ما حكم التعارف الذي يجري عند كل حلقة أو مجلس . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم التعارف الذي يجري عند كل حلقة أو مجلس .
A-
A=
A+
السائل : يسأل أحد الإخوة فيقول : هل التعارف الذي يجري في بداية كل حلقة عند بعض الناس من السنة ؟

الشيخ : قال تعالى : (( وما أنا من المتكلفين )) فهذا الذي جرى عليه عرف بعض المتأخرين إنما هو من المحدثات في الدين لا أصل له في الشرع مطلقا إنما هو تقليد غربي وهو أمر لائق بهم وليس لائقا بنا لفرق بين الحياتين الاجتماعيتين حياة المسلمين وحياة الكافرين ؛ فإن المسلمين لهم لقاءات كثيرة تتعدد في كل يوم خمس مرات في بيوت الله والمساجد ، ثم تتسع دائرة هذا اللقاء في الجوامع من المساجد التي يشرع فيها الخطبة ؛ وحين أقول التي يشرع فيها الخطبة إنما أعني وأشير إلى أنه ليس من السنة أن تقام صلاة الجمعة في كل مسجد تصلى فيه الصلوات الخمس إنما يتجمع أفراد هذه المساجد في المسجد الجامع الذي يتسع لأكبر كمية ممكنة من المسلمين ، ثم يتسع دائرة هذا اللقاء في السنة مرتين في العيد الأضحى وفي عيد الفطر ، ثم تتسع إلى ما لا نهاية ولا شيء بعده أن يلتقي المسلمون من كل بلاد الدنيا على صعيد واحد في عرفات في الجمع الأكبر ؛ كل هذه التجمعات التي شرعت في دين الإسلام لحكم بالغة لا يعرف لها أثرا أولئك الكفار ، ذلك لأنهم حرموا من نعمة الإسلام ، ولذلك فهم دائما وأبدا يبتدعون اجتماعات واصطلاحات وتعريفات لأنهم يشعرون بالنقص الذي يعيشونه ويحيونه دائما وأبدا ؛ فيأتي بعض المسلمين الذين أولا لا يهتمون بخطورة الإحداث في الدين وذلك ناتج من جهلهم بعظمة هذا الدين وإغناؤه للمسلمين عن كل هذه المحدثات التي يتلقاها بعض المسلمين من هؤلاء الجاهلين بالشرع فيظنون أنهم بذلك يحسنون صنعا ولو أنهم عرفوا هذه التشريعات وجمعوها في أذهانهم وتصوروا عظمة فوائدها في مجتمعاتهم لأغناهم ذلك عن كل ما قد يستحسنه أحدهم مما يبتدعه أولئك الفقهاء في التشريع ؛ فليس لمثل هذا التعارف في الإسلام أثر مطلقا ، نعم هناك تعارف خاص ومصغر جدا وعملي بينما التعارف الذي يجري ونتحدث عنه آنفا بأنه غير مشروع في كثير من الأحيان إن كان ممكنا ففيه التكلف ظاهر جدا وفي أحيان أخرى كمثل هذا المجتمع المبارك الآن يكاد أن يكون التعارف فيه أمرا مستحيلا ؛ فهناك تعارف خاص كما قلت آنفا وهو أن المسلم إذا أحب رجلا مسلما فيسن في حقه أن يخبره بأنه يحبه لله تبارك وتعالى ؛ وبالمقابل يستحب لهذا المحبوب في الله أن يخاطب حبيبه بقوله: " أحبك الله الذي أحببتني له " وهناك روايات معروفة في كتب السنة لا يحضرني الآن مرتبة ثبوتها ولكنها تنص على أنه ينبغي لكل من هذين المتحابين في الله أن يتعارفا باسميهما أيضا فإن ذلك مما يساعد أحدهما على الآخر أن يهتم بشؤون بعضهما البعض ، هذا النوع من التعارف هو الذي ثبت في السنة ؛ أما أن يتعارفوا في حلقة أنا الفقير إلى الله أو نحو ذلك من العبارات أو فلان ابن فلان وهات بقى أن يكون كل واحد من هؤلاء الجالسين يكون عنده حافظة ابن عباس فيلتقط هذه الأسماء كما يلتقط المغناطيس الحديد ، ومن هنا يظهر أن هذا الأمر بالإضافة إلى ما ذكرنا آنفا أنه ليس له أصل في الدين ، ففيه تكلف ظاهر مبين ، نعم .

السائل : تعليق ... الشيخ على هذا السؤال بارك الله فيك !

الشيخ : تفضل .

السائل : ... ربما يكون هناك أخلاط من الناس جمعتهم جلسة واحدة هكذا وأحب كما قلت بعضهم أن يسأل عن بعض الزملاء لديه فسأله أو عرف بنفسه

الشيخ : نعم

السائل : وما أرى في ذلك بأس إذا أخذنا بعموم الآيات : (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا )) إلى آخر الآية

الشيخ : نعم

السائل : فلو كان هناك جلسة خاصة فقط للتعارف كما عليه الكفار يعقدون ندوات أو يعقدون حفلات معينة فقط للتعارف ليس إلا ، ربما يصدق عليه ما تفضلت

الشيخ : وربما أيضا ؟

السائل : نعم ، بل هو الأكيد إن شاء الله .

الشيخ : طيب - يضحك الشيخ رحمه الله- .

السائل : أما في جلسة هكذا ربما يكون لي قريب هنا بين هؤلاء الناس ولكن مجرد ما عرفت عن نفسي قد يكون هذا القريب يعني كان أولى به أن يسأل عني أو أن يتحدث معي حول أهلي أو كذا وكذا

الشيخ : نعم

السائل : أما إذا أحببته كيف يكون الحب من جلسة واحدة من غير حديث ما سبق أو من غير سلوكيات أنا مارستها أمامه حتى يحبني مثلا أو حتى يرتح لبي ؟

الشيخ : أظن أنك هدمت ما بنيت في آخر كلمة ، معليش لا بأس وجزاك الله خيرا وذلك لأنك فتحت أمامي بحثا مهما ونحن افتتحنا هذا الجمع المبارك إن شاء الله بخطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقدمها بين يدي كل جملة وكلمة وفيها " كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " إن مما يتعلق بهذه الكلية تفصيل ما كنت أرى من المناسب أن ندخل فيه حتى نفسح المجال لتوجيه الأسئلة الأخرى وللإجابة عليها ، ولكن لابد من كلمة ولو موجزة بناء على ما سمعت من الكلام المفيد إن شاء الله ، فأقول أولا إن كان هناك نص عام كما أشرت إليه أنت في القرآن : (( ... لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) وكان هذا النص يفيد أن المقصود بالتعارف فيه إنما هو ما اسمك ؟ ما اسم أبيك ؟ وما مهنتك ؟ وما كذا ؟ واين تسكن ؟ إلى آخره ؛ حينئذ نقول كما قلت نقول بقولك أنه يجوز مثل هذا التعارف ؛ ولكن نشترط فيه شرطا أساسيا في كل جزئية يمكن أن تدخل في نص عام ، ذلك الشرط هو عدم الالتزام ، عدم الالتزام خشية أن تصبح سنة مضطردة مستمرة. نعتقد جازمين أن القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم من حيث أنها طبقت عمليا أو لم يطبق تنقسم إلى قسمين ، القسم الأول ما كان من نصوص الكتاب والسنة مما ينبغي أن يتقرب به إلى الله تبارك وتعالى وأن يتعبد به تعبدا داخلا في حكم من الأحكام المعروفة من المندوب إلى الفرض ، لا شك أن مثل ذلك قد طبق في العهد الأول الأنور حيث أنزل الله عز وجل قوله تبارك وتعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم ... )) إلى آخر الآية ، وفهم منها السلف الصالح أنه لا يمكن الزيادة على ما كان عليه الأمر في عهد النبوة والرسالة مما يتعلق بهذا القسم الأول من أجل ذلك جاء عن الإمام مالك إمام دار الهجرة تلك الكلمة التي تستحق كما كان يقال قديما أن تكتب بماء الذهب لأهميتها وبالغ حكمتها ، يقول رحمه الله: " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة اقرأوا قول الله تبارك وتعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا ، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " هذا هو القسم الأول ، فلا أستطيع ولا غيري يستطيع سواء كان أعلى منا علما وفهما أو دوننا لا يستطيع أحد يفهم هذه الحقيقة الشرعية التي ذكرتها آنفا ، لا يستطيع أحد أن يتصور لأن السلف فاتتهم جزئية واحدة من هذه العبادات التي تشملها هذه الآية الكريمة وغيرها من نصوص شرعية معروفة ؛ أما القسم الثاني فهو الذي نتصور أنه خاضع للظروف وللملابسات فيجد المسلم هناك نصا عاما يساعده على العمل به ، فنقول إنه يجوز ، ومن هذا القبيل المثال الذي ذكرته ؛ لكن الحقيقة أن هذا المثال وقد استدللت له بالآية فالآية الحقيقة تحتاج إلى دراسة إلى ما قاله علماء التفسير في قوله تعالى : (( لتعارفوا )) أي: هل من هذا التعارف ذلك المثال الذي أنت مثلت به ؟ أما أنا شخصيا فأقول ليس الفقيه بحاجة إلى مثل هذا الاستدلال إذا كان النص القرآني بعد فهمه على ضوء علماء التفسير وما قالوه فيه لسنا بحاجة إلى أن ننزع إلى مثل هذا النص أو أن نستدل به ؛ لأن المبادئ العامة في الشريعة والتي منها اتخذت القاعدة المعروفة عند العلماء بالمصالح المرسلة تفسح لنا مجالا واسعا لتسليك مثل هذه الجزئية بالشرط السابق ذكره أن لا يتخذ ذلك سنة مستمرة ؛ هذا جوابي على ما قلت .

السائل : بارك الله فيك

الشيخ : وفيك بارك

السائل : لو ذهبت أنا لزيارة أحد الإخوة ووجدت عنده أخوان أو ثلاثة أو أكثر وطلبت أن نتعارف منهم هل أعتبر أنا مبتدعا ؟

الشيخ : سمعت الجواب .

مواضيع متعلقة