شرح حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى اللله عليه وسلم - : ( مَثَلُ ابن آدم وماله وأهله وعمله كرجل له ثلاثة إخوة أو ثلاثة أصحاب ) وما في معناه ، وضرورة الاهتمام بالعمل الصالح . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى اللله عليه وسلم - : ( مَثَلُ ابن آدم وماله وأهله وعمله كرجل له ثلاثة إخوة أو ثلاثة أصحاب ) وما في معناه ، وضرورة الاهتمام بالعمل الصالح .
A-
A=
A+
الشيخ : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له ، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) ، (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) ، أما بعد :

فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( مَثَلُ ابن آدم وماله وأهله وعمله كرجل له ثلاثة إخوة أو ثلاثة أصحاب ، فقال أحدهم : أنا معك حياتك ، فإذا متَّ فلستُ منك ولستَ منِّي ، فهو ماله . وقال الآخر : أنا معك ، فإذا بلغت تلك الشجرة فلستُ منك ولستَ منِّي . وقال الآخر : أنا معك حيًّا وميتًا ) رواه البزار ، ورواته رواة الصحيح .

هذه الأحاديث الصحيحة هي في الواقع من حيث المعنى والموضوع كالحديث الأخير الذي انتهى به درسُنا الماضي حديث أنس ؛ حين قال الرسول - عليه السلام - : ( يتبع الميِّتَ ثلاث : أهله وماله وعمله ، فيرجع اثنان ويبقى واحد ؛ يرجع أهله وماله ، ويبقى عمله ) .

وقد تكلمنا على هذا الحديث بما تيسَّر في درسنا الماضي ؛ فلا حاجة بنا إلى أن نكرِّر الكلام على هذين الحديثين ما داما أنهما يدندنان حول ما دندن حديث أنس السابق ، ولكني أرى أنه لا بد من كلام وجيز جدًّا حول ما تُدندن حوله هذه الأحاديث وتركِّز حوله ، فنحن نرى أنها تركِّز الكلام حول العمل وأنه هو الذي يبقى ويدخل مع صاحبه القبر ، وأنه ما سوى ذلك من مال وخدم وحشم وعشيرة لا يفيده شيئًا ، وإنما يرجعون كلهم يصبح ماله إرثًا للوارثين له ، وأما أقرباؤه وعشيرته فلا يغنون عنه من الله شيئًا ؛ إذًا كأنَّ الحديث بل يعني الحديث توجيه المسلمين إلى أن يهتمُّوا بالعمل الذي سيبقى معهم أبد الدهر ، وأن لا يهتموا بمال وجاه الذي من أسباب ... الأهل والخدم والحشم .

هذا المال ما دام هذا شأنه فكأنَّ الرسول - عليه الصلاة والسلام - يُريد كما يشير المصنف حينما أورد هذه الأحاديث في كتاب الزهد في الدنيا يشير إلى أنه ما دام أن المال سوف لا يبقى ، وإنما الذي يبقى العمل ؛ فعليكم أن تُحسِنُوا العمل ، وإحسان العمل يدخل فيه المال الصالح ؛ لأنه إذا جمع مالًا وكان صالحًا وأنفَقَه - أيضًا - في السبل المشروعة كما - أيضًا - ذكرنا في الدرس الماضي ؛ فيكون هذا من العمل الصالح ومن الآثار التي يخلِّده بعد وفاته في الدنيا ، فيأتي إليه آثار عمله هذا الصالح لا سيَّما إذا كان سببه المال الصالح ؛ فإذًا الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يحضُّ في هذه الأحاديث الثلاثة على أن يُحسِنَ أحدنا عمله ؛ سواء كان عبادةً أو صلاةً أو جمعَ مالٍ ونحو ذلك ... .

مواضيع متعلقة