ما حكم الأخذ من اللحية ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم الأخذ من اللحية ؟
A-
A=
A+
السائل : شيخنا ، حكم الأخذ من اللحية ؟

الشيخ : الأخذ من اللحية إذا كان الأخذ للحية ما دون القبضة يجوز عندي ولا شك خلافًا لكثير من العلماء ؛ خاصة أهل الحديث في العصر الحاضر ، أما الأخذ أكثر من ذلك فلا أرى جوازه ؛ لأنه ينافي عموم قوله - عليه السلام - : ( واعفوا اللحى ) ، الإعفاء مطلق ، ولولا ما ثبت عن جماعة من السلف دون مخالفٍ لهم أنهم كابن عمر كان يأخذ ما دون القبضة لَأبقينا الحديث على إطلاقه ، لكن مجيء هذا الأثر ومعه آثار أخرى هي التي فتحت لنا طريق تقييد الحديث بما دون القبضة .

إي نعم .

أقول هذا لأنُّو كثيرًا من الناس يقعون في هذه المسألة ما بين إفراط وتفريط = -- هات شوية ميَّة يا أبو عبد الله -- = فناس كما أشرنا آنفًا يمنعون الأخذ من اللِّحية ولو شعرة ، وناس يتساهلون حتى تكون لحاهم على مذهب لا وجود له بين المذاهب المتَّبعة لأهل العلم إلا مذهب عوام الناس الذين يقولون : " خير الذُّقون إشارة تكون " ؛ فهذا إفراط وذاك تفريط ، والحقُّ وسط بين ذلك كما ذكرنا .

من هنا أو بمعنى آخر من هذ المثال يظهر لكم أهمية القيد الذي أنا أحرص على تنبيه الناس دائمًا عليه والدعوة دائمًا بالتكتُّل حوله ، وإلا انحرف الناس يمينًا ويسارًا ، وضلُّوا ضلالًا بعيدًا ؛ ما هو ؟ فهم الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح ؛ لأن السلف الصالح بدءًا من الصحابة وأنت نازل كانوا حديث عهد بنزول القرآن على النبي - عليه الصلاة والسلام - ، وبتحدُّثه - صلى الله عليه وآله وسلم - ببيان هذا القرآن بحديثه غضًّا طريًّا ، فتلقَّوه كما هو من جهة دون زيادة أو نقص ، ثم رأوه كيف يُطبِّق هذه الألفاظ الحديثية التي يمكن أن يفهم منها الإنسان فهمًا خلاف ما كان عليه واقع الرسول - عليه السلام - والسلف جميعًا .

بسم الله .

سائل آخر : هنيئًا .

الشيخ : هداك الله .

سائل آخر : اسأل الشَّيخ يجوز ؟

الشيخ : أنا قلت لك - هداك الله - مفترضًا أنك لا تعلم أن التزام التهنئة هذه لا أصل لها في السنة ، وإلا كنت تعلم أنه لا أصل لها في السنة ، ففي نفسي أن أفترض فرضيَّة أخرى وهي الأنسب بالنسبة إليك ؛ أنك إنما تفعل ذلك أحيانًا .

السائل : لا أعلم .

الشيخ : فإذًا هي الأولى .

السائل : طيب شيخنا ، بالنسبة لموضوع .

-- الشيخ : هات محرمة كلينكس ... . --

السائل : شيخنا ، بدك تكمِّل بنفس الموضوع ؟

الشيخ : إي نعم ، وإذا ما بدي كمِّل ؟ وإذا ما بدي كمِّل شو ؟

السائل : أستنى لما تخلِّص في موضوع آخر ؟

الشيخ : شو ورا السؤال ؟

السائل : يعني بدنا نحكي بنفس الموضوع .

الشيخ : بدك تحكي في نفس الموضوع ؟

السائل : نعم .

-- الشيخ : شكرًا -- .

السائل : إذا سمحت لي يعني .

الشيخ : وصاحبك اللي سبقك نسيته ؟

السائل : لما يخلِّص هو .

الشيخ : نسيته نسيته ، كمان ترقيعة تانية .

السائل : يا شيخي ، ... الموضوع ... السؤال هو بين وبين أخ خطيب البارح .

الشيخ : معليش ، مش مهم هذا .

السائل : فإحنا يعني .

الشيخ : المهم أنُّو الواحد ينتظر دوره .

السائل : نعم ، ننتظر إن شاء الله .

الشيخ : أيوا .

سائل آخر : سمعتك طلبت ميَّة .

الشيخ : شكرًا ، شربت .

سائل آخر : باردة .

الشيخ : قلت : هذا المثال هو الذي يحمِلُني - لا أعيد كلامي السابق ، وإنما أوجز - على أن أقول : أن الطريق الصحيح لكلِّ من يدعو إلى اتباع الكتاب والسنة أن يقيِّد ذلك بمنهج السلف الصالح ، وإلا سيأتي بدين جديد ، في أمثلة كثيرة تختلف باختلاف المواقع والمناسبات ، من أشهَرِها وأوضَحِها من الناحية العملية حديث : ( يد الله مع الجماعة ) ، وحديث : ( صلاة الواحد مع الواحد أزكى من صلاته وحدَه ، وصلاة الثلاثة أزكى من صلاة الاثنين ) ، وهكذا ، هون دخلنا نحن في وقت الظهر بعدما أذَّن الأذان جِئْنا نصلي تحية المسجد ، نريد أن نصلي سنة الظهر القبلية عادةً وسنة ؛ كل واحد منَّا ينتحي ناحية من المسجد ويصلي وحده ، ولو أن رجلًا بَدَا له أنُّو يجمع هؤلاء على إمام ، ويقول : يا جماعة ، تعالوا لنصلي جماعة ، والرسول قال كذا ، والرسول قال كذا . شو قال الرسول ؟ ( يد الله مع الجماعة ) ، ( وصلاة الاثنين أزكى من صلاة الواحد ) ، وهكذا ، شو الرد عليه هذا الإنسان ؟ عم يحتج علينا بحديثين !! واحتجاجه بالتعبير العلمي الأصولي أنه يحتج بالنِّصِّ العام أو المطلق ! ففي احتجاجه ماشي مع القواعد الأصولية فيما يبدو ، لكن الشخص الذي يلتزم بالمنهج السلفي ... .

سائل آخر : يرحمك الله .

الشيخ : يرحمك الله .

سائل آخر : يهدينا ويصلح بالكم .

الشيخ : يلتزم بالمنهج ... ويقول : لا يجوز لنا نحن أن نفهم الأحاديث النبوية فهمًا يختلف مع الواقع السلفي ، نحن نرى حتى اليوم - والحمد لله - ما رأينا مثل هذه البدعة ؛ أنُّو نصلي السنن جماعة بحجَّة أحاديث صحيحة عامة ليش نحجُّ هذا الذي قد يحتج علينا بمثل هذه البدعة ؟ نقول : لو كان خيرًا لَسبقونا إليه . وهكذا كلُّ النصوص التي تحتمل من حيث الدلالة العامة إذا لم يجرِ العمل لم نعمَلْ . طيب ؛ يأتي على العكس من هذا وهي مسألتنا ؛ نص عام : ( واعفوا اللحى ) ، لكن جرى العمل على تقييده ، شايف هذا المثال معاكس لذاك ، هناك الفرضية يعامل بالنَّصِّ العام ، قلنا : لا ؛ لماذا ؟ لأنه لم يجرِ عليه العمل . هنا : ( واعفوا اللحى ) النَّصُّ العام تارك اللحية على سجيَّتها وعلى ما خلقها الله عليها ، قلنا : لا ؛ لماذا ؟ لأنُّو السلف الذين بعضهم سمعوا هذا الحديث من الرسول مباشرةً ، وبعضهم من أولئك الذين سمعوه من الرسول مباشرةً ثَبَتَ عنهم أنهم كانوا يأخذون .

فإذًا القول بأنُّو نحن نأخذ بعموم الحديث هنا ، وكما سمعنا من كثير من الناس وبعض الرسائل أنُّو عمل الصحابة ما هو حجة !! آ ، نحن نقول : عمل الصحابة ما هو حجة فيما إذا خالف نصًّا لا يقبل النقاش بحيث يضطرُّنا أن نقول : أخطأ الصحابي الفلاني ، وهو على كلِّ حال مأجور ، لكن هذا النَّصُّ العام ممكن أن يكون له مفهوم ثانٍ ؛ وهو أن يكون مقيَّدًا ، فإذا وجدنا - مثلًا - أحد رواة هذا الحديث وهو عبد الله بن عمر هو الذي يأخذ من لحيته ما دون القبضة ، وهو روى هذا الحديث ؛ فإذًا هو لو كان يفهم الحديث على الإطلاق ما أخذ ذاك الأخذ ، وبخاصَّة أن ابن عمر أشد الصحابة كلهم وأحرصهم على اتباع سنة الرسول حتى من أبيه إلى درجة أنه بالغ في ذلك وجاء بعجائب لم يُقَرَّ عليها ؛ هذا الذي بالغ وبعض مبالغاته معروفة أنُّو - مثلًا - كان يدخِّل الماء في عينيه لما يغسل إيش ؟ وجهه ، كان إذا وصل إلى مكان الرسول - عليه السلام - بالَ فيه يبول هو فيه ، هذا واضح أنُّو القضية مش قضية عبادة حاجة واحد يعني ضاق عليه ؛ يعني شو يُقال في اللغة العربية ؟ غَلَبَه البول ، فأراد أن يقضي حاجته ، هذا ما فيه معنى التعبُّد إطلاقًا ، لكن الحرص على اتباع الرسول فعل هذا ، رُئِيَ آخذًا بمقود ناقته يطوف في مكان ؛ لِمَ تفعل هذا ؟ رأيت رسول الله يفعل ذلك .

هذا الإنسان الذي سمع قوله - عليه السلام - : ( وأعفوا اللحى ) وهو يرى الرسول لا يأخذ من لحيته هو شاهد عيان ؛ يستحيل عليه - وقد فعل تلك الأفاعيل - أنُّو ما يفعل مثل ما فعل الرسول - عليه السلام - وقد أمر بذلك ، لكن لا ، هو يفهم من مشاهدته للرسول ومن سماعه لكلام الرسول أنه لا يعني هذا المعنى الذي يذهب إليه بعض الشيوخ وهو الإعفاء المطلق ؛ واضح ؟

السائل : واضح .

الشيخ : لذلك هذا المثال كواقع ، وذاك المثال الذي صوَّرته لكم ولم يقع ، وأرجو أن لا يقع ؛ ولكن مثله كثير جدًّا ، أنا خيَّلت لكم أو فرضت لكم هذا المثال لأنه لم يقع ، ويبادر الجميع إلى إنكاره مع أن مثله واقع بالمئات بل بالألوف .

هلق - مثلًا - الزيادة بعد الأذان قديش فيه خلاف بين السلفيين والخلفيين بهالقضية ؟ شيء كثير ، شو حجَّتهم ؟ يا أخي ، الصلاة على الرسول !! الله قال : (( صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) ، ( من صلى عليَّ مرة واحدة صلَّى الله عليه به عشرًا ) ، الآية والحديث مثل هديك الحديثين ، عمومات عم يحتجوا فيها ، شو جوابنا ؟ " لو كان خيرًا لَسبقونا إليه " . لِكْ يا أخي ، هذا المعنى اللي أنت عم تظهره من الآية والحديث يعني غاب عن رسول الله ؟ حاشا لله !! غاب عن بلال الحبشي اللي أذَّن في حياة الرسول كلها ، وبعد الرسول ، والمؤذِّنين الآخرين والأئمة المجتهدين ، غاب عنهم ؟ مش معقول أنُّو غاب عنهم ، طيب ؛ ما غاب عنهم إذًا تساهلوا فنحن أحرص منهما ؟ هذا كمان مستحيل ؛ لذلك عدم التنبُّه لهذه النقطة يقع في البدعة كثير من أهل العلم ؛ مش العوام ، كثير من أهل العلم .

مثلًا أنا نصَصْتُ في " صفة الصلاة " أنُّو القبض بعد الركوع بدعة ، أنا أعلم أن هذا ما قاله قائل إطلاقًا ، لكن حياة السلف تعتري هذا الحكم ، مثل ما قلت لك : الجماعة هذه اللي حكينا عنها لو فُعِلت نقول أنُّو بدعة ، لكن ما حدا قالها ، ليش ما حدا قالها ؟ لأنها ما وقعت ، والحمد لله ما وقعت ، وأنا أقول بأن الوضع بعد الركوع هذه بدعة ، ما حدا قالها ؛ لماذا ؟ لأنها لم تقع سابقًا ، لكن في هذا العصر بعضُ العلماء الذين نقدِّرهم ونجلُّهم أخذوا من عمومات بعض الأحاديث هذا الوضع بهذا المكان . ما ... يجب أن ندرس صفة صلاة الرسول ، صلاة الصحابة ، صلاة الأئمة اللي نقلِّدهم ونتبعهم إلى آخره ؛ فلا نجد أحدًا منهم يقول أتباعهم فضلًا عن الصحابة يقولون عن الرسول أنه كان يضع بعد رفع رأسه من الركوع ، إذًا هذا المثال الواقع كذاك المثال الذي لم يقع ، هذا المثال الواقع يقع من علماء سلفيين ، لكن هو كقول مع المبتدعين ؛ لأنُّو الحجة واحدة ؛ وهي عمومات لم يجرِ العمل عليها إطلاقًا !

وكنت أقول كمثال أنُّو ما يجوز العمل يا أخي بعامٍّ تبيَّن من الأحاديث الأخرى أن ليس المقصود به هذا العموم ، وإنما المقصود مكان واحد وهو الوضع في القيام الأول ، وكنت أضرب مثالًا في أحاديث الإشارة بالإصبع في التشهُّد ، تنقسم الأحاديث الواردة في هذا الصَّدد إلى أنواع ، منها كحديث أنس : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشير في الصلاة " ، وين ؟ وكيف ؟ ما في بيان ، مطلق .

حديث آخر قريب من هذا ، لكن " كان يشير في التشهد " ، كان يشير في الصلاة مثل حديث أنس ، لكن الفرق بين حديث أنس والحديث الثاني ، الحديث الثاني قال : يشير في الصلاة . لكن جاء بلفظ : يشير في الجلوس في الصلاة ، شو زاد هنا ؟

السائل : الجلوس .

الشيخ : الجلوس .

السائل : وحدَّد المكان .

الشيخ : حدَّد المكان بعض التحديد ، إجت رواية ثالثة : " كان يجلس إذا جلس للتشهد " ، هذا كما يقال اليوم بتعبير العصر الحاضر : وضع النقاط على الحروف . الآن إذا ما فسَّرنا الحديثين السابقين بالحديث الأخير شو يطلع معنا ؟ شوف بقى شو رح نساوي هلق ؟ هلق أنا قائم وقابض ... كان يشير في الصلاة ؛ هَيْ إشارة في الصلاة ، لكن هذا ما حدا نقله ، ما حدا ذكره ، كمان شو رح ساوي ؟ سجدت السجدة الأولى ورفعت رأسي ، وسجدت السجدة الثانية في الصلاة ... في الجلوس ، شايف ؟ ما حدا يقول ، هيك كنت أنا أقول ، ما حدا يقول بهالإشارة هَيْ ولا بالإشارة بين السجدتين ، وكنت أضرب هذا المثال فعلًا منذ سنين في الشام وهنا ، إلى أن زارَني أحد المتخرِّجين من الجامعة الإسلامية ، فصلى المغرب معي ، ثم أقام الصلاة وصلى العشاء جمعًا ، وكان معه رجل شاب طيِّب مغربي ، فرأيتُه يشير بأصبعه بين السجدتين ، اللي كنت أخشاه رأيتُه بعيني ، ناقشته فيما بعد ؛ احتج أنُّو فيه حديث في " مسند الإمام أحمد " ، وأنا - والحمد لله - كنت على علم به ، وليس معنى هذا أنُّو لا يفوتني حديث بل عشرات الأحاديث ، لكنني بإمكاني - وهذا من فضل الله علينا وعلى الناس - أنُّو لو واحد قال : فيه حديث ، وشافوا بكتاب كذا ما أسهل عليَّ من استخراجه ومعرفة صحته من ضعفه .

هذا كان مارر عليَّ من قبل ؛ لأني له علاقة بصفة صلاة النبي ، فقال : هذا ، فيه حديث . قلت له : أين ؟ قال : في " مسند الإمام أحمد " . صحيح في " مسند الإمام أحمد " ، قلت له : صحيح ؟ قال : إي نعم . قلت له : أنت صحَّحته ؟ قال : لا . ما قال لي بعض المشايخ ، أنا أعرف من يقول بهذا الشيء ، المهم لم يجلِسْ عندي لم يمكث طويلًا ؛ فما دخلت معه في بحث طويل كما فعلت مع آخرين .

هذا الحديث موجود في " مسند الإمام أحمد " ، لكن في تعبير المحدثين شاذ ؛ لِمَ ؟ لأنه الحديث هو من رواية وائل بن حجر الذي نحن نعتمد على حديثه في التحليق والتحريك ، هذا الحديث يرويه عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر ، ثم عن عاصم تتكاثر الطرق ، الإمام أحمد اللي روى التحريك الذي نعتمد عليه ، وروى أحاديث أخرى بلفظ الإشارة دون التصريح بالتحريك ؛ كل هذه الأحاديث قلت : إما أنها مصرِّحة في التشهد ، أو لا تصرِّح كما ضربت مثلًا آنفًا حديث أنس وغيره ؛ جاء في " مسند الإمام أحمد " بسند إذا نظر إليه النَّاظر مهما كان عالمًا بالحديث لكن لم يكن مطَّلعًا على طرق الحديث لا يسَعُه إلا أن يحكم بصحته ، وهذا الذي يقع فيه الناس اليوم ؛ لأنُّو الإمام أحمد يقول : حدثني عبد الرزاق ، عبد الرزاق يقول : حدثني سفيان - وهو الثوري - ، سفيان يقول : حدثني عاصم بن كليب إلى آخره ، هذا سند صحيح ما فيه عليه غبار ، ولا عليه إشكال ، لكن لما تشوف هديك الطرق التي أشرنا إليها عن عاصم تشوف مخالفة تلك الطرق لهذه الطريق لنتساهل الآن ونتسامح في التعبير نقول : الطريق الصحيحة ؛ لأنُّو الإمام أحمد عبد الرزاق سفيان الثوري عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل ، لكن الطرق الأخرى الصحيحة كلها متَّفقة على أحد شيئين ؛ إما التصريح بمكان التحريك وهو التشهد ، أو إطلاق بدون تقييد ، هذا السند الصحيح نقول ابتداءً ماذا فعل ؟ ذَكَرَ التحريك بين السجدتين أو الإشارة بين السجدتين ، ولم يذكُرْها في التشهد ؛ فهذا يقال في تعبير المحدثين : حديث شاذ ؛ لماذا ؟ لأنُّو خالف كل الرواة الثقات اللي روَوه عن عاصم بن كليب .

فالثقات قلنا على قسمين ؛ قسم من صرَّح بالتشهد ومنهم شعبة ، وقسم ما صرَّح بالتشهد ، ولا صرَّح بالسجدتين ، فتُفسَّر رواية من لم يصرِّح براوية مَن صرَّح ، وهذا إذا وقفنا عند حديث وائل . وإذا انتقلنا إلى حديث ابن عمر وحديث عبد الله بن الزبير كلاهما في " صحيح مسلم " كمان هنّ يصرحوا أنُّو في التشهد ؛ فإذًا الذي جمع هذه الطرق يتغيَّر رأيه السابق اللي هو رأيي بحسب ما عرضته عليكم أن هذا سند صحيح ؛ عبد الرزاق سفيان عاصم إلى آخره ، يتغيَّر رأي غصبًا عني ؛ لأني أجد الثقات خالفوه ، ثم أجد الطرق الأخرى للأحاديث التي جاءت عن غير وائل تتَّفق على أنُّو التحريك أو الإشارة به في التشهد ؛ إذًا هذا حديث شاذ لا يجوز العمل به .

رجاله ثقات على الرأس والعين ، لكن هذا ليس كل شرط في الصحة ، بل هو شرط من شروط الصحة ؛ لذلك قال علماء الحديث أنُّو في تعريف الحديث الصحيح : " ما رواه عدل ضابط عن مثله عن مثله إلى منتهاه ، ولم يشذَّ ولم يُعَلَّ " ، هذا شذَّ ، جاء بالتحريك بين السجدتين أو بالإشارة ، ولم يأتِ بها في التشهد اللي جاء تقريبًا متواترًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، هذا حديث شاذ . ثم عدم جريان العمل بين المسلمين في كلِّ هذه العصور يؤكد هذا الشذوذ .

بهذا ينتهي كلامي من المثال الذي ضربتُه في موضوع اللحية ؛ أنُّو هالإطلاق الموجود : ( واعفوا اللحى ) ينبغي أن يُفسَّر بعمل السلف ، كما ينبغي تفسير الأحاديث الأخرى بما كان عليه السلف .

بهذا أنا ينتهي كلامي ، فإذا كان أنتَ كلامك حول الموضوع فأنت أولى من صاحبك !

السائل : نعم ، جزاك الله خير ، طيب شيخي ، هذا فُهِم ، بالنسبة للترك المطلق البارح قرأنا في " نيل الأوطار " أنُّو الإمام النووي على ما أظن قال : يُترك في اللحية ... .

مواضيع متعلقة