كلمة من الشيخ في بيان أدب التقارب والانضمام في المجالس العلمية وعدم التفرق فيها . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كلمة من الشيخ في بيان أدب التقارب والانضمام في المجالس العلمية وعدم التفرق فيها .
A-
A=
A+
الشيخ : فأقول مفتتحًا بخطبة الحاجة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمها أصحابه :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ؛ أما بعد :

فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

إن كثيرًا من المجالس العلمية التي تقام في مثل هذا المكان الواسع الرحب يبقى الناس جالسين بعيدين بعضهم عن بعض ، وعلى الرغم من أن هذه الصورة من الجلوس ، كما ستسمعون خلاف النصوص الشرعية فهي فيما يبدو لي توحي شيئًا مما لا يتناسب مع الأدب الإسلامي الذي يحض على التواضع ، وبخاصة من ابتلي بأن يتصدر المجالس ، فحينما يجلس هذا المبتلى بتصدر المجلس ويجلس الناس الآخرون الحاضرون بعيدين عنه ، فكأن هذه الجلسة توحي شيئًا من الجلالة والعظمة التي لا تليق بأي مجتمعٍ إسلامي أو جلسة إسلامية .

لاشك أن هذه كلمة هي من باب تعليل ما ستسمعونه من توجيهٍ كريم من أحاديث صحيحة جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم .

فهناك مثلاً حديث في صحيح مسلم ينهى الجالسين في المسجد أن يتفرقوا إلى حلقات حلقات ، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد ذات يومٍ فرأى هكذا متفرقين إلى حلقات ، فقال لهم : ( ما لي أراكم عزين ؟! ) أي : متفرقين .

ولا شك أن جلستنا هذه ومثيلاتها كثر والحمد لله ، وإن كان الأمر يتعلق في كثير من الأحيان بالصحة والقوة والنشاط ، فهذه الجلسات هي دائمًا تكون فيما نسعى إليه وفيما نرجو أن تكون خالصةً لله وفي سبيل الله ، فحينئذٍ ينبغي أن نضفي على مثل هذه الجلسة كتلك الجلسة التي تقام في بيوت الله تبارك وتعالى ، ولعل الحديث الصحيح الوارد في صحيح مسلم أيضًا الذي ينص بقوله عليه السلام : ( ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله ) ولم يقل في مسجد من المساجد لعل التعبير في هذا الحديث : ( في بيت من بيوت الله ) أشمل مما لو قال عليه الصلاة والسلام في مسجد من المساجد ، فحينئذٍ نرجو أن يكون بيتنا هذا أو بيتكم هذا مما يشمله هذا الحديث الصحيح : ( ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ، ونزلت عليهم السكينة ، وذكرهم الله فيمن عنده ) .

مواضيع متعلقة