ما حكم المصافحة بين الحين والآخر بعد الافتراق اليسير ثمَّ الالتقاء ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم المصافحة بين الحين والآخر بعد الافتراق اليسير ثمَّ الالتقاء ؟
A-
A=
A+
السائل : إحنا صلينا معك .

الشيخ : نعم .

السائل : صلينا المغرب .

الشيخ : مع الجماعة .

السائل : وبعد الصلاة .

الشيخ : طيب .

السائل : خرجنا إلى باب الدكان المقابل للمسجد ، فتحدثنا وأطلنا الحديث في شؤون الدنيا ، وبعد ذلك أنا كنت لابس قميص وبنطلون .

الشيخ : عافاك الله .

السائل : فخرجت من عندهم وذهبت إلى داري ، وغيَّرتهم من بنطلون وقميص إلى هذا الثوب اللي هو على قد حالي .

الشيخ : إي نعم .

السائل : إجا الشيخ تيسير جاء يقول : بدي أحكي تليفون ، الجماعة الضيوف اللي عندي والله تأخَّروا بدي أتصل بالتليفون بتاعتك ، ما مسك التليفون إلا والأخ جاي ، فأنا لم أشتاق لهم بعد .

الشيخ : لم إيش ؟

السائل : لم أشتق للجماعة اللي كانوا قاعدين معي حتى إني أصافحهم وأسلم عليهم .

الشيخ : أنا بأقول على لسانهم : سامحك الله ! [ الجميع يضحك ! ] .

السائل : … جميعًا ... .

الشيخ : وأنا بأؤمِّن بأقول : آمين .

السائل : الآن يعني في بعض الأمور إذا كثرت بتقل قيمتها ؛ بمعنى زي ما بيقولوا في الأمثال الشوام : " زر غبًّا تزداد حبًّا " .

الشيخ : هذا مش مثل ، هذا حديث نبوي شريف .

السائل : إذًا هذا الحديث النبوي الشريف ، وأنا آسف لأني مش عارف أنُّو حديث نبوي شريف .

الشيخ : معليش .

السائل : يعني ينطبق على حالتي أنا وأقربائي هؤلاء .

الشيخ : لا ، ما بينطق ، بس أنا ما أقطع كلامك لتقول : أنا انتهيت .

السائل : خلاص ، أنا أوضِّح .

الشيخ : خلاص ؟

السائل : تفضل .

الشيخ : طيب ؛ أنا ظننت أنك راح تقدِّم عذر لعدم مصافحتك لإخوانك هدول ، وإذا كان عذرًا عليك مش لك .

السائل : سامحك الله !

الشيخ : اللهم آمين . قل : آمين .

السائل : وكتب لي الأجر على تحمُّل هذه الكلمة .

الشيخ : [ الشيخ يضحك ! ] بس بدك تسألني ليش ؟

السائل : ولن أسألك ، أنا أطلب من الله أنُّو يقتص منك [ الجميع يضحك ! ] .

الشيخ : طيب .

السائل : حتى يثبت الأجر .

الشيخ : معليش ، إذا ما سألتني وحكيت أنا من عندي تسمع مني ؟

السائل : نعم ، أنا أسمع .

الشيخ : طيب .

السائل : وأحتسب ذلك لله .

الشيخ : لكن أنا بأقول لك : لو سألتني كان أحسن لك ؛ لأنك أنت عم تحتسب عند الله شيء لا تعرفه ، أنت تدري ماذا سأقول ؟

السائل : لا ، لكنه هجوم عليَّ .

الشيخ : لكن شو ؟ إذا واحد بينصحك وبيذكرك بيكون عم يهجم عليك ؟ سامحك الله مرَّة أخرى ، قل : آمين .

السائل : آمين .

الشيخ : أبو إيش بيقولوا لك أنت ؟

السائل : أبو عبد الله .

الشيخ : أهلًا وسهلًا .

سائل آخر : أبو عبد الله أخونا الدكتور عطية سرحان .

الشيخ : أبو عبد الله أهلًا وسهلًا .

السائل : أهلا بك يا شيخ .

الشيخ : أنا راح أقول لك فعلًا أنُّو الكلام اللي حكيته حجَّة عليك مو لك ؛ لأني أنا تصوَّرت أنُّو كنت مع جماعة في المسجد وخرجتم مع بعض ، تأخرت أنت عنهم ، فكنت حديث عهد بإيش ؟ بمصافحتهم ، هيك أنا تصورت لما قلت لي : هلق كنا مع بعض .

السائل : نعم .

الشيخ : وإذا بك بتعمل لي محاضرة ، أنُّو رحت على البيت وغيَّرت البنطلون ... .

السائل : في دقيقة واحدة يا شيخ [ الجميع يضحك ! ] .

الشيخ : يا سيدي ، هلق ما منحاسبك ، ما منحاسبك في دقيقة ولَّا خمسة ولَّا نصف ، المهم أنُّو خلاف ما تصوَّرت أنا ، خرجت من المسجد شيء تقدَّم وشيء تأخَّر ، وإذا بك أنت رحت الدار وغيَّرت هدومك وثيابك و وإلى آخره ، معناها طالت المسافة ، شايف ؟ طالت المسافة أكثر من اللي أنا إيش ؟ كنت تصورته ، الآن بأقول لك : بعد ما رويت لك الحديث عن الرسول - عليه السلام - : " ما لَقِيَنا إلا وصافَحَنا " ، شو معنى هذا الحديث ؟

السائل : معنى هذا الحديث أنَّ أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتفرَّقون عنه للعمل ، فكانوا يصلون صلاة الفجر ، ثم ينطلقون إلى أعمالهم ، فإذا ما جاء وقت صلاة الظهر التقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصافحهم ، ومن منَّا مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سموِّ أخلاقه وعاداته ؟

الشيخ : هَيْ طرَّفتها بالأخير [ الجميع يضحك ! ] ، الكلام الأول ماشي ، بس يرد عليك سؤال ، من وين جبت أنت أنُّو كانوا يصلوا وما يلتقي معهم إلا في الظهر ، ويصلوا الظهر وما يلتقي معهم إلا بالعصر ، من وين جبته هذا الكلام ؟

السائل : في عندك ما يناقضه ؟

الشيخ : طبعًا .

السائل : هات ؟

الشيخ : نفس الحديث : " ما لَقِيَنا " ؛ شو معنى : " ما لَقِيَنا " ؟

السائل : ما افترقنا والتقينا .

الشيخ : معناها كلَّما لَقِيَنا ، ما فيش حاجة افترقنا ؛ لأن اللقاء يسبقه افتراق .

السائل : نعم نعم .

الشيخ : آ ، لكن هذا افتراق من أين حدَّدته أنت بأربع ساعات خمس ساعات ؟

السائل : وربما ثلاثة أيام .

الشيخ : أو ساعتين ، وربما دقائق .

السائل : ... كمان ضعيف .

الشيخ : ليه ؟

السائل : لأنُّو ما ؛ يعني الفرقة لم تحدث .

الشيخ : ليه ؟

السائل : حتى يحدث ، معنى اللقاء .

الشيخ : يا حبيبي ، ليه ؟ عم أسألك أنا ، ما فيه داعي لتكرار الكلام المفهوم بس ، لحاجة أن نفهم الشيء المجهول ، ليه ؟ هلق أنت ما كنت ملتقي مع الجماعة ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ؛ هَيْ افترقتم ، صح أنكم افترقتم ولَّا لأ ؟

السائل : افترقنا ، بس لا يُعتبر فُرقة بمعنى الفرقة .

الشيخ : اسمح لي يا حبيبي ، كلمة وغطاها ، افترقت عنهم ولَّا لا ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ؛ هاللي صار بينك وبين أصحابك ما بصير بين الرسول وأصحابه ؟

السائل : جائز جدًّا . صلى الله عليه وسلم .

الشيخ : صح ؟

سائل آخر : نعم نعم .

الشيخ : خليك تحفظ هذه الكلمة ، فإذا الرسول - عليه السلام - افترق عن أصحابه كما افترقت أنت وأصحابك ولا تشبيه كما يُقال ، ثم لَقِيَهم ما بيصدق الحديث : " ما لَقِيَنا إلا وصافَحَنا " ؟

السائل : هذا صحيح ، لكن في هناك يعني .

الشيخ : إذًا ، لا ، اسمح لي لأكمِّل كلامي .

السائل : تفضل .

الشيخ : لأنُّو واحد بيسأل سؤال مشان يتلقى الجواب ويبني على هذا الجواب حقيقة مختلفين فيها .

السائل : نعم .

الشيخ : فما دام صح ونعم ما قلت صح ، فنبني عليها ، إذًا لا تحدِّد مسافة الفراق ؛ لأنُّو راح تقع أنت في مشكلة الآن لا قِبَلَ لك بردِّها ، وهي ما هي المسافة التي أنت بتقدِّرها من الافتراق حتى إذا التقيت مع بعض أصحابك تقول : جاز المصافحة ، حَسُنَت المصافحة ، لا ، ما حسنت لأنُّو المدة إيش ؟ قليلة ، ما هي هذه المسافة ؟ تقدر تجيب مسافة من عقلك ؟

السائل : برضو أنت لا تستطيع أنك تحدد حد أدنى لها وحد أعلى .

الشيخ : أنا ما حددت يا أخي .

السائل : بتظل مفتوحة ، يعني الفراق بمعنى .

الشيخ : نحن هَيْ لكلمة المفتوحة اللي بدنا إياها .

السائل : من الصعب ، من الصعب أن نحددها .

الشيخ : يا حبيبي ، أنت اللي عم تحددها .

السائل : أنا الآن حدث معي حادث بسيط أنُّو إحنا ابتعدنا عن بعضنا دقائق ، بلاش نسمِّيه فراق ؛ لأنُّو الفراق معناه أيام .

الشيخ : هَيْ عم تحدد ، هَيْ عم تحدد ، من ناحية بتقول من الصعب التحديد ، ومن ناحية ما أسهل التحديد عندك !!

السائل : لا لا لا ، أنا بأقول أنُّو .

الشيخ : إذًا اتفقنا على كلمة سواء أنُّو ما نحدد ؟

السائل : اتفقنا ، بس فيه سؤال أهم من هذا .

الشيخ : معلش ، ننتهي ، ما نخسر البحث كله ، اتَّفقنا على كلمة سواء أنُّو لا يمكن التحديد ، صح ؟ -- شكرًا -- صح ؟

السائل : صح .

الشيخ : لا يمكن التحديد ، إذًا إذا كان لا يمكن التحديد فخُذ الحديث : " ما لَقِيَنا إلا وصافَحَنا " ، أي : كلما افترقت عن صاحبٍ لك ، أو عن أصحاب لك ثم لَقِيتَهم كما تسلِّم عليهم ، ماذا تفعل ؟ تصافحهم ، كما تسلِّم عليهم تصافحهم ، ما فيش داعي أبدًا أنك تحدد إيش ؟ مسافة ؛ لأنُّو اتفقنا أنُّو لا يمكن تحديد هذه المسافة .

وأخيرًا : حَ يجينا حديث عظيم جدًّا ؛ وهو قوله - عليه السلام - - وهذا بيت القصيد من الحديث اللي طال شوية أكثر من اللازم - .

السائل : لا ، خذ راحتك يا شيخ .

الشيخ : وهو قوله - عليه السلام - : ( ما من مسلمَين يلتقيان فيتصافحان إلا تحاتَّت عنهما ذنوبهما كما يتحاتُّ الورق عن الشجر في الخريف ) ، هذه الفضيلة كما يُقال تُشد إليها الرحال ، فإذا كان ربُّنا - عز وجل - على لسان نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - يسَّر لنا سبيل تحصيل المغفرة بمجرَّد أنك تلقى أخاك وتقول له : السلام عليكم وتصافحه تحاتَّت الذنوب كما يتحاتُّ الورق في الخريف كما هو معلوم ، يعني بينشف الورق ويتساقط على الأرض .

فإذًا هذه فضيلة ما ينبغي - بارك الله فيك - - يا أبا عبد الله - أنُّو نضيِّعها ونخسرها لتحديد مدَّة اللقاء ، وقد اتفقنا أنُّو لا يمكن أن نحدِّد ، هذا ما عندي ، ونرجو الله - عز وجل - أنُّو يلهمنا الصواب فيما نقول وفيما نفعل .

السائل : آمين .

مواضيع متعلقة