مداخلات متعلِّقة بالسؤال السابق في اختلاف النِّيَّة بين الإمام والمأموم ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
مداخلات متعلِّقة بالسؤال السابق في اختلاف النِّيَّة بين الإمام والمأموم ؟
A-
A=
A+
السائل : يا شيخنا - بارك الله فيك - ؛ بالنسبة للسؤال السابق بَقِيَ نقطة ، لو دخل الإمام وكان قد صلى المكتوبة ، ثم صلى النافلة بالمأمومين مثل قصة معاذ هي له نافلة ولهم فريضة ؛ ما يتعارض هذا مع قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا أُقِيمَت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) في حقِّ الإمام ؟

الشيخ : كيف يتعارض وأنت تحتج بقصة معاذ ؟

السائل : ... معاذ كان يصلي نافلة ولَّا كان فريضة ؟

الشيخ : هي له نافلة ، وهي مذكورة بالحديث .

السائل : صحت الرواية ، الصنعاني ما ذهب لهذه الرواية .

الشيخ : كيف ؟

السائل : الصنعاني .

الشيخ : آ .

السائل : يقول : لا ، يقول : معاذ كان يصلي فريضة ، بيقول : ... .

الشيخ : ما فهمت ، ماذا يقول الصنعاني ؟

السائل : يقول : معاذ كان يصلي فريضة ، ما كان يصلي نافلة .

الشيخ : معاذ كان يصلي فريضة ؟

السائل : وتكلَّم في : " هي له نافلة " .

الشيخ : لا ، هذا بلا شك ... .

السائل : لا ، الصنعاني تكلَّم في الحديث الآخر غير حديث معاذ ، فتكون ... وهذه ... .

الشيخ : هداك حديث عمر اللي ذكرناه آنفًا ، حديث معاذ حديث صحيح ، وفيه : ( هي له نافلة ، ولهم فريضة ) .

السائل : نعم .

الشيخ : وذكرت لكم في أوَّل البحث صلاة الرسول - عليه السلام - في صلاة الخوف مرَّتين ، في المرَّة الأولى صلى بجماعة ، ثم انطلقت جاءت جماعة أخرى فصلى بهم ركعتين مرَّة أخرى ، ما هذه الصلاة ؟ الثانية التي صلَّاها الرسول فرض ؟ فإذًا ؟ هَبْ أنَّ الذي نقلته - والعهدة عليك - هَبْ أن الذين نقلته عن الصنعاني كان نقلُك صحيحًا ، ثم هَبْ أنَّ ما ذكره الصنعاني بناءً على نقلك هو في نفسه صحيح ، فلا يضرُّنا شيئًا ؛ لأنُّو عندنا حديث صلاة الخوف ، لكن أنا في علمي أنَّ حديث معاذ : ( هي له نافلة ، وهي لهم فريضة ) هي زيادة صحيحة ؛ ولذلك يمكن اعتبار هذه الزيادة صحيحة حتى عند الذين لا يقولون بحديث معاذ مع هذه الزيادة ؛ ذلك لأنهم ما استطاعوا أن يردُّوا دلالة الحديث على النَّحو الذي نقلتَه عن الصنعاني ؛ لأن الأحناف - كما تعلمون - .

... لردُّوا بهذا على الشافعية ، لكنهم ما وجدوا إلى ذلك القول سبيلًا ، فذهبوا إلى قول قد يُشكل على كثير من الناس ، لكنِّي أنا بفضل الله ورحمته وجدتُ أنه لا قيمة لهذا القول ، هم يقولون : ليس في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اطَّلع على هذه الحادثة ، وما دام أن الرسول ما اطَّلع فإذًا لا حجة في هذا الفعل ، وهذه طريقة في ردِّ بعض الحوادث التي وقعت في عهد النبوَّة والرسالة طريقة مسلوكة مطَّردة عندهم ؛ ولذلك ردُّوا بها كثيرًا من الحجج الثابتة الصحيحة ، من ذلك - مثلًا - أنهم حينما احتجَّ الشافعية عليهم بأن خروج الدم لا ينقض الوضوء مهما كان كثيرًا ، ففي حديث الأنصاري الذي قام يحرس الجيش النازل في سفره .

السائل : ... .

الشيخ : آ ؟

السائل : ... .

الشيخ : إي ، قالوا : لما استمرَّ هذا الرجل في صلاته ما عندنا علم أن الرسول - عليه السلام - اطَّلع على هذه الحادثة وأقرَّها ؛ ولذلك نحن ننفي صلاحية هذه القصة للاستدلال على ما ذهب إليه الشافعية من أنَّ الدم الكثير لا ينقض الوضوء ، فأنا بَدَا لي منذ سنين طويلة أنَّ هذه الحجة التي يركن إليها الحنفية حجَّة داحضة مرفوضة ؛ وذلك من وجهين اثنين ، الوجه الأول أنني أقول يُستبعد جدًّا جدًّا جدًّا أن لا يطَّلع الرسول - عليه السلام - على حادثة معاذ وحادثة الأنصاري ؛ ذلك لأنَّ المفروض في أمير الجماعة أنه لا تخفى عليه مثل هذه القضايا ، وبخاصَّة أنها تتعلَّق بأحكام شرعية وهو مسؤول عنها .

أما حادثة معاذ فتعلمون قصة صاحب الناضح الذي ... يومًا ورأى معاذ وقد افتتحَ سورة البقرة ، ففارَقَه وصلى الفريضة لوحده ، ثم انطلق إلى سبيله ، وأحسَّ معاذ أو قيل له فيما بعد ما فعل ، فأخذ ينال منه ، وبلغ ذلك الأمر إلى الأنصاري ، فشكا معاذًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسل خلفه ، وقال له كما تعلمون : ( أفتَّانٌ أنت يا معاذ ؟! أفتَّانٌ أنت يا معاذ ؟! أفتَّانٌ أنت يا معاذ ؟! بحسبك أن تقرأ بـ (( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا )) و (( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى )) ونحوها من السور ) ، ثم قال : ( إذا أمَّ أحدُكم فليخفِّف ) إلى آخر الحديث .

إذًا الرسول يعلم أن معاذًا يصلي بالناس وهو يراه يصلي وراءه - عليه السلام - ، فيُستبعد جدًّا أن لا يكون عند الرسول - عليه السلام - علم بذلك ، كذلك أقول بالنسبة لحادثة الأنصاري الذي سالَتْ الدماء من رجله ، هذه حادثة غريبة جدًّا يصل خبرُها إلى راوي الحديث وهو جابر بن عبد الله الأنصاري ، ولا يصل خبرها إلى سيِّد القوم ونبيِّهم - عليه الصلاة والسلام - . هذا يعني شبيه بالمستحيل ؛ هذا الجواب الأول .

الجواب رقم اثنين : ما الذي يرمون إليه حينما يقولون أن الرسول - عليه السلام - ما عندنا نصٌّ أنه علم بذلك ؟ لأنهم مع المسلمين جميعًا أن الرسول لو علم وأقرَّ صار حجة ، طيب ؛ نقول ثانيًا : هَبْ أن الرسول ما علم ، لكن ربُّ الرسول علم ، وهو أهم من علم الرسول ؛ لأنُّو هو الذي يُوحي إلى الرسول ما يشاء من الأحكام ؛ فما هي هذه المشكلة الضخمة التي يتستَّرون بها حين يقولون : ما في عندنا نصٌّ أنُّو الرسول اطَّلع ؟ وهم لو قيل لهم : أليسَ عندكم علم قطعي يقيني بأن ربَّ الرسول اطَّلع ؟ سيقولون : بلى ؛ إذًا أيُّهما أهم أن يطَّلع الرسول أم ربُّ الرسول ؟ لا شك أن الجواب سيكون : ربُّ الرسول ، ما دام ربُّ الرسول اطَّلع ، ثم هو أقرَّ الرسول على ما وقع ؛ أي : دون أن يعلم الرسول على افتراض الحنفية ؛ فالحجة قائمة سواء فرضنا أن الرسول اطَّلع أو أن الرسول ما اطَّلع ؛ لأن في كلٍّ من الحالتين ربُّ الرسول قد اطَّلع ، وفي ذلك الحجة البالغة .

على هذا فقصة معاذ بن جبل هي حجة في جواز صلاة الفريضة وراء النافلة ، وتتأيَّد هذه بما ذكرناه من إحدى صفات صلاة الخوف .

السائل : ... .

الشيخ : إي نعم ، هو يشير إلى هذا .

السائل : ... .

الشيخ : إي نعم ، طيب .

سائل آخر : يا شيخ ، بعض أهل العلم يقولون هذا اختصاصًا بمعاذ ؟

الشيخ : كنا نخاف من أن يُقال خاصَّة بالرسول ، صِرنا نقول : خاصة بمعاذ !!

السائل : ... خصوصية - شيخ - الذي يعني أراد الصحابي أن ... للعيد ، فقال له : هذه خاصَّة لا تجزئ غيرك .

الشيخ : حَسَن ، من أين عرفنا الخصوصية ؟ أليس بقول الرسول حين قال : ( لا تجزي لأحدٍ بعدك ) ؟ طيب ، هل قال هذا لمعاذ ؟

السائل : لا ، ما قال .

الشيخ : لا ؛ إذًا سقطت الحجة ، ثم لا تنسَ ما قلناه آنفًا أن الرسول صلى بأصحابه صلاة الخوف مرَّة ثانية ... لعله يُقال هنا وهو أهون هذه خاصة بالرسول ؛ لأن الرسول له خصوصيات كثيرة .

السائل : حديث : ( من يتصدَّق على هذا ؟! ) .

الشيخ : إي نعم ، ليس له علاقة بموضوعنا ؛ لأن الذي تصدَّق هو المؤتم ، والذي صلى إمامًا ، أنا أقول ، والذي صلى إمامًا هو المفترض ؛ فهنا قضية معكوسة .

السائل : هل ثبت أن .

الشيخ : المقتدي متنفِّل ، والإمام مفترض ، أما قولك : هل ثَبَتَ إن كنت تعني هل ثبت بنصٍّ خارج عن هذه الرواية ؟ الجواب : لا أعرف ، لكن الرواية نفسها تُغنينا عن هذا السؤال ؛ لأنه قال الراوي في هذا الحديث : ( أَلَا رجلٌ يتصدَّق على هذا فيصلِّي معه ) ؛ أَلَا ترون معي بأنه لو قال : فيصلي به لَاختلف المعنى ؟ لا شك أن هناك فرقًا كبيرًا ، يصلي به يعني إمامًا ، يصلي معه يعني مقتديًا ؛ ولذلك يتبيَّن لنا أن هذا الحديث ليس له علاقة بموضوع اقتداء المفترض بالمتنفِّل ، بل هذا له علاقة بقضية أخرى ثبتَتْ في أحاديث أخرى ؛ وهي جواز إعادة الفريضة بنية النافلة ، وهذا كما سبق في صلاة الخوف لِمَا ذكرته آنفًا .

هذا الرجل الذي صلى وراء هذا الداخل كان قد صلى وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفريضة ، ثم حضَّ الرسول الجماعة أن يصلي أحدهم معه ، فقام ، وفي رواية أنه أبو بكر لكنها رواية ضعيفة ، فصلى معه ؛ فهذه يستدل بها لجواز تكرار الفريضة بنية النافلة ، وإلا فلا يجوز إعادتها بنيَّة الفريضة ؛ لقوله - عليه السلام - : ( لا صلاة في يوم مرَّتين ) .

السائل : ... فقال : فيصلي به ، فتكون أحيانًا قضية أنه هو الإمام ، أما لو قام فيصلي معه فبَقِيَ الاحتمالان .

الشيخ : طيب ، لا بد من مرجِّح ؛ فهل نرجِّح أم نظلُّ حيارى ؟

السائل : يعني المرجَّح بمجرَّد أنه لم يقل به ؟

الشيخ : ها .

السائل : بمجرَّد أنه لم يقل به .

الشيخ : نعم ، لأنُّو المفروض أن الرسول ، (( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) ، مش المفروض فيه يعمِّي الأمر على الناس ؛ فما دام أن كلَّ عربي يفهم الفرق فيصلي به أو فيصلي معه ؛ فالمفروض أن يأتي باللفظ المبيِّن الموضِّح ، فكان ينبغي أن يقول : فيصلي به ، فلما قال : ( فيصلي معه ) واللفظ الأول نصٌّ في الموضوع أنُّو يكون هو الإمام ، والثاني إذا لم نقل نصٌّ في أن يكون هو المقتدي ؛ فعلى الأقل هو ظاهر في أنه هو المقتدي ، وهذا يكفي .

مواضيع متعلقة