .

الشيخ : الله يهديك ، وجهة نظرك تبيِّنها قبل مش في أثناء سماع الجواب ، من هنا ضلَّ المعتزلة وأمثالهم ؛ كيف ؟ لما سمعوا : (( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) رأسًا تبادر لذهنهم أنُّو سمعه كسمعنا ، وبصره كبصرنا ، (( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ )) تبادر لذهنهم أنُّو يد الله كيد البشر إلى آخره ، (( وَجَاءَ رَبُّكَ )) وينزل وإلى آخره تبادر لأذهانهم من هذه الصفات التي وصف الله بها نفسه أنها هي الصفات الموجودة عندنا ، شايف كيف ؟ طيب ؛ هذه الصفات معناها الله شبَّه حاله بعباده ، آ ، التشبيه باطل بداهةً ؛ لذلك هنّ قالوا : ما دام في هالآيات في تشبيه الخالق بالمخلوق فالتشبيه باطل ؛ إذًا نحن نؤوِّل الآيات وما نقول بظاهرها ؛ حتَّى ما نقع إيش ؟ في التشبيه ، عرفت كيف ؟

الآن بالنسبة لموضوع الحركة هنّ فهموا من المجيء أنُّو يلزمه الحركة ، وفهمهم من النزول كذلك ، الحركة من صفة المخلوق ؛ إذًا ربنا لا يجيء ولا ينزل ، نحن نقول : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) ، نُثبت الصفة التي وصفَ بها نفسه دون تشبيه ودون إيش ؟ تكييف ، عرفت كيف ؟ إذًا لا تقول أنت ليش نفيت الحركة ؟ نحن نفيناها لأنها لم ترد .

السائل : ... .

الشيخ : الحركة ، اسمح لي شوية ، حركة تليق بجلاله ثبتت ولَّا مجيء يليق بجلاله هو الثابت ؟

السائل : نحن نقصد ... .

الشيخ : جاوب الله يهديك ، شايف شلون ، بتبيَّن قصدك الأول يجيك السؤال ترجع تقول أقصد ، وهَيْ ما تنتهي ، بيِّن شو قصدك من الأول ، أنا أقول لك الآن : حركة تليق بجلاله ، وردت هذه الحركة التي تليق بجلاله ؟

السائل : ليس ... .

الشيخ : جاوب يا حبيبي ، جاوب ، قول : وردت قول : ما وردت ، ريِّح حالك وريِّحنا .

السائل : لا ، ما وردت .

الشيخ : طيب ؛ إذًا شو أنت بقى بقي لك ؟ ليش لحتى تقول بشيء ما ورد ، يعني مثل ما واحد يقول أنُّو ربنا له شعر ، لكن إيش ؟ ليس كمثل شعرنا !! لِكْ يا حبيبي هذه الصفة أنت تصف ربك بصفة ، هذه الصفة هل وردت في الكتاب والسنة ؟ لا ، ما وردت . ريِّح حالك ، نحن ما لنا خالصين مع الجماعة الضَّالين هدول بالصفات التي أثبتها الله لنفسه إلا كمان بدهم يعطِّلوها ، ونزيد نحن ضغثًا على إبَّالة ، وفي الطنبور نغمة ، وفي الطين بلة ، ونجيب صفات من عندنا ، ونضيف إليها إيش ؟ تليق بجلاله ! شايف شو المشكلة ؟ ما فهم المسألة !

السائل : أنا فهمت عليك .

الشيخ : إذًا ؟

سائل آخر : ... (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ )) شيخنا .

الشيخ : نعم نعم ؟ كيف ؟

السائل : آية : (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ )) ردَّدها ألف مرَّة ، يمكن لو .

سائل آخر : (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ )) يعني إثبات الساق .

الشيخ : احكي - يا أخي - شو عندك ؟

السائل : (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ )) ألا تدل على حركة ؟ هذا اللي أقصده ؛ يعني وضِّح لي هذه الآية تفسيرها أو معناها إذا ممكن ؟

الشيخ : ليش هلق طوَّل ، بس الحق مو عليك .

سائل آخر : ... .

الشيخ : اسمع شوية ، هلق أنت كنا في المجيء صحيح ولَّا لا ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ؛ الآن ليش انتقلت (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ )) ؟ خلصنا من الأولى ؟

السائل : أنا بدي أستشهد .

الشيخ : خلصنا من الأولى ؟ خلصنا من الأولى ؟ ثلاث مرَّات ، سؤال : الدنيا ليل ولَّا نهار ؟ ما في جواب ، الدنيا ليل ولَّا نهار ؟ الله يهديك ، لا تضيِّع وقتنا ، في غيرك بدو يسأل ، في غيرك .

السائل : ... .

الشيخ : طوِّل بالك ، نحن إذا ما طوَّلنا بالنا على الناس ما اجتمع هدول الناس !

السائل : جزاك الله خير شيخنا .

الشيخ : شايف شلون ؟

سائل آخر : بارك الله فيك أستاذي .

الشيخ : كنا في المجيء ، وبيَّنا لك أنُّو نحن نؤمن في المجيء على اعتبارها صفة لله - عز وجل - لكن ما نضيف إليها معاني نعرفها من أنفسنا وهي الحركة ، حتمًا نحن لما نقول : فلان جاء إلى الدار شو في تلازم ؟ في حركة ، نحن هلق لما نسمع ربنا يصف نفسه بأنه جاء وبأنه ينزل ما يجوز أنُّو نضيف إلى هذه الصفة الإلهية صفة قائمة في أنفسنا وملازمة للمجيء البشري ، فنضيف الصفة القائمة بأنفسنا للمجيء الإلهي ؛ هذا هو التشبيه ؛ ولذلك ظننت أنا أنُّو انتهينا معك أنُّو نحن نصف ربنا بما وصف به نفسه ، بماذا وصف نفسه ؟ جاء ؛ حركة ؟ قلنا لك آنفًا : هل الحركة جاءت كصفة من صفات الله ؟ قلت أنت : حركة تليق بجلاله ، ضربت لك مثال ؛ واحد يقول لك : الله له شعر ، لكن شعر يليق بجلاله ! ما استفدنا منك شيء من هذا الكلام كله ، قفزت بمساعدة صاحبك هنيك لـ (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ )) !

يا حبيبي ، لما ننتهي من البحث الأول تأخذ أنت الجواب من نفسك من فهمك من الجواب عن البحث الأول وترتاح في كلِّ الآيات ، هل انتهينا إلى شيء معك بالنسبة إلى : (( جاء ربُّك )) بأنُّو لا تلازم بين المجيء وبين الحركة إلا بالصفة البشرية ، و (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) انتهينا منها ؟ إذًا لا يجوز للمسلم أن يقول : إن الله يتحرَّك ، ولا يجوز له أن يقول : لا يتحرَّك ؛ لأنُّو لم يرد هذا ولا هذا ، كما قلنا لك : الله في جهة ؟ لا نقول : في جهة ، ولا نقول : ليس في جهة ، لكن نستفسر منه ؛ ماذا يعني بأنُّو الله في جهة ؟ يعني يعني أن الله على العرش استوى كما يليق بجلاله . نقول له : المعنى أصبت ، واللفظة أخطأت ؛ لأنك جئت بلفظ ما جاء في السنة هي الجهة .

فالآن أنت استفدنا منك شيء بهالبيان المتعلق بـ : (( وَجَاءَ رَبُّكَ )) والأمثلة التي ضربناه لك ، واقتنعت تمامًا أنُّو ما نزيد على الصفة القرآنية أو الحديثية شيء ، ونقف عند التعبير الإلهي أو النبوي ، اتَّفقنا على هذا ولَّا ما اتَّفقنا ؟ إن كنا اتفقنا والحمد لله أقول لك : سؤالك عن : (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ )) الجواب هو نفسه عن (( وجَاءَ رَبُّكَ )) و ( ينزل الله ) وإلى آخره ، وإن كنا ما اتفقنا فاستعجال الأمر والقفز في البحث لا يحسن إلى آية أخرى وثانية وثالثة ورابعة ، اتفقنا ولَّا لا يزال لسا في المسألة غموض ؟!

السائل : اتفقنا .

الشيخ : طيب ؛ إيش الفرق حينئذٍ بين (( جَاءَ )) و (( يَوْمَ يُكْشَفُ )) ؟ (( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ )) مثل (( وَجَاءَ )) ، نؤمن كما جاءت ؛ لأنُّو صفات الله يجب الإيمان بها من باب (( يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ )) .

سائل آخر : الله أكبر !

الشيخ : لكن ، لا تكييف ولا تعطيل .

السائل : أنا ما أكيِّف ... .

الشيخ : لما تقول : حركة من أين جبتها هَيْ ؟ هذا مو تكييف ؟ الحركة أخذتها من البشر وألصقتها بربِّ البشر !

السائل : ... .

الشيخ : كيف ؟

الحلبي : ... في السمع .

السائل : والبصر نفس الشيء .

الشيخ : إذًا ما اتفقنا ! ما استفدنا شيء ، ما استفدنا شيء ، يا حبيبي قلنا لك : (( جَاءَ رَبُّكَ )) ثابت في القرآن ، تحرَّك ربك مش جاية لا في القرآن ولا في السنة !

على كلِّ حال بدك تتحمَّلنا والله يعينك علينا !

الحلبي : شيخنا ، قضية مناظرة الإمام أبي الحسن - رحمه الله - مع المعتزلة بين لفظ الحكيم والعاقل !

الشيخ : الله أكبر !

الحلبي : لفظ الحكيم نفس معنى العاقل ، لا يجوز إثبات أن الله عاقل مع إثبات أن الله حكيم ؛ ليش ؟ لأنُّو هكذا في الكتاب وفي السنة وردت ، وكذلك معنى المجيء بما نفهم نحن حركة ، لكن لا نثبت الحركة لله ؛ لأنه ما أثبتها لنفسه ، ونثبت له المجيء كما أثبته لنفسه ، فالله وصف نفسه والرسول وصف ربه ، فنؤمن بما وصف الله به نفسه وما وصف الرسول به - صلى الله عليه وسلم - ربَّه ، وبالله التوفيق .

مواضيع متعلقة