الأشاعرة يؤوِّلون نزول الله إلى السماء الدنيا ، وحجَّتهم في ذلك تنزيه الله عن أن يحيط به مكان بخلاف أهل نجد ؛ فإنهم يثبتون هذا النزول ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الأشاعرة يؤوِّلون نزول الله إلى السماء الدنيا ، وحجَّتهم في ذلك تنزيه الله عن أن يحيط به مكان بخلاف أهل نجد ؛ فإنهم يثبتون هذا النزول ؟
A-
A=
A+
السائل : إن الله ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ، هناك العلماء طبعًا الأشعريين بيؤولوها ، بيقولون : الله ينزل بقدرته لاستجابة الدعاء ، بينما إحنا بنعرف أهل نجد في الحجاز يقولون : الله ينزل بذاته . طيب ؛ نعرف أنُّو المكان والله لا يحيطه مكان ، كيف نوفِّق بين هذا الشيء هذا ؟

الشيخ : أوَّلًا : ما أريد لك أن تنسب هذه العقيدة للنَّجديين ؛ لأنك أوَّلًا : تخالف التاريخ ، وثانيًا : بتنزِّل من قيمة هذه العقيدة الصحيحة حينما تخصُّ بها النجديين .

السائل : المقصود بها السعوديين الآن يعني بأقصد ... ؟

الشيخ : هو أنا أعني اللي تقصدهم الآن .

...

أصل الضَّلال في الفرق الإسلامية في هذه القضيَّة هو تشبيههم الخالق بالمخلوق ؛ لو أردت ... لَقُلْنا : الله في العلوِّ المطلق حيث لا مكان ليس فيه تحديد ؛ مفهوم هذا ؟ كويس ، فإذًا الخطأ بينشأ من أول - بيسمُّوها في الشام - زحلقة ، شو نسميها في اللغة العربية ؟ أول انحراف بتزل القدم ، أول زلَّة ، الخطأ من أول زلَّة ، وما بعده بقى كلها زلات تترى ، فأول زلَّة في هالموضوع هاد هو توهُّمهم ، علماء الكلام اللي أشرنا إليهم أنه يلزم من القول أن الله على العرش استوى أننا جعلناه في مكان ، وبالتالي حصرناه ، لكن المنطق والشرع في آنٍ واحد حينما يفكِّر الإنسان بعقل ومنطق يثبت أنُّو فوق العرش لا مكان ، لأنُّو العرش آخر مكان .

سائل آخر : الكيفية مجهولة .

الشيخ : الكيفية مجهولة ، فلما بيفهموا أو بيستلزموا من إيماننا بأن الله على العرش استوى أننا جعلناه في مكان ؛ إي ، الله منزَّه ، وأنا أقول معهم : الله منزَّه ، لكن القضية بالعكس ؛ الذين يؤمنون بأن الله على العرش استوى يُنسَبون إلى أنهم جعلوه في مكان من الذين أنكروا علوَّ الله وجعلوه في كلِّ مكان ، ما هي مصيبة الدهر !! بناءً على هذا الخطأ الأول وهو استلزام أشياء هي عين الخطأ ، وسببه تشبيه الخالق بالمخلوق .

إذا تذكَّرنا هذه الحقيقة وتذكَّرنا أن الله - عز وجل - وضع لنا مبدأً في الإيمان به وبصفاته قال : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ، (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) تنزيه ، (( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) إثبات لصفتَين من صفات الكمال فهو السميع وهو بصير . فإذا قلنا : إن الله سميع نقول : طرف الآية الأول (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) ؛ أي : سمعه ؟

سائل آخر : ... .

الشيخ : أيوا ، بصره ؟ استواؤه ؟ نجي الآن : ( ينزل الله في كلِّ ليلة في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا ، فيقول ) إلى آخر الحديث ؛ إيش في هذا ؟ أنت عم تنقل عن علماء الكلام بيقولوا أن الله لا ينزل ، هذا يساوي قولهم : الله ليس على العرش استوى . لماذا أنكروا أن الله على العرش استوى ؟ لأنهم فهموا أننا إذا قلنا : على العرش استوى جعلناه إيش ؟ في مكان ؛ طيب ؛ كذلك هنا حينما يقفون أمام الحديث - وهذا حديث متواتر كما خرَّجته بنفسي - يتوهَّمون أن نزول ربِّ العالمين إلى السماء الدنيا كنزول الملك من على عرشه إلى أرضه ، أو من عالي عرشه إلى الطابق الأرضي وهكذا ، (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ، فإذا نحن أثبتنا ما أثبت الله ونزَّهنا الله كما نزَّه نفسه كما في الآية السابقة ، أثبتنا له السمع والبصر وقلنا : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) ، أثبتنا له النزول وقلنا : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) ؛ أي إشكال في هذا ؟

السائل : في الإشكال هو ... نقول إحنا لا يحدُّه زمان ولا مكان ، في السماء الدنيا بأنُّو أثبتنا أنها مكان ، هون اللبس يصير عندنا .

الشيخ : أخي .

السائل : هو ... اللبس ... .

الشيخ : تعرف الأثر اللي أشار إليه أخونا هون أبو حامد ؟ ومعروف هذا الأثر وبيعيدوه كل جمعة ؛ جاء رجل إلى مالك فقال : يا مالك ، (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؛ كيف استوى ؟ قال : " الاستواء معلوم - أي : لغةً - ، والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة ؛ أخرجوا الرجل فإنه مبتدع " . إذًا الرجل يسأل عن الكيف وهذا ضلال ، ومالك من أهل الهدى والسنة فيقول : " الاستواء معلوم " ؛ يعني الاستعلاء لغةً ؛ فالله له صفة العلوِّ كما نقول : سبحان ربي الأعلى . لكن كيف ؟ لا يجوز هذا السؤال ، وكما يقولون جميعًا : " كلُّ ما خطر في بالك فالله بخلاف ذلك " ؛ لأنُّو هو الخالق نحن مخلوقين ، (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ، فلما نسمع هذا الحديث : ( ينزل الله ) إلى آخر الحديث ، ما لازم ندير في بالنا كيف نزوله ، لأنُّو نحن نسأل عن نزول نعرفه لذواتنا المخلوقة العاجزة المريضة الضعيفة ، أما نزول الخالق - سبحانه وتعالى - كيف يمكننا أن نعرف ؟

ثم بعض العلماء .

سائل آخر : ... .

الشيخ : ثم بعض العلماء ضربوا مثلًا مقرِّبًا وهو أنَّ الشمس في أعالي سمائها ؛ فهي تنزل إلى الأرض . لكن كيف نزولها ؟ هذا نُشاهده ، لا ينزل الجرم تبعها اللي نعرفه ، لكن ينزل شيء من أشياء ... فإذا قال قائل مما نشاهده ؟ شوف نزلت الأرض ، نزلت الشمس ، أو دخلت الشمس إلى الغرفة ، وهذا استعمال إيه ؟ عربي معروف تمامًا . هذا عم يحكي شيء يشاهده يلمسه تقريبًا ، وهذا آية من آيات الله - عز وجل - ؛ فما بالك بخالق السموات والأرضين والشمس والقمر ؟ ما في إمكان نحن أن نتساءل فضلًا أن نفهم وأن نُكيِّف كيفية نزول الله - عز وجل - ، الدافع لهم إلى التأويل الذي أشرت إليه - وهو باطل كما سأذكره - هو تصوُّرهم أن نزوله كنزول البشر ، حاشاه !! أما أن هذا التأويل باطل فهو قال : تنزل إيش ؟ رحمته ، في الثلث الأخير من الليل . سبحان الله !! هذا يصدق عليهم قوله - تعالى - في غيرهم : (( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ )) ، أخذوا الطرف الأول من الحديث وتركوا تتمَّته ، الحديث يقول : ( ينزل الله في كلِّ ليلة إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ) . انتهى الحديث ؟ ما انتهى ، طيب ؛ ينزل قال : ( فيقول : أَلَا هل من داعٍ فأستجيب له ؟ أَلَا هل من مستغفرٍ فأستغفر له ؟ أَلَا هل من سائلٍ فأستجيب له ؟ ) ، ألا كذا ، ألا كذا حتى يطلع الشمس ، رحمة الله هي التي تقول ؟

السائل : لا .

الشيخ : الله هو الذي يقول ، الله هو الذي ينزل يا جماعة ، اتقوا الله ، آمنوا بكلام الله وكلام رسول الله وسلِّموا تسليمًا ؛ (( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) . قال رسول الله : ( ينزل الله ) يقينًا ينزل الله ، كيف ؟ ما ندري ، هل أحد يدري ذات الله التي نؤمن بها ؟ لا أحد يدري .

مواضيع متعلقة