ذكر خلاف الفقهاء في مسألة المسبوق هل يتمُّ ما فاته أو يقضيه ؟ وهل يأتي بدعاء الاستفتاح عند دخوله في الصلاة أم إذا قام لقضاء ما فاته ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ذكر خلاف الفقهاء في مسألة المسبوق هل يتمُّ ما فاته أو يقضيه ؟ وهل يأتي بدعاء الاستفتاح عند دخوله في الصلاة أم إذا قام لقضاء ما فاته ؟
A-
A=
A+
الشيخ : مثلًا : إذا دَخَلَ الداخل المسجد فوجد الإمام في الركعة الثانية ، وهَبْ أن الصلاة ثنائية ، فإذا قام هذا المسبوق بالركعة الأولى ؛ هل يقرأ دعاء الاستفتاح أم لا يقرأ دعاء الاستفتاح ؟ كذلك إذا دخل في صلاة المغرب ثلاثية فأدرك منها ركعة واحدة وراء الإمام فقام ؛ هل يجهر بالركعتين أم يجهر بركعة واحدة ؟ الجواب : فيه خلاف ، وسأذكر لكم سبب الخلاف ، منهم مَن يقول أنَّ ما أدرك من صلاته وراء الإمام هي أوَّل صلاته .

السائل : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

وعلى هذا فإذا قام فهو يتمِّم الصلاة ؛ فما دام أنه أدرك الركعة الأولى في الثنائية فحينما يأتي بالركعة فإنما هي الثانية ، وحينئذٍ ليس هناك دعاء استفتاح ، وفي الصورة والمثال الثاني صلاة المغرب قد أدرك الركعة الأخيرة من صلاة المغرب ، فإذا قام قرأ الفاتحة لم يستفتح قرأ الفاتحة والسورة وجهر ، ثم جلس للتشهد ، ثم قام إلى الركعة الثالثة ؛ لِمَ ؟ لأنُّو ما أدرك من الصلاة وراء الإمام هي أول صلاته ، وهذا مذهب الجمهور ، مذهب الحنفية على العكس من ذلك تمامًا ؛ يقولون : ما أدرك من الصلاة وراء الإمام هي آخر صلاته ، وما سيقوم هو إليه من بقيَّة الصلاة فهي أول صلاته ؛ ولذلك يختلف الحكم عندهم بالنسبة للصورتين السابقتين تمامًا ؛ ففي صلاة الفجر يقوم ويقرأ دعاء الاستفتاح والفاتحة ، ويقرأ سورة ؛ لأنُّو هذه أول الصلاة ، في المثال الثاني صلاة المغرب يقوم - أيضًا - يقرأ دعاء الاستفتاح والسورة ويركع ويسجد ، ثم يقوم للركعة الثانية ؛ لأنُّو هذه أول صلاته ، فيقرأ - أيضًا - الفاتحة والسورة جهرًا ، ما سبب هذا الخلاف وفيه تفريعات أخرى ؟

اختلافهم في فهم قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا أتيتم الصلاة فأتوها وعليكم السكينة والوقار ، ولا تأتوها وأنتم تسعَون ؛ فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتمُّوا ) ، تمسَّك بهذا الحديث الجمهور ؛ حيث صَرَّح الرسول بأنُّو ما سيأتي من الصلاة بعد انفكاكِه من الإمام سمَّاه تمامًا ، فقال : ( فأتمُّوا ) ، وأجاب الحنفية بقولهم أن المقصود هنا إتمام الصلاة على طريقة القضاء ؛ بدليل أن هناك رواية - وهي صحيحة فعلًا - : ( ما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فاقضوا ) ، هنا الشاهد ؛ فسَّروا القضاء هنا بالمعنى الفقهي ، لكنَّنا لو تذكَّرنا الآيات السابقة لَوجدنا أن قول الرسول - عليه السلام - في الرواية الأخرى : ( فاقضوا ) هي بمعنى قوله في الرواية الأولى : ( فأتمُّوا ) ، والأصل كما هو مقرَّر في علم أصول الحديث وأصول الفقه ؛ إذا جاء حديثان بلفظَين أو روايتَين يبدو بينَهما الاختلاف ؛ فلا بد من التوفيق بينهما ، وأحسن توفيق هو أن نوفِّق بين اللفظين اللَّذَين هما في لغة العرب لفظان مترادفان ، ولا ننصب الخلاف بينهما والتنافر بينهما ، ( فاقضوا ) قد علمنا بنصوص الآيات أن معناها فأتمُّوا ؛ إذًا قوله في الرواية الأولى : ( فأتمُّوا ) هو بمعنى قوله - عليه السلام - في الرواية الأخرى : ( فاقضوا ) ، فالتقى الخبران في الدلالة على المعنى ، والشاهد من هذا هو أننا يجب أن نتنبَّه للاصطلاحات ولا نعتبرها أنها أصل في اللغة العربية نفسِّر بها النصوص الشرعية .

يا الله .

مواضيع متعلقة