ما حكم التصفير والتصفيق استنادًا إلى الآية ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم التصفير والتصفيق استنادًا إلى الآية ؟
A-
A=
A+
السائل : الأخ يسأل هنا : ما حكم التصفير والتصفيق ؟ لأنه قال : ما معنى قوله - تعالى - المكاء والتصدية ؟

الشيخ : (( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً )) ، المكاء هو الصَّفير ، والتَّصدية التصفيق ، والآية تصرِّح أن عبادتهم عند البيت في المسجد الحرام كانت هكذا لهوًا ولعبًا كما قال - تعالى - : (( اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا )) ، فكانت عبادتهم الصَّفير والتصفيق ؛ لذلك نحن لا نرى للمسلمين أن يعتادوا هاتَين العادتَين القبيحتَين لسببين اثنين :

السبب الأول : أنها عادة الكفار من قبل كما صرَّحت الآية الكريمة بذلك ، بل هي عبادتهم ، فتصفير المسلم وتصفيقه فيه تشبُّه بأولئك المشركين في عبادتهم لله - عز وجل - ... .

السبب الثاني : أننا لا نزال نرى المشركين اليوم والكفار في كلِّ بلاد الدنيا يستعملون الصَّفير في لَهوِهم في تسليتهم ، ولا يزالون يستعملون التَّصفيق في إظهارهم لفرحهم وإعجابهم بالأمر ، أما شرعنا فقد أقامَ مقام ذلك كله التكبير أو التعجُّب بسبحان الله ونحو ذلك ، أما التصفيق في المجتمعات الإسلامية حينما يُلقي المحاضر كلمة فيُعجب بها الحَاضرون ، فيظهرون سرورهم بالتصفيق ؛ هذا تشبُّه واضح بالكفار الموجودين اليوم على وجه الأرض ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن تشبَّهَ بقومٍ فهو منهم ) ، بل قد قال ما هو أشدُّ في حضِّ المسلم عن الابتعاد عن فعل الكفار قال : ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورَهم ؛ فخالفوهم ) .

فهنا مسألتان بينهما فرق ينبغي أن نتنبَّه له ، هنا شيء اسمه التشبُّه بالكفار ؛ وهو أن يفعل المسلم فعلًا يفعله الكفار وهو ليس بحاجة إليه ، هذا هو التشبه ، أما ما أمَرَ به من المخالفة للكفار أن يفعل شيئًا لا يفعله الكفار ، وإنما هو يقصد مخالفة الكفار ؛ فهو يقول - عليه السلام - : ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم ) ؛ يعني أحدهم يصبح شائبًا لحيته بيضاء كالقطن ولا يصبغ ، يقول الرسول - عليه السلام - : أنت أيها المسلم تقصَّد مخالفة المشرك ، اصبِغْ ، خالف المشرك ؛ فإذا كان الرسول - عليه السلام - وصل به الأمر إلى هذا الحدِّ من توجيه المسلمين إلى أن يُخالفوا الكفار حتى في أمر لا يملكه ، المسلم لا يملك نفسه ألَّا يشيب ؛ لأن هذا من سنة الله - عز وجل - الكونية في عباده من البشر أن أحدهم يشيب رغم أنفه ؛ أي : هو لا يفعل الشيب كما يفعل الكافر ؛ لأنُّو الكافر نفسه يشيب رغم أنفه ، وكذلك المسلم خضوعًا لسنة الله - عز وجل - الكونية ، سنة الله (( وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا )) ؛ فمع أن هذا الشَّيب لا يملكه المسلم يقول الرسول - عليه السلام - للمسلم خالِفِ الكافر بأن تصبغ لحيتك ؛ فكيف يفعل هذا المسلم المأمور بهذا الأمر أن يحلق - مثلًا - لحيته ؛ لأن الكافر بيحلق لحيته ، والله قد ربَّى له لحية وخلق له هذه اللحية مميِّزا له على المرأة ؟! شتَّان بين الأمرين !! إذا كان الرسول - عليه السلام - ينهاك أن تدَعَ لحيتك دائمًا بيضاء كالثُّغامة كالقطن ، ويأمرك أن تصبغ ولو أحيانًا مخالفةً للمشرك ؛ فكيف لا ينهاك أن تتشبَّهَ بالكافر حينما يحلق هو لحيته فتحلق أنت - أيضًا - لحيتك ؟ لذلك قال : ( حفُّوا الشارب ، وأعفوا اللحى ، وخالفوا اليهود والنصارى ) .

نعم .

السائل : جزاك الله خير .

الشيخ : خلاص ؟

السائل : ... .

الشيخ : طيب ؛ وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة