ما حكم اللِّحية في الاسلام ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم اللِّحية في الاسلام ؟
A-
A=
A+
السائل : ... حكم اللحية في الإسلام ... ؟

الشيخ : حكم اللحية في الإسلام - نسأل الله - عز وجل - أن يبارك لك في لحيتك - [ الجميع يضحك ! ] .

أما الحكم فهو الفرضية ، اللحية ليس كما تعرفون في مصر وتشاهدون مشايخ الأزهر ابتُلوا بمخالفة المظهر الأنور الذي كان عليه رسولنا - صلوات الله وسلامه عليه - طيلة حياته ، وكذلك كان الأنبياء كلهم من قبله - عليهم الصلاة والسلام - ، (( يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي )) ، كان له لحية ، أما الذين ابتُلوا بحلقها فلا يمكن أن يُؤخذ بلحيتهم ؛ لأنه لا لحية لهم ؛ حينئذٍ يُؤخذ برأسهم ! [ الجميع يضحك ! ] ، (( يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي )) معنى ذلك أن هارون - عليه السلام - كان ملتحيًا ، وهكذا الرسل .

والسبب في ذلك أن الله - عز وجل - يقول : (( فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ )) ، (( لَا تَبْدِيلَ )) لا تغيير لخلق الله ، خلق الله - عز وجل - لا شك - كما قال - خلق الإنسان في أحسن تقويم ، والإنسان - كما هو مُشاهد - ذكر وأنثى ، فخلق الله - تبارك وتعالى - غاير بين صورة المرأة ظاهرًا وباطنًا ، وبين صورة الرجل الذي يغيِّر من صورته الظاهرة فيتشبَّه بالمرأة كالذي يغيِّر من صورته الباطنة فيتشبَّه بالمرأة ، والعكس بالعكس تمامًا ، فلما قال - تعالى - : (( فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا )) فواضح جدًّا أن الله - عز وجل - فطر الناس الذكور منهم على لحية ، والنساء بدون لحية ، جاء الحديث الصحيح ليؤكِّد للناس جميعًا ولا يتورَّطوا بقول بعض مَن تأثَّروا بما يسمُّونها اليوم بالحضارة الغربية المزعومة ، وبالثقافة الغربية ، وبالنعومة الغربية ، فيقول : اللحية من الأمور العادية ؛ إن شاء الإنسان التحى ، أو إن شاء رمى بها أرضًا ، كلاهما عنده سواء !! لكي لا يقول قائل هذا الكلام جاء قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( عشر من الفطرة ) ، الحديث الأشهر قوله : ( خمس من الفطرة ) ، الحديث الذي في " صحيح مسلم " : ( عشر من الفطرة) ، وذكر قص الشارب وإعفاء اللحية ، إذًا اللحية من الفطرة المحافظة عليها وعدم حلقها واستئصال شأفتها ، ثم تأتي أمور أخرى وأخرى كثيرة في هذا الموضوع يؤكِّد أنه لا يجوز للرجل أن يُخالف فطرة الله التي فطره عليها ، من ذلك قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( حفُّوا الشارب وأعفوا اللحى ، وخالفوا اليهود والنصارى ) ، ومن ذلك حديث ابن عباس ، الحديث السابق في " صحيح مسلم " ، حديث ابن عباس في " صحيح البخاري " قال : ( لعن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - المتشبِّهين من الرجال بالنساء ، والمتشبِّهات من النساء بالرجال ) . ولو أننا تجرَّدنا عن الهوى - أو على الأقل عن التأثر بالمحيط المتبع للهوى - فقد يكون الإنسان لا يحلق لحيته اتِّباعًا للهوى - نقول هذا إنصافًا لبعض الأفراد - ، وإنما مُسايرةً للمجتمع الذي يعيش فيه ، وليس هو على علمٍ بإسلامه بحكم الإسلام في هذه القضية ؛ فهو يساير الناس على قول من قال :

" ودارهم ما دمت في أرضهم *** وأرضهم ما دمت في أرضهم " .

فَلِكَي لا يقول قائل أنُّو هذا لا بأس فيه نأت بهذا الحديث حديث ابن عباس : ( لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبِّهين من الرجال بالنساء ، والمتشبِّهات من النساء بالرجال ) ، لا يشك أحدنا مطلقًا لو أنه رأى امرأةً تضع لحيةً مستعارة على طريقة إيش اسمها هَيْ ؟ الباروكة ، الشعر المستعار ؛ تضع المرأة لحية مستعارة على خدَّيها على طريقة لوردات الإنكليز في برلمانهم قديمًا ، وربما يكون الآن لا يزال هذه العادة عندهم مستمرة ، فهم يحلقون لحاهم ، لكن إذا آن أوان اجتماع مجلس الأمة البرلمان وضعوا اللِّحى المستعارة على خدودهم ؛ فلذلك قلت في بعض ما كتبت : توجد عندنا عادة في سوريا متأثِّرين فيها ببعض الأحاديث الواهية المريضة ؛ يكون أحدهم حليقًا وحاسر الرأس كما هي العادة الشائعة اليوم في كثير من البلاد الإسلامية ، ماذا يفعل ؟ يُخرج منديلًا من جيبه ثم يكوِّره على رأسه ؛ لماذا ؟ قال : لأن الصلاة بعمامة تفضل سبعين صلاة بمن ير عمامة ، والعمامة في الحقيقة ليست هي هذه العمامة التي يتوهَّمونها الأتراك والبلاد التي تأثَّروا بعادات الأتراك وبمفاهيم الأتراك ، لعلَّكم رأيتم بعض العمائم إما اللبنانية وإما الفلسطينية يصدق فيها قول " محمد عبده " في زمانه : " عمائم كالبرج وجُبَب كالخُرج " ، يكوِّرون العمامة على رأسهم طبقات حتَّى تصبح فعلًا كبيرة ، ويتوهَّمون بأن في كل دورة درجة في الجنة !! هذا كله بناءً على أحاديث موجودة ذكرها ابن حجر الهيتمي في كتابه " اللباس " ، نسيت شو أول الاسم .

المهم فأحدهم حينما يريد يصلي حليق وحاسر في بيته ... وصلى على رأسه بزعمه صارت الصلاة بسبعين درجة ! أما اللحية فهو لا يقيم لها وزنًا ، لكن أريد أقول - وهنا الشاهد - فما دام أنهم لا يتعمَّمون في أزيائهم في عاداتهم في يوم الجمعة في يوم العيد ... لكن لو دخلوا الصلاة ستروا رؤوسهم بالمنديل ، فقلت : أخشى ما أخشاه أن يأتي يوم يصبح الدين عندهم مهزلة أكثر مما سمعتم الآن يُخرج من جيبه لحية مستعارة ، فيلصقها على خدَّيه ويصلي ؛ لأن هذا الزِّيَّ أكمل إسلاميًّا ، لكن هذا زيٌّ زور ! لأن الرسول - عليه السلام - جاء في بعض الأحاديث الصحيحة أن المرأة التي تساقط شعر رأسها ، فأضافت إلى شعرها خصلات من شعر غيرها سمَّى هذا الشعر بالزور ، وقال - عليه السلام - : ( لَعَنَ الله الواصلة والمستوصلة ) ، إذا كان هذا حكم الإسلام في مثل هذا الزور فلا شكَّ أن المرأة إذا وضعت لحية مستعارة تكون قد وضعت أو صنعت زورًا من جهة ، وتشبَّهت بالرجال من جهة أخرى ، فيا تُرى هل من العقل - ولا أقول هل من الدين أو العلم - أن نقول : أن الرجل إذا أطاح بلحيته أرضًا هذا لا يكون متشبِّهًا بالنساء ، أما المرأة إذا رفعت اللحية من تلك الأرض ووضعتها على خدَّيها ما تكون متشبِّهةً بالرجال ؟ كلاهما في الهوا سوا ، من أجل ذلك لا يجوز حلق اللحية للأسباب الآتية :

أوَّلًا : أنه تغيير لخلق الله ولفطرة الله ، وقد قال ربُّنا في القرآن حكايةً عن قول إبليس الرَّجيم : (( وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ )) ؛ فحلق الرجل للحيته هو تغيير لخلق الله ـ إطاعة للشيطان وعصيان للرحمن ، هذا أوَّلًا .

ثانيًا : تشبُّه بالكفار ، وقد سمعتم الحديث : ( وخالفوا اليهود والنصارى ) .

ثالثًا : تشبُّه بالنساء اللاتي خلقهنَّ الله - عز وجل - بدون لحى ، وتلك مزية من مزايا النساء على الرجال كما لا يخفى على الجميع .

فلو أن مخالفة واحدة من هذه المخالفات استقلَّت اللحية أو حلق اللحية بها لَكَفى دليلًا على حرمة حلقها ؛ فما بالكم إذا رأيتم أنَّها اجتمعت كلها في حلق اللحية ، لذلك كل علماء المسلمين إلى هذا العصر الحاضر أو ما قبل هذا العصر الحاضر كانوا متَّفقين على أن إعفاء اللحية واجب وأن حلقها فسق وكانوا يرتِّبون على ذلك ألَّا تُقبل شهادة الحليق ، و (( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ )) .

مواضيع متعلقة