كيف الجمع بين فضل الاجتماع على الذكر وقصة عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في إنكاره على أصحاب الحلقات في المسجد ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كيف الجمع بين فضل الاجتماع على الذكر وقصة عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في إنكاره على أصحاب الحلقات في المسجد ؟
A-
A=
A+
الشيخ : في ذهني أن أحد السَّائلين كان سأل أكثر من سؤال في ورقة ، فأجبت عن سؤال أو أكثر ، وبقي هناك سؤال آخر ، كان هذا السؤال يدور حول قصة عبد الله بن مسعود ، قصة عبد الله بن مسعود في إنكاره على أصحاب الحلقات في المسجد الذين كانوا يعدُّون الذكر بالحصى ، فالسَّائل أشكَلَ عليه هذا الأمر ، أشكلت عليه القصة ، وذكر بعض الأحاديث الصحيحة التي فيها أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أثنى خيرًا على حلقات الذكر ، وفي بعض الأحاديث : ( ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله ، يتدارسون القرآن ، يتلون القرآن ويتدارسونه بينهم ؛ إلا نزلت عليهم الملائكة وحفَّتهم الرحمة ، وذَكَرَهم الله فيمن عنده ) أو كما قال - عليه الصلاة والسلام - .

وكذلك حديث آخر طويل في " صحيح مسلم " أن الملائكة تنزل من السماء تتطلَّب وتتفقَّد مجالس الذكر ، فيشاركون أهل مجالس الذكر على الذكر ، أشكل من أجل هذه الأحاديث قصة عبد الله بن مسعود التي ... آنفًا ، فأنا أريد أن ألفت نظر السَّائل وغيره - أيضًا - ؛ لأنُّو هذه مشكلة قائمة اليوم ؛ إن مجالس الذكر كأيِّ عبادة من العبادات لا يصح أن تُنكر مطلقًا ولا أن تُقرَّ مطلقًا ، وإنما الصواب أن يُقرَّ من مجالس الذكر ومجالس العبادات والطاعات والصلوات ما وافَقَ الشرع منها ، فليس كلُّ صلاة عبادة ، كذلك ليس كلُّ ذكر عبادة ، هذه الضابطة يجب على المسلم أن يحفَظَها في كل العبادات الشرعية ، وإلا اختلط عليه المشروع بغير المشروع ، فما أنكَرَه ابن مسعود من تلك المجالس لعلِّي شرحت ذلك في الجلسة الماضية أو فيما قبلها من الجلسات حينما ذكرت قصة ابن مسعود ، هو لا لأنه مجرَّد ذكر ، وإنما لأنه احتَفَّ بهذا الذكر وأحاط به ما ليس من السنة في شيء ، هل يتبادر إلى ذهن إنسان أن ابن مسعود لا يعرف فضل الذكر ومجالس الذكر ؟! هذا أمر مستحيل .

إذًا كان على السَّائل أن يتساءل : ما هو السِّرُّ ؟ ما هو السبب في إنكار ابن مسعود تلك المجالس وتلك الحلقات إذا أنا لم أبيِّن ذلك في بعض المناسبات ؟

أنا أقول الآن كلمة مختصرة : هناك مجلس للذكر ذكر الله - عز وجل - أو مجلس للصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولسا بينقصنا بدعة أخرى أنا أبتدعها قولًا وتحذيرًا لا أبتدعها فعلًا وعلمًا ؛ هناك بدعة ثالثة وهي مجلس الصلاة لله - تعالى - ، فيه مجلس ذكر الله ، وفيه مجلس الصلاة على رسول الله ، وفي مجلس للاجتماع على الصلاة لله - تعالى - ، نجتمع في وقت من الأوقات بين المغرب والعشاء - مثلًا - نصلي فيه ركعتين لله - تعالى - جماعةً ، سمعتم بها الذكر شيء ؟ ما سمعتم ! يا تُرى ما موقف علماء المسلمين وطلاب العلم منهم فيما إذا إنسان خَطَرَ في باله هالبدعة ؟ ما الذي يجعل هذه البدعة بدعة ضلالة ؟ صلاة ركعتين لله - عز وجل - ، والأمر كما قال - عليه السلام - بحقِّ : ( الصلاة خير موضوع ؛ فَمَن شاء فليستقلَّ أو يستكثر ) ، بعدين قال - عليه الصلاة والسلام - : ( يد الله على الجماعة ) ؛ إذًا بدل ما يصلي كل واحد لوحده نصلي ركعتين لله - عز وجل - في وقت جائز مو وقت مكروه بين المغرب والعشاء ، نختار الوقت المناسب ، نصلي ركعتين لله جماعة ، هل منكم من منكر ؟ أما الذين يعرفون هدي الرسول وسنَّته يقولون : هذا منكر ؛ ليه منكر ؟ لأنُّو صلاة لله - عز وجل - ؟ لا ، لأنُّو أُحيطَ بهذه الصلاة ما لم يشرَعْه الله على لسان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .

هذا المثال وحده يكفيني الآن من إطالة الكلام على أيِّ مجلس ذكر وعلى أيِّ مجلس صلاة للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ لأنُّو مجلس صلاة لله جماعة الظاهر إذا ما كان أفضل من تلك المجالس فهو لا يقلُّ عنها في الفضيلة ؛ فما الذي مَنَعَ من هذا وشَرَعَ ذاك ؟ الجواب عند العلماء والفقهاء .

والسلام عليكم ورحمة الله .

مواضيع متعلقة