قصة ابن مسعود مع الَّذين كانوا يسبِّحون بالحصى ، وإنكاره عليهم ذلك . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
قصة ابن مسعود مع الَّذين كانوا يسبِّحون بالحصى ، وإنكاره عليهم ذلك .
A-
A=
A+
الشيخ : جاء في " سنن الدارمي " بالسند الصحيح أنَّ أبا موسى الأشعري جاء صباح يوم إلى دار عبد الله بن مسعود - وعليكم السلام - ؛ فوجد الناس ينتظرونه ، فقالَ لهم : أَخَرَجَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قالوا : لا . أبو عبد الرحمن كنية عبد الله بن مسعود - وعليكم السلام - فجلس ينتظره إلى أن خرج فقال : " يا أبا عبد الرحمن ، لقد رأيت آنفًا في المسجد شيئًا أنكرتُه والحمد لله لم أرَ إلا خيرًا " . انتبه الآن إلى قول أبي موسى : رأيت في المسجد شيئًا أنكرته ، أنكرته ومع ذلك لم أرَ إلا خيرًا كيف هذا ؟ قال : ماذا رأيت ؟ قال : إن عشت فستراه . قال : رأيت في المسجد أناسًا حِلَقًا حِلَقًا ، وفي وسط كلِّ حلقة منها رجل يقول لمن حوله : سبِّحوا كذا ، كبروا كذا ، احمدوا كذا . هذه هي الطرق ، قال ابن مسعود لأبي موسى : أفلا أنكرتَ عليهم ؟ قال : لا ، انتظار رأيك ، أو انتظار أمرك . قال : أفلا أنكرتَ عليهم وأمرتَهم أن يُعدُّوا سيِّئاتهم وضمنتَ لهم أن لا يضيعَ من حسناتهم شيء ... ثم رجع ابن مسعود إلى داره وخرج متقنِّعًا لا يُرى منه إلا عيناه ، حتى دخل المسجد ، ورأى الحلقات كما وصف له أبو موسى ، فقال لهم : ويحَكم ! ما هذا الذي تصنعون ؟ أنا عبد الله بن مسعود صحابي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن حصى نعدُّ بها التسبيح والتكبير والتحميد . قال : عدُّوا سيئاتكم ، وأنا الضَّامن لكم أن لا يضيعَ من حسناتكم شيء ، ويحَكم ! ما أسرع هلكتكم ! هذه ثِيَابُهُ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ تَبْلَ، وَهذه آنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ ، وَالَّذِي نَفْسِ محمد بِيَدِهِ ، فإِنَّكُمْ لَأهدى مِنْ أمة مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله سَلَّمَ - أوْ إنكم متمسكون بذَنَبِ ضَلَالَةٍ . قالوا : والله - يا أبا عبد الرحمن - ما أردنا إلا الخير ! قال : وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَا يُصِيبَهُ ، إِنَّ محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله سَلَّمَ - حَدَّثَنَا : ( إنَّ أقَوامًا يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حناجرهم ؛ يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) . قال الشاهد للقصة : ولقد رأينا أولئك الأفراد يقاتلوننا يوم النهروان أي : من أصحاب الحلقات ، يعني الدراويش الذين يذكرون ذكرًا مبتدعًا خرجوا على عليِّ بن أبي طالب ، صاروا من الخوارج ، فقاتلهم علي واستأصل شأفتهم ، ولم ينجُ منهم إلا أفراد قليلين ، ولذلك البدعة الصغيرة تؤدِّي إلى البدعة الكبيرة ، فهذه الطرق كلُّها مخالفة لشريعة الله ؛ لأنَّ الطريق الموصل إلى الله إنما هو الطريق الواحد كما قال - عز وجل - : (( وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ )) .

وللحديث بقية نكتفي الآن بهذه ... والسلام عليكم .
  • فتاوى رابغ - شريط : 3
  • توقيت الفهرسة : 00:10:11
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة