كيف نوفق بين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية وبين عمل ابن عمر في أخذه مادون القبضة .؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كيف نوفق بين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية وبين عمل ابن عمر في أخذه مادون القبضة .؟
A-
A=
A+
السائل : السؤال الثاني وبلحقه سؤال

الشيخ: ما شاء الله

السؤال: طبعا نعلم أن أحاديث مستفيضة وردت باعفاء اللحية وهي كان ظاهرها الأمر والوجوب ونعلم أن حديث عبد الله بن عمر أنه إذا كان حج أو اعتمر ...

الشيخ : انتبه انتبه سؤالك فيه خطأ ، بتنتبه بكفيك ، بتنتبه بتنتبه غيرك يكفيك .

السائل : نحويا ؟

الشيخ : لا لا، شرعا ؛ أي نعم .

السائل : نعلم أن هناك أحاديث وردت بإعفاء اللحية بالأمر ثم عثرنا أو عثر علماء بس هنا يا شيخ أثر عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه إذا كان حج أو اعتمر فهل هذا دليل على جواز الأخذ من اللحية سواء ما زاد عن القبضة أو من الجانبين ؟

الشيخ : أيوه ، القضية ليس لها علاقة بموضوع يجب إعفاء اللحية أو لا يجب وإنما هل يجوز الأخذ منها أو لا يجوز ، صح ؟

السائل : نعم .

الشيخ : أثر ابن عمر إذا كان تمسكك به هو بخصوص قيد حج أو عمرة له جواب ، وإذا كان ليس بهذا الخصوص له جواب ؛ فأي الخصوصين تعني ؟

السائل : بخصوص قيد كان إذا حج أو اعتمر .

الشيخ : كويس ، فإذا ارتفع هذا القيد حج أو اعتمر يتغير عندك الموضوع ؟

السائل : ما لم يقم دليل آخر نعم يتغير عندي الموضوع .

الشيخ : يعني لو ثبت عن ابن عمر أنه كان يأخذ حتى في غير الحج والعمرة يعني ينتهي الإشكال ؟ ما أظن أنا .

السائل : بالنسبة لي لا ينتهي الإشكال .

الشيخ : ها لذلك بقي القيد هذا الخصوص ما له محل من الإعراب ، أنا هذا الذي شعره بينما أنت دندنت حوله ، طيب إذا للإفادة أقول ثبت عنه القيد والإطلاق ، يعني كان يأخذ في الحج والعمرة وكان يأخذ من لحيته دون قيد الحج والعمرة والذي يعني أفهمه منك كأنك تريد أن تقول هل يجوز تخصيص عموم أمر الرسول بإعفاء اللحية بفعل ابن عمر المطلق أي بلاش الحج والعمرة وإنما مطلقا ؛ فأظن هذا هو سؤالك أكذلك ؟

السائل : نعم هذا هو السؤال لكن كان أول شيء كنت بس مختصر على التقييد .

الشيخ : أي نعم فلذلك خذها على الماشي فائدة ، جاء القيد وجاء المطلق أيضا ، فابن عمر كان يفعل في الحج والعمرة وغير الحج والعمرة ، وخذها فائدة أخرى أن الأخذ جاء عن غير ابن عمر أيضا ، أي نعم ، وهذا في الحقيقة من الأمور التي تغيب عن أذهان كثير من أهل العلم والفضل ؛ ولذلك ينهون الناس الملتزمين بأن يأخذوا من لحيتهم لأنهم يريدون أن يقفوا عند عموم النص ( حفوا الشارب وأعفوا اللحى ) وهذا هو الأصل أي أن يقف المسلم عند النص العام أو المطلق ولا يخرج عليه بتخصيص أو قيد إلا بدليل ؛ فالآن أنا أرى أن الدليل عندنا في التقييد هو فعل ابن عمر وليس الفعل الخاص بالحج والعمرة مع أن هذا يفيد إلى نصف الطريق لأن الذين يقولون بتنفيذ الأمر على عمومه أو إطلاقه لا يجيزون ذلك لا في حج ولا في عمرة ؛ واضح ؟

السائل : نعم .

الشيخ : فأنا أقول إن فعل ابن عمر هنا حجة وذلك لما يأتي بيانه ؛ وعليكم السلام أهلا ومرحبا .

أبو ليلى : شيخنا الدكتور دكتور بيطري... هو كان جاي على الموضوع .

الشيخ : جزاه الله خير أهلا ومرحبا ؛ ابن عمر رضي الله عنهما ينبغي لفهم التقييد بفعله أن نستحضر حقيقة تتعلق بالحديث السابق ذكره ( حفوا الشارب وأعفوا اللحى ) أن ابن عمر هو أحد رواته وهنا تأتي قاعدة فقهية كثيرا ما ينبه عليها أهل العلم في أثناء تناقشهم بعضهم مع بعض في بعض المسائل الخلافية فيقولون: " الراوي أدرى بمرويه من غيره " وهذا كلام سليم مستقى من بعض النصوص الحديثية كمثل قوله عليه السلام : ( الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ) وهذا الحديث له رواية أخرى ( ليس الخبر كالمعاينة ) وسبب هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى قصة موسى عليه السلام مع أخيه هارون من جهة وقومه من جهة أخرى أنه لما ذهب لمناجاة ربه تبارك وتعالى وخلف أخاه على اليهود على بني إسرائيل (( فاتخذوا من بعده عجلا جسدا له خوار )) فلما رجع موسى وأخبره بالخبر ما أخذته الغيرة الدينية إلا لما شاهد فلما شاهد قال عليه السلام : ( ليس الخبر كالمعاينة ) وهذه حقيقة يعني بدهية فطرية معروفة عند الناس بالعمل والتجربة إذ الأمر كذلك ؛ فابن عمر كما نعلم جميعا عاش مع الرسول عليه السلام سنين وهو سمع منه هذا الحديث ؛ ففي اعتقادي بأن ابن عمر إذا كان يعلم بالمشاهدة منه عليه الصلاة والسلام أنه لا يأخذ منها مطلقا مستحيل ابن عمر أن يأخذ منها شعرة لما عرف عنه من أنه كان أكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرصا على الاقتداء به حتى في بعض الأمور التي قد تستنكر عليه من غيره ؛ وأظن هذا معروف لديكم ؟

السائل : نعم .

الشيخ : فإذا كان هذا الصحابي الجليل الذي ترجمته بعضه ذكرناه آنفا كان أحرص الأصحاب على الاقتداء بالرسول عليه السلام فلو لم يره هو أو لم يسمع منه على الأقل شيئا يفسح له مجال للأخذ ما كان ليفعل ذلك أبدا ؛ واضح إلى هنا ؟

السائل : نعم .

الشيخ : فإذا انضم إلى ذلك بعض السلف كأبي هريرة وابراهيم النخعي وا وا إلى آخره، وغيرهم كانوا يفعلون أيضا يأخذون من لحيتهم ، ثم انضم إلى ذلك أن الذين لا أقول أنا أعلم " ومن رأى العبرة بغيره فليعتبر " لكن الذين يحتجون بمطلق الحديث أو بعمومه يقولون ما أحد نقل عن أحد من الصحابة أنه كان يأخذ فقلنا لهم لا ، خذوا من أخذوا من لحيتهم فلان وفلان وفلان وفلان ، عليهم بقي الآن أن يثبتوا لنا العكس ودون ذلك كما يقال " خرط القتات " ما هو العكس ؟ أنهم ما كانوا يأخذون ، ليس عندهم إلا مجرد عدم العلم وأهل العلم يقولون كلاما سليما جدا " عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه " فكون أنا و زيد وبكر لا يعلمون أن أحدا من الصحابة كان يأخذ فهذا لا يعني أن أحدا من الصحابة كان لا يأخذ ، هذا ليس علما هذا جهل ما ندريه ممكن هيك وممكن هيك ؛ لكن أحد الإمكانين انتقض بما ذكرناه آنفا عن ابن عمر وأبي هريرة وغيرهم من السلف الصالح ؛ وفي ذهني أن ابراهيم النخعي يحكي وإبراهيم كما نعلم هو من التابعين يحكي أنهم كانوا يأخذون من لحيتهم ، وهذا نص مهم جدا ، وعلى هذا نستطيع أن نقول أن أمر الرسول عليه السلام بإعفاء اللحية ليس على إطلاقه وشموله لأنه ثبت عمليا ممن لهم وزنهم علما واتباعا أنهم ما طبقوا هذا الحديث على إطلاقه من هنا ومن غيره من أمثلة أخرى ، قلت أنا في كثير من المباحثات وهي في الحقيقة قاعدة علمية مهمة جدا من تفقه بها أدرك عشرات المسائل التي تضل الأذهان في معرفة حقيقة أمرها هل تجوز شرعا أو لا تجوز فأقول ... .

مواضيع متعلقة