ما حكم القيام للضَّيف أو المدرس أو الأم والأب ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم القيام للضَّيف أو المدرس أو الأم والأب ؟
A-
A=
A+
الشيخ : السؤال السادس : القيام للضَّيف للمدرِّس لأمٍّ لأبٍ ؟

يجب بمناسبة هذا السؤال نلاحظ أن هناك قيام لفلان وقيام إلى فلان ، وكثيرًا ما يلتبس أحدهما بالآخر ، فيجب أن لا تُلبَّس الأمور علينا وأن تكون ظاهرة بيِّنة لدينا ، القيام إلى فلان أمر جائز ، أما القيام لفلان فأمر غير جائز ، القيام إلى فلان معناه القيام والذهاب إليه ، أما القيام لفلان فمعناه القيام وأنت مكانك راوح ، بتقوم وتقعد ، هذا القيام له ؛ أي : لإكرامه وتعظيمه ؛ هذا لا أصل في الشريعة ، بل هذا من عادات الأعاجم التي تأثَّر بها المسلمون منذ قرون طويلة ، ثم لم يزالوا حتى اليوم كل ما مضى زمن كلما تأصَّلت هذه العادة حتى عند بعض أهل العلم ؛ بحيث أنه إذا تهاون بها بعض الأتباع أو الأصحاب أو المسلمين مع شيوخهم نُظِرَ إليه نظرة إنكار وكأنه ترك أمرًا ممَّا أمره الله به أو رسوله ، هذا القيام للغير ليس له أصل في الشريعة إطلاقًا ، أما القيام إلى هذا الغير فهذا طبعًا جائز بل هو مستحب ، ويختلف الحكم حسب الإنسان ، ربَّ إنسان وأنت جالس في حانوتك يقف أمام الحانوت فتلمح فيه كأنه يريد أن يشتري شيئًا فتقوم إليه ، وبتقول له : تفضل ، وأهلًا وسهلًا وإلى آخره ، فهذا قيام إليه لا يدخل في باب الاستحباب وإنما في باب الجواز . ربَّ إنسان آخر تراه قريبًا من محلِّك أو بعيدًا وتعرفه ، تعرف منه الفضل والنبل و و إلى آخره ، فتقوم إليه وترحِّب به وتدخله وتجلسه في صدر المكان ؛ هذا قيام مشروع ومستحب ، وهكذا .

فهنا السؤال القيام للمدرِّس هذه عادة أجنبية أوَّلًا ، فارسية قديمة ، ثم هي أوروبية غربية ، وصارت مع الأسف - أيضًا - شرقية ليست إسلامية ، القيام للمدرِّس ، وحتى أَخَذَ هذه العادة بعض شعراء المسلمين المصريين فقال :

" قُمْ للمعلِّم وإيش ؟ وفِّه التبجيلَا *** كاد المعلِّم أن يكون رسولَا "

هذا شاعر وما يعرف الأحكام الشرعية ، هو يجد العلماء الذين ربما كان هو درس في أول طلبه للعلم شيء من العلم والفقه فشافهم يقوم بعضهم لبعض ، ويقوم الطلاب للمشايخ ، فهو تأثَّر بهذه الحياة التي عاشها ، فتوهَّم أنُّو هذا القيام أمر مشروع ، فقال :

" قُمْ للمعلِّم وفِّه التبجيلَا "

هذا خلاف ما جاء عن الرسول - عليه السلام - بنصوص عامة وخاصَّة ، النصوص العامة النهي عن التشبُّه بالكفار ، والنصوص الخاصَّة نهي الرسول - عليه السلام - أن يحبَّ أحد القيام أن يقوم الناس له ، فقال - عليه السلام - : ( من أحبَّ أن يتمثَّل له الناس قيامًا فليتبوَّأ مقعده من النار ) . هذا القيام للمدرِّس كالقيام للشَّيخ ، كل هذا غير مشروع ، أما القيام للأم والأب فيمكن هذا أن يدخل في باب القيام إليهما ، وهذا فيه حديث صحيح وصريح من حديث السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت : ما رأيت أشبه هديًا ودلًّا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ابنته فاطمة - رضي الله عنها - ؛ فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل عليها قامت إليه . قامت إليه انتبهوا ، ما قالت عائشة : قامت له ، قالت : كان الرسول - عليه السلام - إذا دخل على ابنته فاطمة قامت إليه وقبَّلته ، وأجلستها في مجلسها " .

سائل آخر : وأجلسته .

الشيخ : نعم ؟

السائل : أجلسته ولَّا أجلستها .

الشيخ : كان الرسول - عليه السلام - إذا دخل على فاطمة قامت إليه وأجلسته في مجلسها ، وبالعكس ؛ كانت هي إذا دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبيها قام هو إليها وقبَّلها وأجلسها في مجلسه " . هذا القيام إلى الأب والقيام إلى الابنة ، فهذا سنَّة .

السائل : التقبيل ، من فين أستاذي يقبِّلها ؟

الشيخ : ما أدري منين ما كان بيقبل الوالد ولده فهو تقبيل ، وما يقبِّل قدمه ولا ولا يده ، راح يقبِّل وجنته أو جبهته أو نحو ذلك ، ولم يأتِ في الحديث بيان موضع التقبيل ، وهذه أمور عادية ولا يتعرَّض الشارع لبيانها وتفصيل القول فيها .

الخلاصة : فهذا القيام للأم أو الأب هو قيام إليهما إذا كان كذلك فأمر مرغوب مشروع ، أما هذا القيام الآلي فلا فرقَ في عدم مشروعيته للشَّيخ المدرِّس أو للأم أو للأب أو لغير ذلك من أشخاص معروف طبقاتهم عندكم .

مواضيع متعلقة