هل يصح أن عمر بن الخطاب صلَّى التراويح ثلاث وعشرين ركعة ؟ وهل يصح استدلال الصوفية على تمايلهم عند الذكر بأن الصحابة كانوا يتمايلون عند الذكر ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يصح أن عمر بن الخطاب صلَّى التراويح ثلاث وعشرين ركعة ؟ وهل يصح استدلال الصوفية على تمايلهم عند الذكر بأن الصحابة كانوا يتمايلون عند الذكر ؟
A-
A=
A+
الشيخ : هنا سؤال : هل عمر بن الخطاب صلى صلاة التراويح عشرين ركعة ؟ وهل صحيح أن الدعاء السالف ذكر ... بأن الصحابة كانوا حين الذكر يتمايلون كتمايل الأغصان ؟

إذًا السؤال يحتوي شطرين :

الأول : أن عمر صلى بالناس صلاة التراويح عشرين ركعة ، نحن لنا رسالة في هذا الموضوع فنجيب باختصار :

الذي ثبت في أصحِّ كتاب من كتب الأئمة - انتبهوا إلى ما أقول ، مش أصح كتاب بعد كتاب الله ؛ أصح كتاب بعد كتاب الله هو البخاري ومسلم ، لكن أصح كتاب من كتب الأئمة نسبةً إليه هو " موطأ الإمام مالك " - يروي فيه بالسند الصحيح عن السائب بن يزيد : " أن عمر بن الخطاب أمَرَ أبيَّ بن كعب أن يصلي بالناس قيام رمضان إحدى عشرة ركعة " ، هذا أصح كتاب لإمام من الأئمة الأربعة يقول - يروي بالسند الصحيح - عن عمر : أنه أَمَرَ أُبيَّ بن كعب أن يصلي بالناس إحدى عشرة ركعة " ، وهذا هو المطابق لحديث السيدة عائشة ، ولا أريد - أيضًا - أن أقول : وفيه هذا وإن كان بعض المخالفين قد خاض في هذا الموضوع بجهل عجيب وعجيب جدًّا لا أسمح لنفسي أن أخوض في مثل هذا الاجتماع في مناقشتي لما فيه إضاعة الوقت علينا وعليكم ، فأكتفي بهذا ... في الجواب عن الشِّقِّ الأول من السؤال .

أما أصحاب الذكر والحضرات واحتجاجهم بأن الصحابة كانوا يتمايلون في الذكر كتمايل الأغصان ؛ هذه - في الواقع - شنشنة نعرفها من أخزم !! أين هذه الرواية ؟ هل هي في " صحيح البخاري " ؟ هل هي في " صحيح مسلم " ؟ هل هي في السنن الأربعة ؟ الكتب الستة ؟ هل هي في شيء من الكتب الست مئة وستين ؟ أبدًا ، لا ذكر لهذا الحديث أو لهذا الأثر - مع الأصح - إلا في كتاب واحد ، وإذا سمعتم اسمه عرفتم قيمته من حيث الرواية ، هذا الكتاب هو كتاب " حلية الأولياء " لأبي نعيم الأصفهاني الممتلئ بالأحاديث الضعيفة والموضوعة ، ولا يستطيع أن يُميِّز الحديث الثابت في هذا الكتاب من غيره إلا العلماء المتمكِّنين في علم الحديث اصطلاحًا ورجالًا ومعرفةً لرواة الحديث ؛ لِبُعد المسافة بين مؤلف الكتاب وبين الرسول والسلف الصالح ، هذا الحديث يرويه أبو نعيم في الكتاب المذكور بإسناد فيه رجل مجهول لا تُعرف هويته ؛ هل هو مسلم ؟ اسمه مسلم ، لكن هل هو مسلم ؟ حقيقةً هذا مجهول !!

علماء الحديث عدُّوا من أنواع الجرح هو الجهالة ، فلان مجهول ، والجهالة عندهم اثنين : جهالة عينية وجهالة حالية ، الجهالة العينية بس بيعرفوا اسمه ، وين عاش ؟ طلب العلم ، قرأ الحديث ، على مَن درس ؟ أبدًا ، كل ذلك لا يُعرف عن هذا مجهول العين .

مجهول الحال خير حالًا منه وأحسن ، ومع ذلك يظل حديثه ضعيفًا ، رواية تمايل هؤلاء السلف في الذكر كتمايل الأغصان يرويه أبو نعيم بإسناد فيه رجل مجهول ؛ فليتَّقِ الله هؤلاء ، لكنهم - مع الأسف ! - لا يستطيعون ! ماذا يفعلون في هذه الرواية ؟ هم لا يستطيعون أن يعرفوا صحيحها من ضعيفها ، لكن الصحيح أنهم لا يستطيعون تقوى الله ؟! يستطيعون بكل سهولة ؛ لأن الله - عز وجل - يقول : (( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا )) ، فربُّنا لا يحاسبك إذا لم تروِ هذا الأثر ، لا يسألك ولا يقول لك يوم القيامة : لِمَ لَمْ تحدِّث جماعتك عن هذا الآثر ؟ لكنه سيسألك : لمَ حدَّثتهم به ورويتَه لهم كأنه ثابت ، وأوهمتهم أن هذا التمايل وهذا الرقص في الذكر هو من عمل السلف الصالح ، فضلَّيت بذلك جماهير من الناس ، والرواية غير ثابتة عن السلف الصالح ؟ ... عن ذلك ؛ بينما لو سكت ... لا أظن كما هو معلومٌ عند الجميع ؛ لذلك فالجواب باختصار : هذا أثر لا يصح .

الآن - أيضًا - نكتفي بالإجابة عن هذه الأسئلة ؛ لأن الوقت تأخر ، ونرجو من إخواننا أن لا يزيدوا علينا بأسئلتهم حتى نفرغ من إجابة عن هذه الأسئلة .

مواضيع متعلقة