تتمة الكلام حول تهمة السلفيين بعدم توقيرهم للأئمة الأربعة ، وبيان الشيخ أن وصف الراوي والإمام بما فيه ليس طعناً فيه وغير ممنوع شرعاً . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة الكلام حول تهمة السلفيين بعدم توقيرهم للأئمة الأربعة ، وبيان الشيخ أن وصف الراوي والإمام بما فيه ليس طعناً فيه وغير ممنوع شرعاً .
A-
A=
A+
الشيخ : أضرب بهذا مثلا من أئمتنا نحن أهل الحديث حتى يعلم الجميع أننا لا تعصب عندنا لأحد ولا على أحد فالإمام أبو حنيفة رحمة الله هو أول الأئمة الأربعة من حيث الطبقة وهو مشهور بفقهه رحمه الله ونحن بلا شك نستفيد من علمه في فقهه ولكننا لا نصفه مع الأئمة الستة نصفه مع الأئمة الأربعة في الفقه لكننا لا نصفه مع الأئمة الستة فيما يتعلق بالحديث حفظا وتصحيحا وتضعيفا لأن الإمام أبا حنيفة لم يعرف عنه أنه عني بالتجوال والتطواف في البلاد لجمع السنة والأحاديث من مختلف الرواة كما وقع ذلك من كثير من أئمة الحديث وبخاصة منهم الأئمة الستة البخاري وبقيتهم لكننا كما قلت آنفا نصنفه مع الأئمة الأربعة في الفقه لكننا أيضا لا نرفعه فوق منزلته التي أنزله الله فيها فلا نقول هو كأحمد إمام السّنة لكثرة روايته للحديث ومعرفته للرجال توثيقا وتجريحا بل ولا نلحقه بالإمام الشافعي رحمه الله الذي صح عنه أنه كان يقول لتلميذه الإمام أحمد رحمه الله " إذا جاءك الحديث صحيحا فأعلمني به سواء كان كوفيا أو بصريا أو مصريا أو حجازيا حتى أعمل به " ، الإمام الشافعي يعترف للإمام أحمد بتفوقه بالإحاطة بالسنة على نفس الإمام الشافعي رحمه الله هكذا ولكننا أيضا نقول إن الإمام الشافعي في الفهم من الكتاب والسنة هو أقوى في ذلك من الإمام أحمد ولولا أن الإمام أحمد ساعده على أن يتفوق على كل الأئمة المجتهدين فلولا كثرة مادته في الحديث لكان الإمام الشافعي متفوقا عليه في الفقه لأنه أقوى منه في الاستنباط ولكن الإمام أحمد رحمه الله استغنى بالأحاديث والآثار عن إعمال الرأي والاجتهاد كما فعل الإمام الشافعي كذلك نقول ليس الإمام مالك رحمه الله إمام دار الهجرة كالإمام الشافعي إحاطة بالسنة وتفقها فيها فضلا على أن يكون مثل الإمام أحمد إحاطة بالسنة فلكل منزلته فنحن إذا قلنا أن الإمام أبا حنيفة هو فقيه من الفقهاء الأربعة ولكنه ليس محدثا فلا نظلمه ولا نبخسه حقه لأن هذا كان واقعه فانشغاله بالفقه والاستنباط وعدم تيسر وسائل التجوال والتطواف في البلاد جعله يعتمد على الاستباط من الكتاب والسنة في حدود ما فتح الله تبارك وتعالى عليه ولا أريد أن أطوي الجواب عما جاء في السؤال ، مما قد يطعن فيه بعض الناس اليوم في أبي حنيفة اعتمادا على كثير ولا أقول على بعض الأقوال التي جاءت في حق أبي حنيفة وأنه لا يعتمد عليه في الحديث هنا لا بد لنا من أن نقول كلمة حق أيضا هناك كثير من العلماء والفقهاء قد عرفوا بسبب انشغالهم بالفقه أنه ضعفت فيهم حافظتهم وذاكرتهم فلم يعرفوا بإكثارهم للحديث أولا ثم لم يعرفوا بضبطهم لما رووا من الحديث ثانيا قد كان من هؤلاء محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو أحد الفقهاء السبعة وقد كان من هؤلاء أبو حنيفة الإمام الأول من الأئمة الأربعة فإذا قلنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فقيه لكنه ضعيف الحديث لم يكن هذا طعنا فيه وإنما كان وصفا له وبيانا لحاله في رواية الحديث حتى نأخذ حديثه على حذر ونعطيه المرتبة التي يستحقها حينما وصفه علماء الحديث بضعف الحفظ والذاكرة إنّ مما يدل على أن الناس كل الناس إلا من عصم الله هم ما بين إفراط وتفريط أما العدل أما الوصف فهذا قل ما نجده وهذا الذي ندعوا الناس إليه تجد المتعصبين لأبي حنيفة يرفعونه إلى السماء في ماذا لو أنهم اقتصروا في هذا إلى دقة الفهم والاستنباط كما جاء عن الإمام الشافعي رحمه الله حين قال " الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة " لو أن أتباعه المتعصبين له رفعوه إلى السماء فيما يتعلق بالفقه فقط لوجدنا لهم عذرا لأن الإمام الشافعي وهو من هو! في المعرفة والفقه كما قلنا آنفا كان لهم حجة في ذلك أما أن يصفوه بالضبط والحفظ أولا ثم أن يتوجهوا إلى الغمز واللمز والطعن في الأئمة الكبار الذين منهم الإمام أحمد والبخاري ومسلم وعبد الله بن المبارك وغيرهم ممن وصفوا أبا حنيفة أنه ضعيف في الحفظ فبلغ تعصب هؤلاء لأبي حنيفة أن يقولوا إن وصف هؤلاء الأئمة لأبي حنيفة بسوء الحفظ كان من تعصبهم عليه ومعنى ذلك أن هؤلاء الأئمة أئمة الجرح والتعديل الذين نعتمد عليهم في هذا الباب في مجال الجرح والتعديل هم ليسوا أتقياء بأنهم جرحوا أبا حنيفة في الرواية بدون حق بل تعصبا عليه فماذا فعل المتعصبون لأبي حنيفة ؟
لينقذوا أبي حنيفة من أمر لا يؤاخذ عليه شرعا طعنوا في أئمة من أئمة الجرح والتعديل لو صح طعنهم فيهم لكان جرحا فيهم فالإنقاذ إمام من أئمة المسلمين مما لا يضره من وصفه بأنه كان سيء الحفظ طعنوا في أولئك الأئمة وقد كنت استقصيت جمهورا منهم فبلغوا نحو خمسة عشر محدثا من المتقدمين والمتأخرين كلهم تتابعوا على وصف أبي حنيفة بأنه ضعيف في حديثه، طعنوا في كل هؤلاء الأشخاص من الأئمة الكبار الفحول في سبيل ماذا !إنقاذ أبي حنيفة من سوء الحفظ ليس عيبا في هذا والذي يدلكم ويؤكد لكم أن العصبية المذهبية تعمل عملها أنكم لا تجدون فيهم مثل هذا الحماس في الدفاع عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عبد الرحمن تابعي جليل ابنه محمد من الفقهاء السبعة فقيه إمام عظيم لكنه في الحديث شأنه شأن أبي حنيفة لا يدافعون عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى لأنه ليس إمام ليس له في الفقه مع أنه إمام من أئمة المسلمين في الفقه فيدافعون عن إمامهم بالباطل ولا يدافعون عن غيره لأنه لا يهمهم إلا الانتصار لأمامهم بالباطل، أعود لأقول هل وصف الرواي لما فيه يعتبر طعنا غير مشروع في الشرع ؟ الجواب : لا ولولا ذلك لم يكن هذا العلم خطير المعروف بعلم الجرح والتعديل لأن علماء الحديث لو تورعوا تورع الصوفية البارد ولم يصفوا كل راوي بما فيه من ضعف في حفظه أو في تهمة له في صدقه لأصبحت شريعة الإسلام كشريعة اليهود والنصارى لا سبيل لنا إلى تمييز ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أن اليهود والنصارى لا يستطيعون أن يميزوا بين الروايات الصحيحة التي تروى عن أنبياءهم من الروايات الضعيفة لذلك كان من مزايا هذه الأمة الإسلامية أنها تفردت بشيء اسمه الإسناد وقال بعض أئمة الحديث " الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء " ، وإيش معنى الإسناد من الدين ؟ سلسلة الرواة الذين يأخذ بعضهم عن بعض ويصل الحديث إلى الصحابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذا هو الإسناد فإذا لم نعرف حال كل راو من هؤلاء الرواة لم نتمكن من أن نستفيد من السند أولا ثم أن نعرف الحديث الصحيح من الضعيف ثانيا ، أئمة الجرح والتعديل ذهبوا إلى أنهم يتقربون إلى الله تبارك وتعالى في قولهم فلان صدوق سيء الحفظ فلان صدوق يهم كثيرا فلان فاحش سيء الحفظ فلان متروك متهم فلان كذاب فلان بضاع فلان دجال فوصف رواة الحديث من أئمة الجرح والتعديل هو من تمام نصحهم لأمتهم كما تعلمون في الحديث الصحيح ( الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ولعامتهم ) ، فإذا مللتم فأنا ما مللت بعد ولذلك أرجو الانتباه وإلا فننصرف وتنصرفون معنا راشدين إن شاء الله ولأئمة المسلمين وعامتهم فمن نصح عامة المسلمين تمييز الصالح من الطالح أولا لمعرفة الرواية وثانيا لحق الصحبة من تصاحب تصاحب المؤمن كما جاء في الحديث
( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ) ، فإذا رأيت رجلا يصاحب فاسقا أو يصاحب مبتدعا ولو كان هذا المبتدع صالح في ظاهره فجئت إلى هذا الصاحب المغرور بهذا الصالح المبتدع فقلت له يا أخي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تصاحب إلا مؤمن ) فهذا رجل مبتدع هذا رجل سيء الأخلاق ما تكون غمازا ولا تكون شتاما ولا تكون طعنا والمؤمن ليس بالطعان ولا باللعان كما جاء في الحديث الصحيح لكنك إذا وضعت الطعن في محله فأنت تكون مرضيا عنك من ربك ولعله من المفيد في هذا الصدد أن نروي لكم حديث أبي هريرة وغيره أبي هريرة حديث أبي هريرة رواه الإمام البخاري في الأدب المفرد بإسناد جيد ارتفع إلى مرتبة الصحة لمجيئه من طريق آخر جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله جاء يشكو جاره قال يا رسول الله جاري ظلمني انتبهوا الآن قول هذا المظلوم جاري ظلمني أليس طعنا هو طعنا أليس غيبة بل هو غيبة فانظروا ماذا كان موقف الرسول عليه الصلاة والسلام
إن جاري ظلمني قال ( أخرج متاع دارك وأجعله على قارعة الطريق ) ففعل الرجل والطريق بطبيعة الحال ما سمي طريق إلا لأنه مطروق فكان كلما مر ناس ورأوا هذه الظاهرة التي تلفت أنظارهم قالوا مالك يا فلان قال جاري ظلمني فما يكون منهم إلا أن يقولوا قاتله الله لعنه الله هذا طعن أم ليس طعنا، طعن فظيع والجار الظالم يسمع كل هذه المطاعن فما كان منه إلا أن ركض إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليقول له يا رسول الله مر جاري بأن يعيد متاعه إلى داره فقد لعنني الناس فقال عليه الصلاة والسلام ( فقد لعنك من في السماء قبل أن يلعنك من في الأرض ) ، من مثل هذا الحديث والبحث الطويل ولكن أوجزه ببيتين من الشعر كنت حفظتها في شبابي الشعر الفقهي الذي ينبغي أن يحفظ لأنه سلس وجميل وفيه أحكام مجموعه متفرقة في الكتاب والسنة قالوا .
" القـدح ليس بغيـبة في ستـة *** متـظـلم ومعرف ومحـــــــــــــــــــــــــــــذر
ومجـاهر فسقاً ومستفت ومن *** طلب إلا عانة في إزالـة منكر
" ، القدح الغيبة محرم لكن في هذه الأشياء الستة ليس محرما على هذا المبدأ الفقهي انطلق أئمة الحديث حينما جرحوا وعدلوا نصحا للأمة ثم كانوا من ورعهم وخوفهم من ربهم لا تأخذهم في ذلك لومة لائم، فكون محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى من الفقهاء ما حال ذلك دونهم ودون وصفه بسوء الحفظ في روايته للحديث كذلك كونهم يعلمون كما قال الشافعي أن أبا حنيفة " الناس عيال في فقهه " ما منعهم ذلك بأن يصفوه بالضعف في الحديث نصحا للأمة لماذا ؟ هذا أبو داوود صاحب السنن يتهم ابنه عبد الله بن أبي داوود فيقول بلفظة أفظع مما قيل في أبي حنيفة فيما يتعلق بالجرح يقول " ابني كذاب ابني كذاب " وعلي بن المديني أيضا يشهد في أبيه عبد الله بأنه ضعيف فلماذا هؤلاء المتعصبة يهتمون بكلام أئمة الجرح في بعض الفقهاء ولا ينظرون إلى إنصافهم حينما هذا يطعن في ابنه وذاك يطعن في أبيه كل ذلك صيانة للحديث النبوي أن يدخل فيه ما ليس منه خلاصة القول في الإجابة عن هذا السؤال إن السلفيين لا يطعنون في أحد من أئمة المسلمين وإنما ينزلون كل واحد منهم منزلته التي وضعه الله فيها هذا أولا وثانيا إن قولهم اتباعا أئمة الجرح والتعديل قولهم في إمام من أئمة المسلمين إنه ضعيف في الحديث أو لا يؤخذ بحديثه هذا ليس طعنا من قبيل الطعن الذي لا يجوز للمسلم أن يقع فيه بل هو من المستثنيات الست التي سبق ذكرها آنفا لعل بهذا الخبر كفاية ... سؤال واحد .
السائل : سؤال واحد .
الشيخ : سؤال واحد تفضل .

مواضيع متعلقة