تنبيه الشيخ حول مسألة وجوب اتباع صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابتة في كتب السنة واجتناب التقليد ، مع ذكر مسألة عدم التورك في التشهد الأول . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تنبيه الشيخ حول مسألة وجوب اتباع صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابتة في كتب السنة واجتناب التقليد ، مع ذكر مسألة عدم التورك في التشهد الأول .
A-
A=
A+
الشيخ : (( يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون )) ، (( يا أيها الناس اتّقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا )) , (( يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولًا سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا )) ، أما بعد :

قبل التوجّه إلى الإجابة عن الأسئلة الباقية ، وربما أسئلة أخرى مضافة ، بدا لي التّنبيه على أمرين اثنين يتعلَّقان بأمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما في " صحيح البخاري " في الحديث المشهور المعروف لديكم جميعًا : ( صلوا كما رأيتموني أصلِّي ) ، ولولا أني أشعر أنني بين أناس يلتقون معنا حرصًا على اتباع الكتاب والسنة ، والابتعاد عن التقليد والجمود على ما وجدنا عليه الآباء والأجداد ؛ لَمَا تطرَّقت للتنبيه على ما يأتي لمسألتين اثنتين ، ولكن لما وجدت - والحمد لله - مجتمعًا كهذا حريصًا على اتباع السنة ، وبخاصة فيما يتعلق بالركن الإسلامي الثاني ؛ ألا وهي الصلاة ، لذلك اندفعت إلى أن أنبِّهَكم إلى أمرين اثنين :

الأمر الأول : رأيت كثيرًا من إخواننا حينما يصلون صلاة ثنائية ، سواء كانت فرضًا أو سنّة يتورَّكون في التشهد ، فالذي أريد التذكير به إنما هو أن التورك في الثنائية لا فرضًا ولا سنة ، لم يأت في شيء من أحاديث صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - المبثوثة في بطون كتب السنة ، سواء ما كان منها مطبوعًا أو مخطوطًا ، بل إن التورك في الثنائية يخالف نصًّا صحيحًا أخرجه الإمام مالك في " الموطأ " وغيره بالسند الصحيح عن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنهما - قال : " إنما سنة الصلاة أن تنصبَ اليمنى وأن تفرشَ اليسرى " ، إنما سنة الصلاة ، هذا الحديث كما عليه علماء الحديث في حكم المرفوع ؛ لأن قول الصحابي من السنة كذا ؛ فهو كما قال فعل رسول الله كذا ، أو أمر بكذا ، أو نهى عن كذا ، بخلاف لو ما قال التابعي من السنة كذا ؛ فليس ذلك في حكم المرفوع ، هذا مما قُرِّر في علم مصطلح الحديث ، وعلى هذا فقول عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - " إنما سنّة الصلاة " ؛ فهذا في حكم المرفوع ، فسنّة الصّلاة كقاعدة يقولوا أداة القصر ، " إنما سنة الصلاة أن تنصبَ اليمنى وتفرشَ اليسرى " ، هذه هي القاعدة ، وحينئذٍ فيجب طردُها واستعمالها دائمًا وأبدًا إلا ما قام الدّليل الخاصّ الذي يحملنا علميًّا أن نستثني من هذه القاعدة ما دل عليه الدليل الخاص ، فما يتعلق بالتورك إنما جاء الدليل على أن النبي - صلى الله عليه وآله سلم - تورَّك في التشهد الثاني ، ولم يأت التورُّك منه أو عنه - عليه الصلاة والسلام - فيما سوى التشهد الثاني الذي يليه السلام ، فإذا افترضنا أن رجلًا قام يصلي في الليل ركعتين ركعتين ويتشهد على رأس كل ركعتين ، سواء صلى أربعًا أو ستًّا أو ثمانية ؛ ففي كل هذه التشهدات إنما سنة الصلاة أن ينصب اليمنى وأن يفترش اليسرى ، أما الركعة الأخيرة أو التشهد الأخير فهنا يأتي التورك ، لولا هذا الحديث الذي جاء من حديث أبي حميد الساعدي وكنت ذكرته لكم بمناسبة أخرى فيه : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تورك في التشهد الأخير " ، التورك إنما جاء في التشهد الأخير ، أي : المسبوق بتشهد قبله ، فيجب أن نُعمل الأحاديث كلها ولا نضرب بعضها ببعض ، فالقاعدة كما سمعتم من كلام بن عمر الذي هو كما شرحت لكم في حكم المرفوع هو الافتراش ، إلا في التشهد الأخير المسبوق بتشهد قبله ، وكما جاء في حديث أبي حميد وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تورَّك . هذا فيما يتعلق بالتشهد .

هناك سنة أخرى بين السجدتين إعمالًا لحديث ابن عمر ، هنا يأتي - أيضًا - نصب اليمنى وافتراش اليسرى ، ولكن قد ثبت في " صحيح مسلم " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُقعي بين السجدتين ، فماذا نفعل بهذا الحديث ؟ أنردُّه بحديث ابن عمر السابق ؟! لأن القاعدة ليس هو الإقعاء ، إنما الافتراش ، فنقول - كما قال كثير من أئمتنا المتقدمين من أهل الحديث - : أن الإقعاء بين السجدتين يُفعل به أحيانًا مع التزام القاعدة لحديث ابن عمر - رضي الله تعالى عنه - .

والتنبيه الثاني المتعلق بالتورك لقد لاحظت هنا وفي أمكنة أخرى أن الذين يتورَّكون ويحقِّقون هذه السنة تفوتهم سنة أخرى تتعلق بكيفية التورك ، هذه السنة هي أنه لا يضع كفَّه اليمنى على فخذه اليسرى وضعًا ، وإنما يُلقم ركبته كفَّه تلقيمًا هكذا ، ثم يوتِّر يده ، لا يضع هكذا وضعًا رفيقًا كما نجلس في الافتراش نضع هكذا ، في التورك ليس الأمر كذلك ، وإنما هكذا ، الركبة نجعلها لقمة للكفِّ اليسرى ، ثم نوتِّر الساعد ونعتمد عليه ، وهذا من تمام حكمة تمام التشريع ؛ لأن الذي يتورك لا سيَّما إذا كان حديث عهد بالتورك أو كان بدينَ الجسم مثلي يميل على صاحبه الذي على جنبه الأيمن فيُضايقه ، فجاءت هذه السنة ليقوِّمَ هذا المصلي وليستقيم في جلسته بسبب اعتماده على ساعده الأيمن ، وتلقيم الركبة بكفِّه اليسرى .

هذا ما أردت التذكير به ، والذكرى تنفع المؤمنين بإذن الله - تبارك وتعالى - .

السائل : ... .

الشيخ : هذا هو نوع من التورك .

السائل : ... .

الشيخ : ... لأ ، هو المقصود منها آخر الفخذ ، مش يعني يدق الساق بين الفخذ قريبًا من الركبة ، وإنما في الأخير .

السائل : ... .

الشيخ : لا بد ، لأ ، هذه يحافظ عليها في التشهد الأخير على ما ذكرنا آنفًا ، هذا التورك ، إنما كان البحث أن التورك لا يُشرع في صلاة ثنائية ، وإنما هو الافتراش .

مواضيع متعلقة