أين يضع المصلي يديه بعد الرفع من الركوع ؟ يسدلهما سدلًا أم يقبض اليمنى على اليسرى كما كانتا قبل الركوع ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
أين يضع المصلي يديه بعد الرفع من الركوع ؟ يسدلهما سدلًا أم يقبض اليمنى على اليسرى كما كانتا قبل الركوع ؟
A-
A=
A+
السائل : " ... رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى رجع كل عظم موضعه ، ثم قرأ ، ثم كبر من الركوع ، ثم قال : سمع الله لمن حمده ، حتى رجع كل عظم إلى موضعه " ، وصف أبو هريرة - رضي الله عنه - لقيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الركوع أنه عاد رجع كل عظم إلى موضعه ، هل نستطيع ... أن السنة القبض ؟

الشيخ : هل ذُكر اليدان في هذا الحديث ؟

السائل : ... كل عظم موضعه .

الشيخ : أجبني عن السؤال من فضلك ، هل ذكر اليدان في هذا الحديث ؟

السائل : القيام الأول رجع كل عظم موضعه ... .

الشيخ : أنا أسألك : القيام الأول كالقيام الثاني أيَّ شيء أردت ؟ هل ذكر وضع اليدين في هذا الحديث ؟

السائل : عرفنا وضع اليدين من أحاديث أخرى .

الشيخ : كويس ، إذًا عرفنا وضع اليدين من أحاديث أخرى ؛ فهذا الحديث ما تستفيد منه شيء .

السائل : ... .

الشيخ : كيف صريح ؟ ما دام هذا الحديث لم يذكر فيه وضع اليدين ؛ كيف تقول صريح ؟

السائل : ... .

الشيخ : يا حبيبي ، هذا الحديث ما دام لم يذكر فيه وضع اليدين ؛ كيف تقول هو صريح في وضع اليدين ؟

سائل آخر : ... .

الشيخ : بحث ثاني ... كل سؤال له جواب ، ما دام هذا الحديث أنت تعترف - وهذا الواقع - لم يُذكر فيه وضع اليدين إطلاقًا ؛ كيف تقول هذا صريح في وضع اليدين ؟ لو قلت : فيه تلميح ، ها نمشي معك ونرد عليه ، أما بتقول صريح ؛ من يقول هذا ؟

السائل : ... .

الشيخ : لا يدل أبدًا يا أخي هذا ، هذا الآن يأتي جواب السؤال ، هذا يدل على استقرار وضع البدن على الكيفية المعروفة شرعًا ، يعني - مثلًا - لما أنت تتصوَّر صلاة ليس فيها وضع يدين ، ممكن تتصور معي هذا التصور ؟ أنا بسألك تصور تصور ؟ ممكن ولَّا مش ممكن ؟

السائل : ممكن .

الشيخ : ... إذا تصورت صلاة ليس فيها وضع يدين ؛ حينئذٍ كيف تفسِّر هذا الاستقرار ؟ هو يعود كل عضو إلى مكانه ؛ كيف تفسِّره ؟ أجب ، مدَّه بمدد .

السائل : إذا ممكن ... .

الشيخ : كويّس ، إذا كل عضو استقراره يتناسب مع وضعه ، فإن كان هناك الوضع هو السَّدل فمعنى الاستقرار أنو - مثلًا - بدنا نضطر بقا نمثل ، أنا ركعت ، وقلت : سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ، ما استقروا اليدين ، وقمت ولسه اليدين ما استقروا ما أخذوا راحتهم خررت ساجدًا ، ما عملت بهذا الحديث ، هذا على فرض إيه ؟ أن الأصل هو السدل ، واضح ؟ يعني شوف يدي الآن ؟ هذا تمثيل ثان ، هذا استقرار ؟ لا ، هذا استقرار ؟ لا ، هذا هو الاستقرار ، نفترض الآن في وضع ، أنا رفعت رأسي سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ، هذا استقرار ، لكن إذا فعلت هكذا ، سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ، ما استقر ، إذًا الإستقرار يتناسب مع العضو الذي نتحدث عنه ، فالآن حينما يرفع الإنسان رأسه من الركوع حتى يعود كل عضو إلى مقرِّه واستقراره ، هذا ما فيه إشكال ، لكن نحن الآن نسأل تُرى هنا وضع أم هنا سدل ؟ على ضوء الجواب يأتي التفصيل ، ليه أنا حملتك على الخيال قلت تصوَّر معي صلاة بدون وضع ؟ أتصور وهذا هو المثال الذي بين يديك . الآن هل ثبت لدينا الوضع بعد رفع الرأس من الركوع حتى نفسِّر الاستقرار بأن يستقرَّ العضو في مكانه الشرعي ؛ هل ثبت هذا ؟

السائل : ما ثبت ... .

الشيخ : ثبت هذا ؟ أريحوا أنفسكم إذًا .

السائل : ... .

الشيخ : هذا الكلام - أخي - ليس فيه دلالة على الوضع المتنازع فيه اليوم ، اليوم في عصرنا هذا ، هذا الوضع لم يكن يومًا ما مشروعًا أبدًا ، والدليل من كلام ابن حزم أنه يعزو الوضع الذي أنت تفعله شاملًا للوضع بعد الركوع للأئمة ؛ لأبي حنيفة ، والشافعي ، وهؤلاء لا يقولون بذلك ، ولذلك يجب أن تفسر كلامه في كل قيام أي في كل ركعة ، وليس هذا في القيام الأول ، وإنما في القيام في الركعة الثانية والركعة الثالثة والرابعة ، فهو لا يعني الركعة الأولى فيها قيامان ، هذا تحميل لكلام ابن حزم من المعنى ما لا يريده ، وهنا لا بد من أن نذكركم بأسلوب في فهم اللغة العربية ، يقول العلماء : " السياق والسباق من المقيَّدات " ، السياق والسباق ، سباق الكلام وسياقه يقيد العموم الذي يتبادر من فصل من فصول هذا الكلام ، فأنت لما تقرأ كلام ابن حزم في كل قيام ممكن أن تفهم منه في كل قيام ، أي : ولو في القيام الثاني في الركعة الواحدة ، لكن إذا تابعت كلامه حيث يعزو ذلك لأبي حنيفة والشافعي - وهؤلاء لا يقولون بهذا القيامة الثاني - ؛ فإذًا كان سياق كلام ابن حزم دليلًا أنه لم يعن هذا العموم الذي أنت تفهمه ، ولولا ما يُقال اليوم من شرعية القيام بعد رفع الرأس من الركوع لما ذهب وَهَلُك أنت ولا غيرك إلى أن تفسر كلام ابن حزم بأنه أدخل فيه الوضع في القيام بعد الركوع ، وإلا سياق الكلام - كما قلنا - صريح في عزوه إلى الأئمة ، ولا أحد من الأئمة يقول بهذا الأمر إطلاقًا .

وختامًا : أنا أريد - الوقت انتهى - أريد أن ألفتَ النظر إلى شيء هام جدًّا ، وفي اعتقادي أنه لو تُنبَّه له لَساعدنا على فهم بعض هذه المسائل التي يختلف فيها اليوم :

" كل نص عام يتضمَّن أجزاء كثيرة لم يثبت العمل بجزء من ذاك النص العام من السلف الصالح ؛ فالعمل بهذا الجزء غير مشروع " ، هذا كلام أصولي ، ولعله مفهوم ، ولكن المثال يوضح كما قال - تعالى - : (( وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون )) ، قبل المثال أريد أن أذكر شيئًا بين يديه ، الغفلة عن هذه القاعدة الهامة هو السبب الأول في كثرة انتشار البدع بين المسلمين قديمًا وحديثًا ، ونحن - أهل السنة - الحريصين على التمسك بالسنة دون زيادات وإضافات باسم البدعة الحسنة - مثلًا - نحارب تلك البدع مع أنَّ كلها - أو على الأقل جلها - لها أدلة من مثل هذه الأدلة العامة التي استدلَّ بعمومها على وضعيَّة جزء من أجزاء الدليل العام مع أن العمل لم يجرِ في هذا الجزء من السلف ، كذلك نحن ننكر على المبتدعة إحداث بدع كثيرة بحجة أنه - وهي حجة صادقة وصحيحة - لو كان خيرًا لَسبقونا إليه ، كل البدع نحن نضربها بهذه الجملة ، وهي لها أصولها وقواعدها بلا شك ، لو كان خيرًا لَسبقونا إليه ، لكننا لو تأملنا في هذه البدعة التي نُنكرها على المبتدعة لَوجدنا لها أدلة عامة كثيرة وكثيرة جدًّا ، ليست فقط في السنة ، بل وفي القرآن الكريم ، يعني - مثلًا - خذ ما هو عندنا في عمان وفي الشام من الزيادة بين يدي الأذان وقت الأذان ، بين يدي الأذان يسموه " ترتيلة " ... ، يعني آيات وصلاة على الرسول - عليه السلام - ، أما بعد الأذان فورًا الصلاة على الرسول من المؤذن ، نحن لا نتورَّع ولا نتردَّد في أن نقول هذه بدعة ؛ فهم يصدموننا بقوله - تعالى - تنكرون الصلاة على الرسول والله يقول : (( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا )) !! هذا الدليل إذا أردنا أن ندرسه على ضوء علم أصول الفقه ، نعم هذا استدلال بالنص العام لأنه قال : ((صلوا عليه وسلموا تسليمًا )) ، ما حدد مكانًا ، وإنما أطلق .

إذًا أهل البدعة - وهذا مثال - مرجعهم دائمًا وأبدًا في تأييدهم لبدعهم هو الأخذ بالدلالة من الأدلة العامة التي لم يجر العمل بهذا الجزء الذي يستدلون عليه بالدليل العام ، هذه نقطة مهمة جدًّا ، ولو أن أحدكم فكَّر دائمًا حينما ينكر البدعة قد يجد لها أصلًا من هذه الأدلة العامة ، ولهذا يقول الإمام الشاطبي - رحمه الله - : أن البدعة تنقسم إلى قسمين : بدعة حقيقية ، وبدعة إضافية .

- البدعة الحقيقة هي التي ليس لها أصل في الكتاب والسنة مطلقًا ، ويضرب على ذلك أمثلة ؛ كالقول بالجبر ، وأن الإنسان مجبور ، والقول بالإرجاء ، ونحو ذلك ، ولا يهمنا التفصيل هنا .

- البدعة الأخرى البدعة الإضافية ، يقول : " هي التي إذا نظرت إليها من زاوية أو من جانب وجدت لها أصلًا ، وإذا نظرت إليها من زاوية أخرى لم تجد لها أصلًا فيقال حين ذاك أن هذه بدعة " ، يضرب مثال مثلًا : الاستغفار دبر الصلوات فهو سنة ، لكن الاستغفار دبر الصلوات جماعةً فهذا أمر لم يكن ، ولذلك فيقال هذه بدعة .

أعود الآن لأضرب لكم مثلًا لم يجر بعد عمل المبتدعة عليه ، لكن لو أن أحدهم فعل ذلك لوجد له دليلًا ، وهذا الذي أريد أن ألفت نظركم إليه ، نحن دائمًا ندخل المساجد لأداء الفرائض فنصلي السنة القبلية ، كل منَّا لوحده ، فلو أن داخلًا زين له الشيطان قال له يا جماعة ليه عم نتفرق بالسنة ؟ تعالوا نصلي جماعة ، ويحتج بمثل قوله - عليه السلام - : ( يد الله على الجماعة ) ، هي حجة حجة خاصة ولا عامة ؟ دلالة عامة ( يد الله على الجماعة ) وهَيْ جماعة ، بل قد يحتج علينا بما هو أخص فيقول في الحديث : ( صلاة الاثنين أفضل من صلاة المرء وحده ، صلاة الثلاثة أزكى عند الله من صلاة الاثنين ) ، وهكذا ؛ ما رأيكم في هذه صلاة الجماعة لو أنها حدثت ؟ ألا يدل عليها مثل هذه الأدلة العامة ؟ نقول : نعم ، هذه الأدلة واضحة الدلالة ؛ لأنها لم تحصر الأجزاء التي أرادها الشارع الحكيم فيها ، لكن جوابنا أن هذه الجزئية بالذات لو كانت مرادة بهذا الحديث وذاك لَجرى عمل السلف على ذلك ، وإذ لم يفعلوا دلَّ ذلك أن هذا الجزء من هذه العبادة لا يدخل في عموم هذا النص وذاك ، أظن هذا المثال واضح ، إذ الأمر كذلك فيجب أن يكون عندنا قاعدة حتى نكون سلفيين حقًّا أتباع السلف الصالح ، وهي كلما عنّ في بالنا الاستدلال بنص عام - فلِكَي نكون في عصمة من الانحراف من السنة إلى البدعة - يجب أن ننظر ؛ هل فعل ذلك السلف الصالح أم لا ؟ وإلا وقعنا فيما وقع فيه المبتدعة .



---

إتمام الجواب في الشريط التالي ، رقم ( 5 ) .

مواضيع متعلقة