هل الاستعاذة والبسملة ثابتة للفاتحة والسور الأخرى في الصلاة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل الاستعاذة والبسملة ثابتة للفاتحة والسور الأخرى في الصلاة ؟
A-
A=
A+
السائل : سؤالي - بسم الله الرحمن الرحيم - للشيخ نسأل عن ثبات التعوذ والبسملة للفاتحة وكذلك للسورة ، هذه المسألة مشكلة عليَّ جدًّا ، وهل هي ثابتة عن الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - التعوذ للفاتحة والبسملة للفاتحة وكذلك للسورة في الصلاة الفرضية ؟

الشيخ : يعني أنت تريد أن ترميَ عصافير ثلاثة بحجر واحد ، لكن ما أظنُّ الوقت يساعد على ذلك ، فاختر من أسئلتك الثلاثة السؤال الأهم عندك ما هو ؟

السائل : مثل أنا درست في دراستي في هذه المسألة ، ومشكلة عليَّ جدًّا ، وفي السودان بالذات .

الشيخ : معليش ؛ ما في داعي للإعادة ، اختر سؤالًا مما ذكرت .

السائل : أختار التعوذ للفاتحة والسورة - أيضًا - .

الشيخ : التعوذ للفاتحة والسورة - أيضًا - ؟

السائل : التعوذ - أيضًا - للفاتحة والبسملة للسورة .

الشيخ : والبسملة ؟

السائل : نعم .

الشيخ : ما أدري ما الذي أشكل عليك في هذه المسألة ؟ وأنت تقول : إنك درستها ثمَّ أشكلت عليك ، ألم تجد في السنة في " سنن أبي داود " وغيرها من حديث أبي سعيد الخدري وجُبير بن مطعم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان إذا افتتح الصلاة قال بعد الاستفتاح : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه ) ؛ قرأت هذا أم لا ؟

السائل : نعم .

الشيخ : فما هو الإشكال إذًا بالضبط ؟

السائل : الإشكال يعني بعض الفقهاء بالذَّات عندنا بيقول لك المالكية يقولوا : التعوذ هذا خاص بالصلاة ، وحديث البسملة حديث مضطرب .

الشيخ : لا ما تشرد ، بحثنا في الاستعاذة الآن .

السائل : نعم في الاستعاذة يقول هذه الاستعاذة خاصة في الصلاة في القراءة دون الصلاة .

الشيخ : نحن نقول الحديث يقول : إن الرسول كان اذا قام في الصلاة كبَّر وقال : الله أكبر كبيرًا و و ، ثم يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .

السائل : نعم .

الشيخ : فهذا ردٌّ على المالكية الذين يُنكرون أشياء ثابتة في السنة لا قبل لهم بردِّها لولا التعصب المذهبي ، يُنكرون أدعية الاستفتاح وهي كثيرة وكثيرة جدًّا ، ويُنكرون بالتالي الاستعاذة وقد عرفت الدليل على ذلك ، ثم ينكرون قراءة البسملة سرًّا أو جهرًا ، ويرون أنَّ المشروع أن يدخل المصلي في قراءة الفاتحة مباشرةً ؛ " الله أكبر الحمد لله رب العالمين " ، لقد أضاعوا على أنفسهم عشرات من الأحاديث الصحيحة لا حجَّة لهم في ذلك سوى المذهب المزعوم ، فما هو الذي يدفعهم إلى الإعراض عن كلِّ هذه الأدلة التي فيها إثبات ما ذكرته آنفًا من دعاء الاستفتاح من الاستعاذة من البسملة ، ثلاثة أشياء ؛ فهذه أحاديثها صحيحة يكفي أنهم إن أنكروا الاستعاذة بين يدي الفاتحة في الصلاة أنَّهم أنكروا حديثين اثنين ، لكن ما بالُهم إذا أنكروا أكثر من عشرة أحاديث ، بعضها في الصحيح ، كقوله - عليه الصلاة والسلام - جوابًا لأبي هريرة ، أو جوابًا لمن سأله كما جاء في حديث أبي هريرة : " قالوا : يا رسول الله ، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول ؟ " . قال : ( أقول : اللهمَّ بَاعِدْ بيني وبين خطاياي كما باعدْتَ بين المشرق والمغرب ، اللهمَّ نقِّني من خطاياي كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدَّنس ) إلى آخر الحديث ، هذا حديث رواه البخاري ومسلم في " صحيحهما " ؛ بِمَ عُطِّل هذا الحديث ؟ بما جاء في المذهب ، وهل المذهب هو وحيٌ ثانٍ نزل بعد النبي - عليه السلام - وهو القائل : ( إن النبوة والرسالة قد انقطعت فلا رسول ولا نبيَّ بعدي ) ؟!

إذًا هذا من شُؤم التعصُّب المذهبي الذي نُنكره نحن دائمًا وأبدًا على كل المتمذهبين ؛ كيف لا ؟ مضى أربعة عشر قرنًا على المسلمين جميعًا ، وهم يتداولون كتب السنة ، ويجدون فيها هذه الأحاديث صحيحة ، ثم يظل هذا مالكيًّا لا يستفتح بشيء ، وهذا حنفي لا يستفتح إلا بـ " سبحانك اللهم " ، وهذا شافعي لا يستفتح إلا بـ " اللهم وجهت وجهي " ، وهناك أدعية أخرى ثبتت في السنة مع الأدعية الأولى ، فالمسلم مُخيَّر بين هذا وهذا وهذا ، وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فليس لأحدٍ أن يُنكر شرعية شيء من هذه الأدعية أدعية الاستفتاح كما تقول أو يقول بعض المالكية المتعصِّبة ، أنا أقول هذا لأنَّه وُجِدَ في العصر الحاضر من المالكية من ردَّ على المتعصبة من المالكية بردِّهم بعض هذه الأحاديث .

فإذًا المسلم يجب أن يوجِّه تعصُّبه في الدنيا لشخصٍ واحدٍ ، وهو الذي كنت ألقيت أول محاضرة بمسجد عبد الرحمن حيث ذكرتُ هناك أنه يُستفاد من مثل قوله - عليه الصلاة و السلام - : ( أُمِرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ) ؛ أنه يُستفاد من الجملة الأولى الشهادة الأولى لا إله إلا الله توحيد الله بالعبادة ، ويُستفاد من الشهادة الثانية وأن محمدًا رسول الله إفراد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالاتباع ، فكما أن الله - تبارك وتعالى - لا شريك له في العبادة كذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا شريك له في الاتباع ، فكما يجب على المسلمين أن يوحِّدوا الله في عبادته لا يشركون به شيئًا كذلك يجب عليهم أن يُفردوا الرسول - عليه السلام - في اتباعه ، ولا يشركون معه أحدًا من المسلمين ؛ مهما كانوا أئمة كبارًا ، هذه الشهادة الثانية قد أخلَّ به كثير من الذين أتقنوا التوحيد وأخلصوا لله بالعبادة ، لكن ظلُّوا في جمودهم على الفقه المذهبي لا يتبعون السنة ؛ لماذا ؟ لأنَّ المذهب قد خالفها !! فأنا قلت لك آنفًا ما دام أنك درست ؛ فماذا فعلت بهذه الأحاديث ؟ يتبيَّن لي أنك تسأل ليس لنفسك ، وإنما لغيرك من باب " الكلام إلك يا كنة واسمعي يا جارة " .

أرجو أن يكون سؤالك من هذا القبيل ، وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
  • فتاوى جدة - شريط : 17
  • توقيت الفهرسة : 01:15:24
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة