ما صحة حديث وفد عبد القيس لما قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - كان فيهم غلام ظاهر الوضاءة ، فأجلَسَه خلف ظهره وقال : ( إنما كانت خطيئة داود النظر ) ، أن رجلًا كان يجلس إليه المُرْدان ، فنهى عمر - رضي الله عنه - عن مجالسته . ولقي عمر شابًّا فقطع شعره لِمَيْلِ بعض النساء إليه ، ما هي صحة هذه الأخبار ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما صحة حديث وفد عبد القيس لما قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - كان فيهم غلام ظاهر الوضاءة ، فأجلَسَه خلف ظهره وقال : ( إنما كانت خطيئة داود النظر ) ، أن رجلًا كان يجلس إليه المُرْدان ، فنهى عمر - رضي الله عنه - عن مجالسته . ولقي عمر شابًّا فقطع شعره لِمَيْلِ بعض النساء إليه ، ما هي صحة هذه الأخبار ؟
A-
A=
A+
عيد عباسي : ما يتعلَّق بذلك قال : روى الشعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن وفد عبد القيس لما قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - كان فيهم غلام ظاهر الوضاءة ، فأجلَسَه خلف ظهره وقال : ( إنما كانت خطيئة داود النظر ) ، عن " الفتاوى الكبرى " . ورُوِي أن رجلًا كان يجلس إليه المُرْدان ، فنهى عمر - رضي الله عنه - عن مجالسته . ولقي عمر شابًّا فقطع شعره لِمَيْلِ بعض النساء إليه ، ما هي صحة هذه الأخبار ؟

الشيخ : يهمُّنا من هذه الأخبار ما نُسِبَ إلى الرسول - عليه الصلاة والسلام - وهو الحديث الأول أو الخبر الأول : ( إنما كانت خطيئة داود من النظر ) ؛ فهذا الحديث موضوع لا أصل له ، وهو من حصة كتابي " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ، ويكفي مبدئيًّا أن يعلم طالب العلم عدم صحة هذا الحديث هو أنه وَقَفَ راويه أو مسندُه فيه على الشعبي ، والشعبي ليس صحابيًّا ، وإنما هو تابعي ، فإذا روى التابعي حديثًا إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وافترضنا أن السند إلى التابعي صحيح ؛ لا يكون الحديث إلا ضعيفًا ؛ ذلك لأن من شرط الحديث الصحيح عند علماء الحديث أن يكون متصل الإسناد ، وواضح جدًّا أن قول التابعي : قال رسول الله أنه ليس كذلك ، وإنما هو منقطع ، على أن في السند إلى الشعبي ضعف أو أكثر من ضعف بطبيعة الحال لا أستحضره الآن ، وإنما التفصيل حيث أشرنا إليه آنفًا .

ثم هذا الحديث مع ضعفه وبطلانه يُشير إلى تلك القصة الإسرائيلية التي نستعظم أن تُنسب إلى مسلم عادي فضلًا عن أن يُنسب إلى نبيٍّ كريم هو داود - عليه الصلاة والسلام - ، تلك القصة التي نقرؤها في كتاب " قصص الأنبياء " وغيره اللي تتلخص أنُّو داود - عليه السلام - كان له قصر جميل ، وكان هناك في بستانه بحيرة ، وإذا به يرى امرأة تغتسل هناك ، فرأت المرأة ظلَّ داود - عليه السلام - يطلُّ على البحيرة ، فغطَّت بدنها بشعرها ، فازدادت جمالًا على جمال ، فعَشِقَها داود - عليه السلام - ، فدفعَه عشقه إلى أن يسأل عن زوجها ؛ فقيل له : فلان القائد في جيشه ، فأرسل جيشًا لقتال الأعداء زعموا ، وأمَّرَ هذا الزوج زوج المرأة ويزعمون أن اسمها " أوريا " ، أمَّرَ على ذلك الجيش زوج تلك المرأة ، فذهب وجاهد ورجع منصورًا ، فلم يزل يرسله المرة بعد المرة حتى قُتِل ، وخلا له الجوُّ وتزوَّجها ، إلى آخر القصة مصنوعة طبعًا قصة خيالية ، لكن لا يخفاكم ما فيها من نسبة ما لا يليق بمثل هذا النبي الكريم .

فلو ربطنا بين هذه القصة وبين هذا الحديث لَوَجَدْنا أن المبطل واحد ؛ لذلك فلا يصح هذا الحديث ، أما الآثار التي ذكرها عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فهي آثار ، وذكرت لكم مرارًا وتكرارًا ليس هناك مجال لدراسة كل الآثار التي تُروى عن كل الصحابة على طريقة علماء الحديث ؛ لأننا نحن - وأعني بنحن يعني المشتغلين بعلم الحديث منذ القرون الأولى إلى اليوم - ما فَرَغْنا بعد من تصفية الأحاديث الصحيحة من الضعيفة أو الضعيفة من الصحيحة حتى نتوجَّه إلى تصفية الآثار المروية عن الصحابة - رضي الله عنهم - ، ولكن يمكن أن يُقال أنُّو هذه الآثار معانيها مقبولة ، ومعانيها تنسجم مع قاعدة مشروعة ، وهي قاعدة سد الذريعة ، فإذا افترضنا أن هناك شاب جميل وضيء الوجه ، وله شعر جمَّة يعني تواليه شاليش ، وبيسرِّحه وبيعتني في نفسه ، فبيفتتنوا فيه النساء ؛ ممكن أن يتخذ الحاكم بالشرع مش الحاكم بالهوى ؛ ممكن يتخذ معالجة لمشكلة قد تقع بسبب رؤية النساء لمثل هذا الشاب ، هذا ممكن ؛ لأنُّو باب سد الذريعة باب واسع جدًّا ، أما هل وقع هذا أو لم يقع ؟ فالله أعلم .

سائل آخر : أستاذ ، يمكن الجزم بنسبته إلى الصحابة ؟

الشيخ : ممكن إيش ؟

سائل آخر : الجزم بنسبة هذا الأمر .

الشيخ : لا ، لا يمكن الجزم .

بس نريد أن نصلي ، من يؤذِّن ؟

مواضيع متعلقة