ما حكم حلق اللحية والأخذ منها ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم حلق اللحية والأخذ منها ؟
A-
A=
A+
السائل : ... .

الشيخ : تفضل .

السائل : ... ... حلق اللحى ؛ الحكم ... ؟

الشيخ : حلق اللحية ؟

السائل : ... .

الشيخ : نعم ، حلق اللحية بلا شك من الكبائر وليس من المحرمات فقط ، وذلك بأنها تشتمل على مخالفات لنصوص عدة ، أوَّلها قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( حفُّوا الشارب ، وأعفوا اللحى ، وخالفوا اليهود والنصارى ) ، والأمر الصَّادر من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يجوز مخالفته بنصِّ قول الله - تبارك وتعالى - : (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )) ، هذا أولًا ، وثانيًا كما جاء في " صحيح البخاري " من حديث عبد الله بن عباس قال : ( لعن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - المتشبِّهين من الرجال بالنساء ، والمتشبِّهات من النساء بالرجال ) ، ولا شك أن التشبُّه تشبه كل من الجنسين بالآخر إنما هو فيما يبدو في الظاهر ، فمن أجل ذلك يحرمُ على الرجل أن يتشبَّهَ بالمرأة سواء في اللباس أو في غير اللباس ، كما يحرم على المرأة أن تتشبَّه - أيضًا - بالرجل في اللباس أو في غيره ، موضوع حلق اللحية فلا شك أن الله - عز وجل - حينما فاوتَ في خلقه بين الرجال والنساء ، وأشار إلى ذلك في قوله - تعالى - الذَّكر والأنثى : (( سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى )) ، فجعل إيش ؟

السائل : ... .

الشيخ : لأ .

السائل : ... .

الشيخ : (( وما خلق الذكر والأنثى )) ، فربُّنا لما ذكر في هذه الآية ما ذكر ذلك عبثًا ، وإنما ليُلفِتَ النظر أن من آياته أن خلق الذكر والأنثى ، فهو فاوت بأشياء منها ظاهرة ومنها باطنة ، فمن الأشياء الظاهرة أن الله ميَّز الرجل باللحى ، وميَّز النساء بدونها ، ولا يشكُّ كلُّ ذي عقلٍ ولبٍّ أن المرأة لو اتخذت لحية مستعارة ألصقتها بخدَّيها فكلُّ من يراها لا يتردَّد في أن يقول إنها تشبَّهت بالرجال ؛ علمًا أنها لم تصنع إلا أنها أخذت شيئًا مثل باروكة هذه اللحية المستعارة مشهور بها البريطانيون الإنجليز ؛ طبقة منهم يسمُّون باللوردات ، هؤلاء كان من تقاليدهم - وربما لا يزالون كذلك - إذا دخلوا البرلمان وهم حليقين ، فيضعون هذه اللحى المستعارة ، فالمرأة التي تضع لحية مستعارة لا يشكُّ أيُّ إنسان بأنها تشبَّهت بالرجل ، فيا ترى أليسَ العكس أقرب إلى التشبُّه فيما إذا جاء الرجل إلى لحيته التي فرضَها الله عليه فرضًا ، وجبره عليها جبرًا ؛ لأنه خلقه ذكرًا ، فجعله ذكرًا ذا لحية ، فحينما يأتي هذا الذكر ويطيح بلحيته ويَرميها أرضًا ؛ أليس قد تشبَّه بالمرأة التي ليس لها لحية ؟ لا شك أن هذا أمرٌ متحقِّق وواقع ، فإذًا شَمَلَه اللعن مباشرة الذي في " صحيح البخاري " : ( لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبِّهين من الرجال بالنساء ، والمتشبِّهات من النساء بالرجال ) .

ثم يأتي ثالثًا : ربنا - عز وجل - ذكر في القرآن الكريم في قصة لعنه إبليس إلى يوم الدين بسبب وسوسته لآدم - عليه السلام - ، فلما وقع إبليس في الطَّرد من رحمة الله أراد أن يُثبت أصله ، ويؤكِّد ناصيته لله - عز وجل - فقال : (( ولآمرنَّهم فليبتِّكنَّ آذان الأنعام ولآمرنَّهم فليغيرنَّ خلق الله )) ، فإذًا الذي يحلق لحيته فهو يُطيع الشيطان فيعصي الرحمن ؛ لأن الشيطان قال : (( ولآمرنَّهم فليغيرنَّ خلق الله )) ، إذًا هو خالف - أيضًا - الآية الكريمة التي فيها إعلام بأنُّو وظيفة الإبليس الرجيم عدوُّ الإنسان أن يأمره بتغيير خلق الله ، من أجل ذلك جاء أخيرًا قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لعن الله النَّامصات والمتنمِّصات ، والواشمات والمستوشمات ، والواصلات والمستوصلات ، والفالجات المغيِّرات لخلق الله للحُسن ) .

( المغيِّرات لخلق الله للحسن ) فنحن هنا نأخذ من هذا الحديث ما يتعلق بالآية السابقة : (( ولأمرنَّهم فليغيرُنَّ خلق الله )) ، الرسول هنا لعن هذه الأصناف من النساء بتعليل ( المغيِّرات لخلق الله للحُسن ) ؛ فإذًا هنَّ في تغييرهنَّ لخلق الله أطعن الشيطان وعصين الرحمن ، قد يقول قائل : هنا ليس للرجال علاقة بالحديث ، نقول : بلى ، لهم علاقة كل العلاقة ، وذلك بالبيان التالي وهو :

كلنا يعلم أن الله - عز وجل - لحكمته البالغة لما غايرَ بين النساء والرجال جعل للنساء بعض الأحكام تختصُّ بهنَّ غير الحكم الكوني ؛ حيث جعلها بدون لحية ، فأباح لهنَّ مثلًا الحرير ، وأباح لهنَّ نوعًا من الذهب ، بينما حرَّم هذا وذاك على الرجال ، ومع هذا التمييز لجنس النساء على الرجال بإباحته - تعالى - لهنَّ ما هو حرام عليهم ؛ فإذًا حرم عليهنَّ شيئًا وبعلَّة تغيير خلق الله ؛ فلا شك أن هذا الشيء المحرَّم عليهنَّ بنفس العلة يكون محرمًا على الرجال من باب أولى ، فالآن نعود إلى الحديث : ( لعن الله النَّامصات ) ؛ أي : الناتفات ، والنتف هنا نسمع من كثيرين من أهل العلم والفضل يختلفون ؛ بعضهم يقصُّون النمص بالحاجبين فقط ، وبعضهم يزيد على الحاجبين الخدَّين ، ثم لا شيء وراء ذلك ، والصواب أن الأمر أوسع من ذلك كلَّ التوسعة ؛ بحيث يشمل النتف في أيِّ مكان يقع من بدن المرأة ؛ إلا ما استثناه الشارع كنتف الإبط مثلًا ؛ فإنه من سنن الفطرة ، وهذا كلام نذكره الآن بالمناسبة ، ولا نقف عنده كثيرًا ، لكن الشاهد : إذا كان الشارع الحكيم حرَّم على المرأة أن تأخذ من حاجبها أو حاجبَيها تُرى ألا يحرم ذلك على الرجال من باب أولى ؟ الجواب : نعم ؛ لما ذكرته آنفًا ؛ أن هذا تغيير لخلق الله والحديث التَقَى مع الآية المغيِّرات لخلق الله ، فإذا كان الله - عز وجل - حرَّم عليهنَّ أن يغيِّرْنَ تغييرًا بسيطًا من حواجبهنَّ لأنه تغيير لخلق الله ؛ فالرجل من باب أولى أنه لا يجوز له أن يأخذ من حاجبيه ؛ لأنه - أيضًا - تغيير لخلق الله ، زِدْ على ذلك أن الشارع أباح للنساء ما لم يُبِحْ للرجال ، فإذا حرَّم عليهنَّ هذا فمن باب أولى أن يحرِّمه على الرجال كما ذكرنا .

فكل هذه الأصناف التي ذكرت في الحديث تغيير لخلق الله ، البشرة - مثلًا - تكون المرأة ذراعها أبيض ، فلا يعجبها بياض ربِّها ، فتأخذ الوشم وتشم البشرة ، هذا هو الجمال ؛ ألا وهو تغيير لخلق الله ! فلُعِنَت هذه الأصناف ؛ تُرى ألا يكون الرجل الذي يأخذ من خدَّيه ملعونًا من باب أولى ؟

ثم أخيرًا : ألا يكون الرجل الذي يأخذ لحيته كلَّها ويرميها أرضًا ؛ ألا يكون ملعونًا من باب أولى ؟ إذا كانت المرأة التي تأخذ خطًّا دقيقًا هنا من حاجبها تكون ملعونة لأنها غيَّرت خلق الله ؛ فماذا يُقال بالنسبة للرجل الذي يأخذ لحيته كلها ؟ فلا شكَّ أن هذا من الكبائر ، ولذلك نذكِّر من كان مبتلًى بشيء من ذلك أن يتوبَ إلى الله - عز وجل - ، وألَّا يأخذ من لحيته حتى ولا الخدَّين ؛ لأن الشَّعر النَّابت على الخدين هو من اللحية كما جاء في اللُّغة .

لعل في هذا القدر . الآن الساعة - ما شاء الله ! - إحدى عشر ونصف ، إيش رأيك أبو عبد الرحمن ؟

السائل : الله يعافيك .

الشيخ : الله يعافيكم .
  • فتاوى جدة - شريط : 28
  • توقيت الفهرسة : 01:24:54
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة