ما حكم استعمال الآنية المطليَّة بالذَّهب والفضة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم استعمال الآنية المطليَّة بالذَّهب والفضة ؟
A-
A=
A+
السائل : أستاذ ، شو الحكم الآن اللي يبيعوا ثريَّات الإنارة ملبَّسة بالذهب ، والحنفيات نفس الشيء ؛ شو حكم استخدامها ؟

الشيخ : هذا سؤال سُئلناه مرارًا ، وآخرها كان الأمس القريب .

لا شك أن الآنية اللي أقرب إلى مثال من هذه الصورة الثريَّات اللي تقول عنها أن يشتبه على الإنسان أن هذه معلقة من ذهب أو معلقة من فضة أكثر من الثريَّات ؛ لأن الثريَّات كبيرة فما يُلقى في نفس الرائي أن هذه الثريَّة ذهب ، الذي يُلقى في النفس أنها ملبَّسة تلبيس يعني ، فأنا تكلَّمت منذ عهد قريب عن المعالق والصحون اللي تكون مطليَّة بالذهب ما حكمها ؟ فأجبت بما يأتي : الرسول - عليه السلام - حرَّم الأكل في آنية الذهب والفضة ، وهذه الآواني التي ليست في أصلها ذهبًا أو فضة وإنما هي مطليَّة بالذهب أو الفضة لا يُقال عنها لغةً إنها آنية ذهب أو فضة ، ولذلك فالتحذير والتحريم الذي جاء في الأحاديث لا ينصبُّ على هذا النوع من الأواني ؛ لأنها ليست آنية ذهب أو فضة ، ولكن من باب الحكمة التي يظنُّها بعض الناس حديثًا نبويًّا ولا أصل له ، لكنها حكمة : " من كان يؤمن بالله واليوم آخر فلا يقفَنَّ مواقف التُّهَم " . فلما أنت - لا سمح الله - بدك تستعمل آنية مطلية بالذهب بدك بقى تعمل مجادلة طويلة عريضة لحتَّى كلما أكلت أو ضيَّفت بعض الناس في مثل هذه الآنية بيقولوا لك : هذا حرام ، هذا ما يجوز ، وهذا ، بدك تقول لهم : والله هذا مو ذهب ، هذا مطلي ؛ شايف شلون ؟ لا ، مثل ما بيقولوا عندنا بالشام : " اللي ما بدو يشوف منامات مكربة لا ينام بين القبور " ، شو بدو بهذه المشاكل ؟ فما نقول الأكل في هذه الأواني المطليَّة بالذهب أو الفضة حرام ، لكن نقول : مكروه من باب دفع الشُّبهة عن نفسك ؛ واضح ؟

السائل : نعم .

الشيخ : نجي بقى للثريَّات ما بيخطر في بال الإنسان إلا إذا كان في بيته من بيوت الملوك يعني ، أنُّو تكون هذه ذهب ، فالشبهة هنا أضعف من تلك بكثير ، فيجب مراعاة هذه الأمور بحيث يوجد المقتضي لدفع الشُّبهة يبتعد عن استعمال الأواني المطليَّة بالذهب وبالفضة أيضًا ؛ لأن الرسول - عليه السلام - قد شرَّك إناء الفضة مع الذهب من حيث تحريم الأكل والشرب فيهما ، بينما لم يشرِّك الفضة مع الذهب في تحريم استعمالهما استعمالًا مطلقًا ، فقال - عليه السلام - : ( مَن أكل أو شرب في آنية ذهب أو فضة فكأنَّما يجرجر في بطنه نارَ جهنم ) أو ( نارُ جهنم ) .

( فكأنَّما يجرجر في بطنه نار جهنم ) هذا فيه التصريح بتحريم الأكل حتَّى في آنية الفضة ؛ علمًا أن الفضة غير محرَّمة كالذهب ، الذهب حرام على الرجال بصورة عامَّة إلا ما اقتضته الضرورة ، ومباح للنساء بصورة عامَّة إلا ما استُثني ، منها أواني الذهب ، الحرمة يشترك فيها النساء مع الرجال ، وهذا يُوجِد لدينا فسحة لإقناع مَن يريد الاقتناع بما ثبت عن الرسول - عليه السلام - من تحريم أساور الذهب والفضة على النساء - أيضًا - ؛ لأن جماهير الناس بيحتجُّوا دائمًا بهيك مناسبة أنُّو الرسول قال وقد خرج على الصحابة وفي إحدى يديه ذهب ، وفي الأخرى حرير ، فقال : ( هذان حرامٌ على ذكور أمَّتي حلٌّ لإناثها ) ، يقولوا : هذا الحديث صريح في إباحة الذهب مطلقًا للنساء ؛ نقول : لا ؛ لأن النَّصَّ العام إذا جاء ما يقيِّده أو يخصِّصه وجب تقييده أو تخصيصه بالمخصِّص ، مثلًا قال - تعالى - : (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ )) الميتة هنا مطلقة ، تُرى ميتة السمك حرام ؟ ميتة الجراد حرام ؟ الجواب : لا . ليه ؟ لأنُّو جاءت أحاديث تبيِّن حلَّ هذا النوع من الميتة فيكون الجمع بين الآية الكريمة وبين الأحاديث التي أباحت الجراد والسَّمك الميت فيُقال في فهم الآية : (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ )) إلا ميتة الجراد والحوت السمك ، والدم إلا دم الكبد والطحال ، يُستثنى الخاص من العام ، هكذا يُقرَّر في علم الأصول .

فلما جاء الحديث : ( حلٌّ لإناثها ) نص عام ، لكن جاءت أحاديث أخرى تحرِّم على نساء ما يعبِّر عنه بعض الفقهاء اختصارًا بالذهب المحلَّق ، وهي ثلاث أنواع ، الخاتم والسوار والطوق ، فلما يحتجوا بهذا الحديث ينسون أنُّو محرَّم على النساء بالإجماع الأكل في آنية الذهب ؛ مع أنه أباح الذهب للنساء ، فهذا مُستثنى من الإباحة ، واستثناء الذهب المحلَّق أولى من استثناء الأواني الذهب ؛ لأنُّو أواني الذهب ما في دليل خاص في تحريمه على النساء ؛ لأنُّ قال : ( مَن أكل ) ، مَن صيغة عموم ، فكان من الممكن أن يُخصَّص هذا العام بالعام الأول : ( حلٌّ لإناثها ) ، لكن هكذا اتفق العلماء ؛ فحينئذٍ نأخذ من مجموع الأحاديث أنُّو الذهب حرام على الرجال حلال للنساء ، لكن كما استُثنِيَ بعض الأنواع من الذهب فحُرِّم على النساء ، كذلك استُثني بعض الذهب فأُبِيح للرجال . - مثلًا - في " مسند الإمام أحمد " أن رجلًا من الصحابة اسمه " عرفجة بن سعد " كان قد أُصِيبَ أنفه في وقعة في الجاهلية اسمها " وقعة كُلَاب " ، فلما أسلم اتَّخذ أنفًا من وَرِق ؛ يعني من فضة ... .

مواضيع متعلقة