بيان الواجب على العباد اليوم وهو السَّعي في النجاة من عذاب الله ، وبيان أنه لا ينبغي الاغترار بقول : لا إله إلا الله . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان الواجب على العباد اليوم وهو السَّعي في النجاة من عذاب الله ، وبيان أنه لا ينبغي الاغترار بقول : لا إله إلا الله .
A-
A=
A+
الشيخ : ولكن ما هو الذي ينبغي على المسلم أن يسعى إليه سعيًا حثيثًا ، وأن يجتهد فيه اجتهادًا بالغًا ؛ أَهُوَ فقط لينجو من الخلود في النار مهما كان ذلك المكث في النار أم لينجو من دخول النار دخول عذابٍ وإنما دخول مرورٍ كما هو صفة الذين اتَّقوا كما ذكرنا في الآية السابقة ؟ لا شك أن الواجب علينا أن نسعى إذًا لكي ننجُوَ بأنفسنا من أن ندخل النار بحيث أنها تمسُّنا بشيء من عذابها ، يجب أن نسعى للنجاة من أن تمسَّنا النار بعذاب ؛ فكيف السبيل إلى ذلك ؟ سبيل ذلك كما تعلمون جميعًا تحقيق هذه الشهادة ، تحقيق العمل بمقتضاها كما أشار إلى ذلك - عليه السلام - بالحديث المتواتر : ( أُمِرْتُ أن أُقاتلَ الناس حتَّى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، فإذا قالوها فقد عصموا منِّي دماءهم وأموالهم إلا بحقِّها ، وحسابهم إلى الله ) .

في الحديث أمران هامَّان جدًّا :

أحدهما : أن هذه الشهادة تنجي صاحبها أو تنجي على الأقل قائلها من عذاب الدنيا ؛ أي : من القتل . ( أُمِرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ) . إلى آخر الحديث . فقد يقول هذه الكلمة الطيبة بعض الناس ليس عن قلب وإخلاص ، وإنما من أجل الانفكاك والخلاص مما قد يلحَقُهم من ضريبة - مثلًا - في لغة العصر الحاضر وهي الجزية في لغة الشرع الحكيم ، فلِلْخلاص من ذلك يقول قائلهم : لا إله إلا الله فتجري عليه الأحكام الإسلامية الظاهرة ، أشار - عليه السلام - إلى هذه الحقيقة بقوله : ( وحسابهم عند الله ) ؛ أي : من قالها بلسانه ولما يدخل الإيمان في قلبه فهذا نجَّى نفسه لما ذكرنا من الجزية ونحوها ، وعُومل معاملة المسلمين ، لكن حسابه عند الله يوم القيامة .

أما من كان يريد النجاة - أيضًا - في الآخرة وليس في الدنيا فحَسْب فعليه أن يقوم بحقِّها ، وحقُّها - كما تعلمون - القيام في أحكام الشريعة كلها ، وبخاصَّةٍ منها الأركان الخمسة .

والذي يهمني هنا هو لفتُ النظر إلى أحكام الشريعة كلها ؛ لأننا بالنظر إلى كوننا بشرًا فقد يُداخِلُنا نحن - أعني نحن السلفيين - قد يُداخِلُنا شيءٌ من العجب والغرور والتواكل على التوحيد الذي ينجو به المسلم كما ذكرنا آنفًا ؛ فنعمل ما شئنا من الأعمال التي لا تُرضي ربَّنا - عز وجل - متواكلين على قوله - عليه السلام - : ( من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة ) ، غير ذاكرين أن هذا الدخول له - أيضًا - تأويلان ، كما أن النجاة من النار له ذلك التأويل .

من قال : ( لا إله إلا الله دخل الجنة ) ؛ أي : دخل الجنة دون أن يرى النار إلا مرورًا كما ذكرنا ، فهذا يلتقي مع التأويل الأول في تحريم الله بدن مَن قال : لا إله إلا الله من النار .

والتأويل الثاني : ( دخل الجنة ) ؛ أي : بعد أن يدخل النار ويأخذ استحقاقه منها بسبب ما اجترحت يداه .

فإذًا لا ينبغي لنا أن نغترَّ لأننا عرفنا التوحيد وعرفنا العقيدة ، ثم نهمل القيام بحقِّ لا إله إلا الله ، وهو العمل بالإسلام الذي جاء به - عليه الصلاة والسلام - .

مواضيع متعلقة