الرَّدُّ على من قال : إن البحث في أسماء الله وصفاته حدث بعد القرون المفضلة ، وأنه من الفلسفة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الرَّدُّ على من قال : إن البحث في أسماء الله وصفاته حدث بعد القرون المفضلة ، وأنه من الفلسفة .
A-
A=
A+
الشيخ : أما القول : إن البحث في ذات الله - عز وجل - صفاتًا وأسماءً إنَّ هذا الأمور التي حدثت فيما بعد ، وأنما ذلك من فلسفة علماء الفلسفة ؛ فهذا أمرٌ عجيب جدًّا ، ربنا - عز وجل - يقول : (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) ، فسَّرَ العلماء كلمة يعبدون بالمعنى الظاهر ؛ ليقوموا بحقِّ عبادته وحده لا شريك له ، لكن بعضهم ذكر تفسيرًا آخر ، فقال : ليعرفون ، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعرفوني ، وهذا المعنى لا يُخالف بوجهٍ من الوجوه المعنى الأول ؛ لأن عبادة الله - تبارك وتعالى - حقًّا لا يُمكن أن يتحقَّق بها في نفس المؤمن إلا إذا عرف الله - عز وجل - حقَّ معرفته ، وذلك بطبيعة الحال لا يُمكن الوصول إلى هذه المعرفة إلا بطريق الكتاب والسنة ؛ ذلك لأنَّ الله - عز وجل - ذَكَرَ في أول سورة البقرة الشرط الأول بالنسبة للمؤمنين حقًّا حينما قال : (( الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ )) ، بعد الإيمان بالغيب ذكر الصلاة والزكاة ونحو ذلك ، فقال : (( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ )) .

ونحن إذا رجعنا إلى كتب التفسير لَوجدناهم مُجمِعِين على تفسير الغيب هنا بأنه كلُّ ما غاب عن عقلك ؛ أي : عن أن يُدرِكَه عقلك ، فذلك هو من الغيب الذي يجب الإيمان به بشرطٍ واحد ؛ وهو أن يكون ممَّا جاء في كتاب الله أو ممَّا جاء في حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حديثًا صحيحًا . وهو إذًا ممَّا لا شك فيه أن الله - تبارك وتعالى - هو غيب الغيوب ، ولذلك يقول العلماء : " إنَّ كلَّ ما خطر في بالك فالله - عز وجل - بخلاف ذلك " ، يقولون هذا لأنه غيب لا ندركه كما قال - تعالى - : (( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ )) ، ولمَّا كان الأمر كذلك ؛ فلا يجوز أن نَقِفَ عند الإيمان بهذا الغيب الذي قُلْنا عنه تقريبًا للأذهان ؛ لأنه غيب الغيوب إلا في حدود ما عرَّفنا الله - عز وجل - به بنفسه في آيات كتابه وفي أحاديث نبيِّه - صلى الله عليه وآله وسلم - .

وممَّا لا شك فيه ولا ريب أن تعريف الله - عز وجل - لعباده بنفسه كان بهذه اللغة كما أشرتُ آنفًا التي بها فَهِمْنا شريعة الله كلها ، فيجب - أيضًا - أن نفهم كذلك الله - عز وجل - في صفاته كما فهمنا بنفس الطريقة آيات الأحكام والأخلاق ونحو ذلك .

مواضيع متعلقة