حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال : جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : يا رسول الله ، أوصِني . قال : ( عَلَيكَ بالإِيَاسِ مِمَّا في أَيْدِي النَّاسِ ، وَإِيَّاكَ والطَّمَعَ ؛ فَإِنَّهُ الفَقرُ الحَاضِرُ ، وَصَلِّ صَلاَتَكَ وَأَنتَ مُوَدِّعٌ ، وَإِيَّاكَ وَمَا يُعتَذَرُ مِنهُ ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال : جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : يا رسول الله ، أوصِني . قال : ( عَلَيكَ بالإِيَاسِ مِمَّا في أَيْدِي النَّاسِ ، وَإِيَّاكَ والطَّمَعَ ؛ فَإِنَّهُ الفَقرُ الحَاضِرُ ، وَصَلِّ صَلاَتَكَ وَأَنتَ مُوَدِّعٌ ، وَإِيَّاكَ وَمَا يُعتَذَرُ مِنهُ ) .
A-
A=
A+
الشيخ : وعن سعد بن أبي وقَّاص - رضي الله عنه - قال : جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : يا رسول الله ، أوصِني . قال : ( عَلَيكَ بالإِيَاسِ مِمَّا في أَيْدِي النَّاسِ ، وَإِيَّاكَ والطَّمَعَ ؛ فَإِنَّهُ الفَقرُ الحَاضِرُ ، وَصَلِّ صَلاَتَكَ وَأَنتَ مُوَدِّعٌ ، وَإِيَّاكَ وَمَا يُعتَذَرُ مِنهُ ) . هذا الحديث فيه حِكَم عديدة ، يقول في تخريجه : رواه الحاكم والبيهقي في الزهد ، وقال الحاكم - واللفظ له - : صحيح الإسناد .

رجلٌ جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يستوصيه ، يطلب منه وصيَّة تبقى في ذهنه أبد حياته ، وفي بعض الروايات قال له : وأوجِزْ لي في الوصية ، هذا رجل عاقل حكيم ، فأوجَزَ له - عليه السلام - في الوصية ، وقال له : ( عليك بالإياس ممَّا في أيدي الناس ) ؛ يعني يجب على المسلم أن يكون تعلُّقه دائمًا بالله - تبارك وتعالى - ، وأن يكون راغبًا فيما عنده من خير ، وأن يقطع أمَلَه من الناس أن يُفيدوه أو أن يُغنوه ؛ فإن الله - عز وجل - هو وحدَه الغنيُّ الحميد ، هذا بطبيعة الحال لا يعني ألَّا يتَّخذ الإنسان الأسباب ، ولكن يعني شيئًا طالما غفلَ الناس اليوم لغلبة المادية الأوروبية الغازيَة للمسلمين في عقر دارهم ؛ وهو أنهم يهتمُّون بالأسباب أكثر من اهتمامهم بتوكُّلهم على ربِّ الأرباب - سبحانه وتعالى - ، فيظلُّ الإنسان اليوم - إلا مَن شاء الله وقليلٌ ما هم - يهتمُّ بالأسباب كأنه هو الكل في الكل ، لا يُخَطِّر في باله أبدًا أن هذه الأسباب قد لا تفيده شيئًا ، وبالأولى وأحرى أنه لا يخطِّر في باله أنه هو حينما يتَّخذ الأسباب يتَّخذها لأن الله - عز وجل - أمَرَ بها ، وليست لأنها سببًا فقط ، ويجب أن نفرِّقَ بين الأمرين .

هناك فرق واضح بين مَن يتَّخذ السبب الذي هو موصل إلى المسبَّب عادةً لأنه سبب ، وبين مَن يتَّخذ السبب سببًا ؛ لأن الله - عز وجل - أمَرَه بالأخذ بذلك السبب ، فرق كبير جدًّا ، الأمر الأول عادة الماديين الكفار أو أشباههم من الضالين والمنحرفين من المسلمين ، الأمر الآخر هو طبيعة المسلم يأخذ السبب إذا كان الله - عز وجل - أمَرَ به ، أو على الأقل أذِنَ له به ؛ ليس لأنه سبب فقط ، وما حصيلة هذا التفريق ؟ ذلك لأن الأسباب من حيث كونها أسبابًا لمسبَّبات تنقسم شرعًا إلى قسمين ؛ أسباب مشروعة وأسباب غير مشروعة ، فالمسلم حينما يجد هناك سببًا لرزق ما لكنه يعلم أن الله - عز وجل - نهى عنه ؛ فهو لا يتخذه سببًا ، ولو كان هو في واقع الأمر سببًا كونيًّا ولكنه ليس سببًا شرعيًّا .

هذا التفريق مع أنه أمر واضح من الناحية العلمية الشرعية ، ولكنه - مع الأسف الشديد - أمرٌ يكاد أن يكون ... .

مواضيع متعلقة