الكلام على مسألة لعن المسلم المعيَّن ممَّن ارتكب أمرًا يستحقُّ اللعن عليه . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على مسألة لعن المسلم المعيَّن ممَّن ارتكب أمرًا يستحقُّ اللعن عليه .
A-
A=
A+
الشيخ : وقد اختلفوا أشدَّ من هذا الاختلاف في لعن مسلم معيَّن بشخصه فيما إذا ارتكب أمرًا يستحقُّ اللعن عليه ، فالجمهور منهم قالوا - أيضًا - : لا يجوز . لكن الواقع أننا نرى في السنة ما يشهد على جواز لعن الشخص الظَّالم بعينه تأديبًا له ، وردعًا له عن ظلمه ، وأظن أنه قد كان مرَّ بنا في كتاب إما في نفس الكتاب أو تعليقًا على بعض الأحاديث تلك القصة التي فيها أسلوب من أساليب الرسول - عليه الصلاة والسلام - اللَّطيفة في تربية الباغي الظالم ، وفيه أن بعض الصحابة استعملوا لفظة اللَّعن في ذلك الجائر الظالم ، وأن الرسول - عليه السلام - أقرَّهم على ذلك ، والواقع أنه كانت نتيجة هذا الأسلوب في سبِّ ولعن الظالم أن ارتدع عن ظلمه .

تلك القصة خلاصتها أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يشكو جاره ، فأمره - عليه السلام - بالصبر ، فصبر ، ثم عيلَ صبره ، فعاد شاكيًا له إلى الرسول - عليه السلام - ، وهكذا ، فلما علم - عليه الصلاة والسلام - بأن هذا الجار مظلوم ومضرور قال له - عليه السلام - : ( ألقِ متاع دارك ، واجعله على قارعة الطريق ) ، ففعل ، ولا شك أن هذا الإلقاء - يعني الواحد بيطالع عفش بيتو وبيجعلوا في الطريق - أمر يسترعي انتباه الناس ، ويلفت أنظارهم ، ويستدعيهم أن يتساءلوا : ما لك يا فلان ؟ فما يكون منه إلا أن يقول : فلان جاري ظلمني ، فما يكون منهم إلا أن يقولوا : قاتله الله ! لعنه الله ! فصارت بقى ع الماشي : قاتله الله لعنه الله ، والجار يسمع بأذنه ، فما كان منه إلا أن بادر إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تائبًا يرغب في أن يعودَ جاره المتاع إلى بيته فقد انتهى ... فمثل هذه الحادثة تدلُّنا على أن لعن الظَّالم بعينه تأديبًا له جائز ، لكن هذا يكون بهذا القصد ولهذا الغرض ، فلا يزال حديث هذا الباب مُحكمًا ، حكمه ساريًا في الشريعة ، لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعَّانًا ؛ يعني دائمًا لفظة اللعن ... من فمه ، ونحو ذلك طبعًا كل الألفاظ الكريهة البذيئة .

مواضيع متعلقة